مقالاتمقالات مختارة

جمعية العلماء وفرنسا واللائكية

جمعية العلماء وفرنسا واللائكية

بقلم نور الدين رزيق

كما هو معلوم أن الدولة الفرنسية دولة لائكية علمانية، وهو مفهوم يعبر عن فصل الدين عن شؤون الدولة، وبالمقابل عدم تدخل الحكومة في الشؤون الدينية، وذلك استنادا إلى القانون الفرنسي لفصل الكنيسة عن الدولة سنة 1905م.

كما هو معلوم أن الدولة الفرنسية دولة لائكية علمانية، وهو مفهوم يعبر عن فصل الدين عن شؤون الدولة، وبالمقابل عدم تدخل الحكومة في الشؤون الدينية، وذلك استنادا إلى القانون الفرنسي لفصل الكنيسة عن الدولة سنة 1905م.

لا ينكر أحدٌ أن قادة جمعية العلماء استغلُّوا هذه الفرصة وهذا القانون وطلبوا فصل الدين عن الدولة، وأكثر من تحدّث في هذه القضية هو الإمام محمد البشير الإبراهيمي، حتى بلغ عددُ مقالاته فيها بضعا وعشرين مقالة.

لكن الأمر كما قال الأستاذ الهادي الحسني: أيُّ دولة طلب قادة الجمعية فصل الدين عنها؟

إن الدولة التي طلب العلماء الجزائريون فصل الدين الإسلامي عنها هي الدولة الفرنسية، وهي أشد الدول عداوة للإسلام، وكرها له، وحقدا عليه. فطلب قادة الجمعية فصل الدين الإسلامي عن دولة فرنسا يعدُّ واجبا، لأنه غير مقبول أن تشرف دولة غير مسلمة، بل صليبية على شؤون الإسلام، فتعيِّن الأئمَّة، وتشرف على المساجد، وتستولي على الأوقاف، وتنتقي الحجاج، وتحدِّد شهر رمضان، فلو لم يطلب قادة جمعية العلماء فصل الدين الإسلامي عن الدولة الصليبية -رغم ادِّعائها اللائكية- لكانوا خائنين لله، ولرسوله، ولدينه، وللمؤمنين، وهم يعلمون.

اليوم تعيش الحكومة الفرنسية ازدواجية في استعمالها لمفهوم اللائكية، فهو ساري المفعول على الديانات الأخرى، أما الدين الإسلامي فهي تتدخل حتى في تحديد مفهوم الدين وتعاليمه (إسلام فرنسي كما قال الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي) بل إنها عرضت على برلمانها قانونا جديدا يمنع حتى تعليم الدين الإسلامي في البيوت! ومنعت انتداب الأئمة من خارج فرنسا، كل ذلك حتى يحدُّوا من توسعه وانتشاره وهم في الحقيقة يكرسون الاسلاموفوبيا في المجتمع الفرنسي، وما الحملة الشرسة التي دشنها ماكرون مؤخرا بتشجيع كل ما يهاجم ويسيء للدين الإسلامي ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويزعم أنه لائكيٌّ يدافع عن الحرية والمبادئ والقيم الإنسانية وهو لم يحترم مواطنيه الفرنسيين المسلمين، وهي ثاني ديانة بعد النصرانية، ورغم أن قانون 2004م وسَّع مفهوم اللائكية ليشمل المساواة في التعامل مع جميع الديانات، لكن هذا حال المهزومين فكريا وحضاريا: يعتدون على قانون وضعته أيديهم، بل أقول إن مَردَّ هذا التصرف ردّة فعل من هزيمته في مالي بما دفعته فرنسا من أموال وتحرير الأسرى والصدمة العنيفة للرئيس ماكرون أمام الرهينة الفرنسية مريم بترونين (صوفي) إذ حدث ما لم يكن في حسبانه فلم تصافحه وأسمعته ما لا يرضى شيطانه، ولكن كما قال تعالى:
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (8/ الصف).

(المصدر: صحيفة بوابة الشروق الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى