مقالاتمقالات مختارة

جذور العداء الهندوسي لمسلمي الهند

جذور العداء الهندوسي لمسلمي الهند

بقلم سمير حسين زعقوق

جذور العداء الهندوسي للمسلمين تمتد منذ عدة قرون، وهي تبدأ منذ الفتح الإسلامي لبلاد السند على يد محمد بن القاسم، ابن عم الحجاج بن يوسف الثقفي، وتمكن من الانتصار على الهندوس بقيادة ملكهم داهر وحطم أصنامهم ومعابدهم، ونشر شعائر الإسلام فيها.

ولم ينس الهندوس أن محمد بن القاسم، والسلطان محمود الغزنوي قاما بتحطيم أصنامهم التي يعبدونها، خصوصًا تدمير صنمهم الأكبر المسمى «سومنات» في إقليم جوجرات الذي شهد محرقة للمسلمين عام 2002، عندما أحرق الهندوس نحو 3000 مسلم، في أثناء رئاسة «نارينداد مودي» رئيس وزراء الهند الحالي للولاية، زعيم أكبر تنظيم هندوسي إرهابي في الهند، وهو حزب بهارتيا جاناتا.

أطلت عاصفة مكافحة الإرهاب على العالم وكادت تغطيه بالكامل بعد أحداث الحادي عشر من شهر سبتمبر 2001م، تقوم على أسس ومبادئ توصف بالازدواجية، وعدم تحري الحقيقة بكل الموازين.

فالقائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية تشمل المنظمات الإسلامية أو الجهادية السنية فقط، أما المنظمات الإرهابية الحقيقية الهندوسية والصهيونية، فإنها لا تعتبر إرهابية وفقاً للمعايير الأمريكية.

ويواصل المجتمع (المنافق) تجاهله للإرهاب الذي تقوده المنظمات الهندوسية الذي فاق الوصف، والذي يتم تحت حماية الدولة، التي أخذت على عاتقها حماية الإرهابيين الهندوس، الذين يمارسون إرهابهم ضد الجميع (مسلمين ومسيحيين وسيخ) تحت راية دولة الهند وسنتعرض في السطور التالية للإرهاب الهندوسي ومنظمات الهندوس الإرهابية علَّ ذلك يكون صافرة إنذار للعالم ليتحرك أو يترك المسلمون لاسترداد حقهم المسلوب.

وقبل أن نبدأ في العرض سنشير في عجالة إلى العقاب الجماعي الذي يتعرض له المسلمون في الهند،

ما يحدث للمسلمين في الهند يدفع المتابع إلى إقرار أن ما يتعرض له المسلمون الهنود هو مخطط ممنهج يتم بعناية فائقة، ولا أدل على ذلك من عقاب المسلمين عقابًا جماعيًا، ففي كل مرة تقع حادثة تفجير إرهابية يقبض على مسلمين ويُتَّهمون، وهناك عشرات الآلاف من النماذج تؤكد أن قوات الشرطة تعتبر المسلمين ليسوا إلا مجرمين أو إرهابيين.

واعتبرت صحيفة «واشنطن تايمز» الأمريكية في عددها الصادر السبت 21 فبراير 2010 أن مصطلح «العقاب الجماعي» المصطلح الأنسب لوصف ما يتعرض له مسلمو الهند من انتهاكات وتمييز مع كل حادثة عنف توصف بـ«الإرهابية» تقع في البلاد؛ حيث يفرض عليهم المجتمع ذو الغالبية الهندوسية «الشعور بالذنب، وتتفاقم ضدهم الممارسات المهينة».

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن ليلى عاطف، وهي مواطنة هندية مسلمة تبلغ من العمر 30 عاما، وتعمل في مجال التسويق: “في كل مرة تقع حادثة تفجير إرهابية يقبض على مسلمين ويتهمون، وكأن المجتمع المسلم في الهند يجب أن يدان بأكمله؛ لمجرد مشاركة بعض المسلمين في عمليات من هذا النوع”.

وتساءلت: هل يمكن أن نوجه نفس الاتهام الجماعي لشرائح المجتمع الأخرى؟.

ومن بين أكثر من 160 شخصًا لقوا حتفهم في عمليات بومباي، التي جرت في نوفمبر 2008م، كان ثلث الضحايا على الأقل من المسلمين.

ونظم مسلمو الهند عدة فعاليات استنكروا فيها هذه «الهجمات الإرهابية»، ورفضوا دفن منفذي الهجمات في مقابر المسلمين، وعلق المسلمون في المساجد، وكذلك نجوم الفن المسلمون في بوليوود – عاصمة صناعة السينما الهندية – شارات سوداء إدانة منهم لتلك الهجمات.

وقال سابيتندراناثاه روي، وهو ناشر هندي في سيمنار عن العلاقات بين المسلمين والهندوس في الهند، في مؤتمر عقد في مدينة كالكتا: أكثر من 41 من الذين قتلوا في هجمات بومباي كانوا مسلمين، وأضاف: هذا أمر متطرف وعدواني أن ندين مسلمي الهند؛ بسبب مثل هذه الهجمات؛ لمجرد أن الإرهابيين كانوا مسلمين أو جاءوا من باكستان.

وقال سوجاتو بهادرا العضو التنفيذي في اتحاد حماية الحقوق الديمقراطية في الهند: “هناك عشرات الآلاف من النماذج لتعنت قوات الشرطة ضد المسلمين، والشرطة في الهند غالبا ما تعتبر المسلمين ليسوا أكثر من مجرمين أو إرهابيين”.

وأضاف: ثلاثة أشهر من التحقيق مضت، بينما الصحف التي يفترض أنها تكشف الفساد نجد أنها تتبع نهجا منتظما في مطاردة غريبة ضد المسلمين الأبرياء.

وكتب تارون ج. تيجبال رئيس تحرير مجلة «تهيلكا» الأسبوعية: “مما يدعو للأسى أنه حتى العملية القضائية ترتكب بعض المخالفات المزرية لقواعد العدالة”.

تمييز عنصري

ويواجه المسلمون معاناة طويلة مع التمييز العنصري، وتردي مستوى المعيشة مقارنة مع أقرانهم من الهندوس.

وبتعبير المحلل السياسي «أماريش مسرا»، والذي يعمل من بومباي، فإن هناك تيارًا خفيًا يعادي المسلمين، وبرغم أنه صغير، إلا أنه مهيمن؛ حيث يسيطر على مراكز الحكم والتعليم، بجانب وجوده في نخبة رجال الأعمال في البلاد.

وأضاف مستنكرًا: هذا التيار بدأ يلقي المسلمين خارج الشركات والأعمال وكذلك خارج المنازل!!.

وكان وزير العلوم والتكنولوجيا الهندي «كابل سيبال» -وهو هندوسي- قد أقر بالتمييز الواقع ضد المسلمين، وقال: إن المسلمين ضحايا تمييز عنصري تمارسه الحكومة والشعب على نطاق واسع.

كما لفت النظر إلى أن (العديد من المسلمين تلفق لهم اتهامات باطلة بالتورط في الإرهاب).

والواضح أن الإرهاب يشكل ظاهرة مُتأصِّلة في السياسة الهندية، فداخليًا، تعتم الهند تعتيمًا ضمنيًا على الإرهاب الذي نشأ وترعرع في البلاد بلعبة إلقاء اللوم على باكستان. إذ رأينا في شتى حوادث تفجير القنابل التي وقعت في الهند تشابهًا في نمط وأسلوب الاتهامات التي ألقتها على الفور على باكستان. إلا أن التحقيقات التي أجراها مكتب الاستخبارات المركزية قد أكدت تورط واشتراك منظمة الـ(RSS) الهندية في تنفيذ مختلف التفجيرات في الهند وهو ما يشير إلى أن ظاهرة الإرهاب الهندوسي ظاهرة متأصلة في السياسة الهندية.

وقد نُحتت كلمة «Hindutva» لتشير إلى من يؤمنون بضرورة إتباع سكان عموم الهند لمبادئ وقوانين العقيدة الهندوسية التي تعد أكبر العقائد انتشارا في الهند.

ولم يعد سرًا أن منظمة «سنج باريوار» وهو الاسم الذي تلقب به المنظمات الهندوسية المتشددة التي تستغل الدين من أجل إثارة العنف الطائفي في الهند، وخير دليل على ذلك المذبحة المسيحية في ولاية “أوريسا” بالهند، وتفجيرات القنابل في كل من «ماليجون» و«موداسا».

وقد تورطت العديد من المنظمات الدولية التابعة لمنظمة الـ(RSS) مثل الصندوق الهندي للإغاثة والتنمية، ومنظمة الأصدقاء الدوليين الـ(BJP) التي تتخذ من نيويورك مقرًا لها، ومنظمة «سيوا يواهاج» في جمع أموال طائلة من شتى دول العالم ومن الهنود في جميع أنحاء العالم تحت عباءة العمل الخيري وتوزيعها على جماعات منظمة «سنج باريوار» المتورطة في العنف ضد الأقليات في الهند.

ويمول الهنود المشتتون في جميع أنحاء الأرض المنظمات الهندوسية المتطرفة في الهند.

وتوجد العديد من الأدلة والبراهين التي تشير إلى أن عناصر محلية تمامًا، ومنظمات هندوسية متطرفة متورطة في العديد من الأعمال الإرهابية التي وقعت في الهند ففي 24 من شهر يناير 2008 وقعت تفجيرات في مكتب حركة (RSS) ببلدة تينكاسي، مدينة تاميل نادو، وقامت شرطة المدينة بإلقاء القبض على سبعة أفراد ينتمون إلى جماعة سنج باريوار، واعترفوا بأنهم تورطوا في هذا العمل الإرهابي من أجل إثارة وتحريض الهندوس ضد المسلمين.

وفي شهري أغسطس وسبتمبر عام 2008، وقعت سلسلة من الهجمات على المسيحيين في مدينة «أوريسا»، و«كارناتاكا»، وصرح وزير الداخلية الهندي وقتئذٍ بأن منظمة «باجرانج دال» هي المسئولة عن هذه الهجمات.

وفي العاشر من نوفمبر 2008، قُتل ناشطين من حركة «راشتريا سوايام سواك» في انفجار قنبلة في مدينة شيروفانشيري، بلدة كنّور. وقد وقعت الحادثة في أثناء قيامهم بتصنيع القنابل.

وقد اعترف «ناجاراج جامباجي» – عضو من أعضاء الجماعة الهندوسية اليمينية الراديكالية – في الثاني عشر من شهر يناير عام 2009 وهو في السجن بأنه اشترك في تفجيرات محكمة هوبلي  عام 2008، وقد سبق واتهمت حركة الطلاب المسلمين بالهند بارتكاب هذه التفجيرات.

وفي مايو 2010، أثبتت تحقيقات مكتب الاستخبارات المركزية علاقة البرنامج الإرهابي بمدينة «إندور» بالهند الذي ينتمي إلى منظمة الـ(RSS) في تنفيذ تفجير مسجد مكة في مايو 2007 بمدينة حيدر أباد، وتفجير مقام عجمر الصوفي في أكتوبر 2007 بمدينة راجاستان، وتفجير سبتمبر 2008 ببلدة «ماليجاون» بمدينة «مهاراشترا». وقد صُنعت هذه القنابل من مواد متفجرة مثل مادة (RDX) و(TNT) وتم توصيلها بأجهزة تليفونات محمولة عبر أسلاك.

إن فهم الأسباب التي تدفع الهندوس لهذه الجرائم والمجازر لا يتم بغير العودة إلى جذور العقيدة الهندوسية وتعاليمها التي تفيض حقدًا وكراهية وعداءً للبشرية عامة وللإسلام والمسلمين بشكل خاص.. وهي ديانة يكتنف أصلها الغموض حتى بالنسبة للمؤرخين والمفكرين الهندوس أنفسهم، كما أنها لم تخرج عن دائرة الهنود مما جعلهم يحيون في مجتمعات معزولة تسودها نظرة طبقية لا إنسانية نحو غيرهم من غير معتنقي الهندوسية.. ويعبر عن ذلك العالم الهندوسي «سوامي مهاراج» بالقول: إن الديانة الهندوسية قد انتشرت من خلال محافظة الهندوس على مجتمعاتهم في حالة من العزلة الشعورية عن بقية المحيط الذي يعيشون فيه ولم يعترفوا أبدًا بفكرة الإنسانية كإطار فسيح للأخوة والعلاقات الودية بين بني البشر!!» ويوضح عالم آخر هو «وليام جولانت» طبيعة سلوك الهندوس تجاه غيرهم يقول: «إن أي محاولة لفهم الهندوسية يجب إرجاعها إلى الطبيعة الخاصة للهند من خلال إصرار الهندوس على اعتبار أن ديانتهم هي ديانة تنتمي إلى الهند وتخص الشعب الهندي»!!

وعن أصل تسمية «هندوسية» يقول البروفيسور نيراد شادري: «في الحقيقة إنه لم يكن هناك أي خلفيات تاريخية لهذه التسمية، بل ظهرت عندما بدأ المستشرقون الأوروبيون دراسة الديانات في الهند ووجدوا أن الهندوس أنفسهم ليست لديهم أي تسمية لما يعتقدون به كديانة وشعائر تعبيرية سوى اسم «سنتانا درهما» أي (الطريقة الروحية أو الداخلية) وهو ما لم يكن له مرادف في المصطلحات الأوروبية، وقد دفع هذا المستشرقين إلى ابتكار تسمية «الهندوسية» كمصطلح يعبر عن كل ما يعتقد به الشعب الهندوسي ويتعبد به!!

ويوضح: إننا لم نـُعْرَف باسم الهندوس لاتباعنا ديانة تسمى الهندوسية، بل إن ديننا عرف بالهندوسية لأن من يعتقدون به يسمون الهندوس!!

والديانة الهندوسية عقيدة فضفاضة في قلوب معتنقيها ولا يوجد فيها ما يمكن اعتباره عقيدة مركزية أو موحدة تجاه الإيمان بإله واحد أو مكان أو شخص. والهندوسي يظل هندوسيًا سواء ذهب إلى المعبد أم لم يذهب، ويظل كذلك حتى لو لم يعتقد بـ «كريشنا» ككبير لآلهة الهندوس، وحتى لو لم يعتقد بأن الكتب الهندوسية الأربعة والتي تعرف بـ «الفيدا» هي كلام الإله!!

وهي ديانة وثنية تتعدد فيها الآلهة، وتعتبر «البقرة» من كبار آلهتهم ومجازرهم الوحشية ضد المسلمين يعود سببها الرئيسي إلى ذبح البقرة.. إلههم المقدس ـ من قبل المسلمين!!

للحديث تتمة

(المصدر: صحيفة الامى الالكترونية)ش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى