خليل مبروك – الجزيرة.
تواصل رئاسة الشؤون الدينية التركية الحوار الذي أطلقته مع أكثر من ثلاثين جماعة دينية لاعتماد مبادئ إسلامية عامة تضبط أداء تلك الجماعات، و”تضمن عدم تكرار تجربتي جماعة الخدمة وتنظيم الدولة الإسلامية”.
وحددت الشؤون الدينية خمسة مبادئ لعمل الجماعات؛ تتمثل في عدم اللجوء إلى العنف بأي شكل من الأشكال، وعدم تكفير أي جماعة لغيرها، وعدم الإقصاء، والتمسك بالمحددات الرئيسية للإسلام، وعدم إضفاء هالة دينية على الأشخاص.
ووصفت مصادر من رئاسة الشؤون الدينية المبادئ المذكورة بأنها “خلاصة ما جرى التباحث حوله خلال اللقاءات”، مؤكدة أن تطبيق هذه المبادئ سيترك للاعتناق الذاتي من قبل كل مؤسسة دون أن يحمل صفة التقنين أو الإلزام.
وأكدت المصادر للجزيرة نت أن الهدف من تحديد هذه المبادئ هو تحجيم القيم والأفكار التي تنطلق منها بعض الجماعات لتحقيق مآرب خاصة بها باسم الدين، وفي مقدمتها جماعة الخدمة التي يتزعمها التركي المعارض المقيم في الولايات المتحدة الأميركية فتح الله غولن، وتنظيم الدولة.
وترمي المبادئ الخمسة التي أعلنتها رئاسة الشؤون الدينية لتجفيف المنابع الفكرية لجماعة غولن وتنظيم الدولة الإسلامية.
وعلمت الجزيرة نت أن من بين المشاركين جماعات: رسالة النور، ونور الإخلاص، وإحياء العلوم، وسليمان أفندي، وأوقاف الخيرات، والجيل، وغيرها من المؤسسات ذات النشاط العميق والتأثير الواسع في المجتمع التركي.
ترحيب وانسجام
كما أكدت مصادر إعلامية تركية أن المبادئ الخمسة لقيت ترحيبا من المنظمات الدينية المتحاورة، متوقعة أن يعلن في وقت قريب لقاء نهائي يجمع رئيس الشؤون الدينية محمد غورماز وجميع المنظمات.
ووفقا لمراجعة قدمها الأمين العام لرابطة علماء أهل السنة عبد الوهاب أكنجي فإن قيمة المبادئ الخمسة تكمن في انسجامها مع أحكام الإسلام، الذي يؤصل لها “كواجبات يجب أن يلتزم بها كل مسلم وكل جماعة من الجماعات التي تتبنى العمل الإسلامي”.
وقال أكنجي للجزيرة نت إن قضية التكفير التي تناولتها هذه المبادئ تمثل إحدى المآسي التي عانت منها أمة الإسلام طوال تاريخها، وإنه بات من الضروري إشهار المبدأ الذي يلزم كل مسلم بالابتعاد عن تكفير من لا يتبنى اجتهاده.
ولفت إلى أن الإسلام دين سلام، وأن جميع الحركات المتشددة “فكريا أو موقفيا هي وليدة للمؤامرات الخارجية الهادفة إلى إشعال الفتنة في أوساط المسلمين واستغلالهم لتطبيق أهدافها لتدمير العالم الإسلامي وتمزيقه”.
وأشار أكنجي إلى أنه من الطبيعي أن تقبل الجماعات الدينية المبادئ الخمسة؛ نظرا لانسجامها مع مبادئ الإسلام.
لكنه شدد على عدم توظيف تلك المبادئ لإغلاق الأبواب أمم أعمال الإرشاد والإصلاح التي تقوم بها بعض المؤسسات والجهات للمجتمع.
حملة مستمرة
وتبذل تركيا جهودا متواصلة لتقويض جماعة الخدمة منذ اتهامها بتدبير محاولة انقلاب عسكري فاشل في 15 يوليو/تموز الماضي.
وشملت الحملة اعتقال الآلاف من أنصار الجماعة وفصل آلاف آخرين من أعمالهم وإغلاق المئات من المؤسسات التابعة لها.
كما تخوض أنقرة عبر حدودها الجنوبية مع سوريا والعراق حربا مفتوحة مع تنظيم الدولة الذي استهدف الداخل التركي بعشرات العمليات المسلحة خلال العامين الماضيين.
وسبق أن أصدرت رئاسة الشؤون الدينية التركية تقريرا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي صنفت فيه جماعة الخدمة منظمة إرهابية.
وقال التقرير إنه من غير الممكن وصف “الخدمة” بالجماعة الإسلامية لأن “زعيمها يتبنّى مواقف متغيرة حسب مقتضيات الحاجة، وإنه وجماعته تحولا مع مرور الزمن إلى منظمة تمتلك مشاريع سرية، وتُشرّع لنفسها كافة الافتراءات والأكاذيب لتحقيق مآربها وأهدافها السرية”.