تغطية إخبارية لملف السجناء بالسعودية
تشير تقارير حقوقية إلى أن حقوق الإنسان بالسعودية في أسوأ حالاتها، وقد أطلقت منظمة العفو الدولية في تقرير لها على الفترة بين مايو/أيار 2018 ومايو/أيار 2019 “عام العار”.
وأدانت هيومن رايتس ووتش الأوضاع الحقوقية بالمملكة، ووصفت عمليات الإعدام التي نفذتها الرياض في أبريل/نيسان الماضي بأنها دليل مخيف على ازدراء السلطات السعودية الصارخ للحياة البشرية.
وبتاريخ 10 سبتمبر/أيلول 2017 اعتقلت السلطات السعودية ما لا يقل عن 73 شخصا، معظمهم من العلماء والمفكرين والأكاديميين والكتاب والقضاة والنشطاء الاجتماعيين، وعرض معظمهم على محاكمات سرية، وفي مايو/أيار 2018 زج بعدد من الناشطات والحقوقيات في السجون، وأضيف هؤلاء إلى عشرات المعتقلين السياسيين الذين يقبعون في السجون منذ سنوات.
ووسط قلق دولي متنام من تدهور حقوق الإنسان في السعودية -خصوصا بعد عملية القتل الوحشية للصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018- تفيد تقارير صحفية بإمكانية إقدام سلطات الرياض على تنفيذ حملة إعدام جديدة خلال الفترة المقبلة بحق علماء كبار ونشطاء.
مهددون بالإعدام
في سبتمبر/أيلول الماضي طالبت النيابة العامة السعودية في جلسات سرية بإعدام ثلاثة من العلماء هم: سلمان العودة وعلي العمري وعوض القرني، وكان من المنتظر أن تعقد جلسة لمحاكمتهم بداية مايو/أيار أمام المحكمة الجزائية المختصة، لكنها أرجئت لسبب غير معلوم.
وأشارت تقارير إلى أن السلطات السعودية تستعد لإصدار حكم بإعدام العلماء الثلاثة وتنفيذه بعد رمضان، كما طالبت النيابة أيضا بإعدام الناشطة إسراء الغمغام وأربعة نشطاء آخرين من المنطقة الشرقية.
ولد في 14 ديسمبر/كانون الأول 1956 بمنطقة القصيم ويعد من أبرز الدعاة وعلماء الدين والمفكرين بالسعودية ومن رموز ما عرف بتيار الصحوة، وقع في مايو/أيار 1991 مع سفر الحوالي وعائض القرني وناصر العمر ما عرف بخطاب المطالب الذي شمل المطالبة بإصلاحات قانونية وإدارية واجتماعية وإعلامية تحت إطار إسلامي، واعتقل في الفترة بين 1994 و1999.
اعتقل في 10 سبتمبر/أيلول 2017 مباشرة بعد كتابته تغريدة رحب فيها بتقارير عن مصالحة محتملة بين الرياض والدوحة، وفي سبتمبر/أيلول 2018 وجهت له محكمة جنائية متخصصة بالرياض نحو 37 تهمة، بينها محاولة قلب النظام السعودي، والانتماء إلى جهات ومكونات غير مرخصة وحكمت بإعدامه ” قتله تعزيرا”.
مفكر وداعية، يعد من أبرز العلماء وقادة الرأي المعتقلين بالسعودية، ولد في 11 فبراير/شباط 1973 في جدة، حاصل على الدكتوراه في الفقه المقارن، رئيس جامعة مكة المكرمة المفتوحة ومؤسس ورئيس مجلس إدارة قناة فور شباب الفضائية وموقع ومنتديات فور شباب.
اعتقل في سبتمبر/أيلول 2017 ضمن حملة اعتقالات للعلماء والدعاة في السعودية طالت العشرات وأغلقت السلطات السعودية قناة “فور شباب” التي يديرها، وجهت له النيابة أكثر من 30 تهمة مزعومة، من بينها تشكيل “منظمة شبابية لتحقيق أهداف تنظيم سري إرهابي داخل المملكة”، وطالبت بإعدامه “قتله تعزيرا”.
وأشارت صفحة “معتقلي الرأي” إلى أن العمري عانى من حروق وإصابات شديدة في كل أنحاء جسمه بسبب تعرضه لتعذيب جسدي وحشي بالضرب والصعق بالكهرباء وإطفاء أعقاب السجائر طوال فترة اعتقاله في العزل الانفرادي التي استمرت 15 شهرا قبل نقله أوائل 2019 للسجن الجماعي.
داعية سعودي، ولد عام 1957 في محافظة بلقرن بمنطقة عسير (جنوب غرب)، حصل على الدكتوراه في الشريعة الإسلامية تخصص الفقه وأصول الفقه، عمل أستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع أبها ثم جامعة الملك خالد، وترأس الاتحاد السعودي للبرمجة اللغوية العصبية، وهو من رموز ما يعرف بتيار الصحوة.
اعتقل في سبتمبر من العام 2017 ضمن موجة اعتقالات العلماء والمفكرين على خلفية اتهامات مزعومة بالتعاطف مع قطر ومناصرة جماعة الإخوان المسلمين، ووجهت له أيضا تهم التحريض على القتال في مناطق الصراع والفتنة والتحريض بالإساءة لقادة الدول الأخرى والانضمام إلى كيان إرهابي، حكمت عليه المحكمة الجزائية المختصة بالإعدام “القتل تعزيرا”، وذلك في محاكمة سرية في سبتمبر/أيلول الماضي، عانى من تدهور شديد في صحته جراء الإهمال والضغوط النفسية الكبيرة في السجن.
ناشطة حقوقية من مدينة القطيف، ولدت عام 1989، عرفت بالمشاركة في المظاهرات الجماهيرية التي بدأت أوائل عام 2011 في المنطقة الشرقية وتوثيقها، اعتقلتها السلطات مع زوجها موسى الهاشم في ديسمبر/كانون الأول 2015 وتحتجزهما في سجن المباحث بالدمام وتحاكم بتهمة بالتحريض على التظاهر في المنطقة الشرقية، وفي أغسطس/آب 2018 طالبت النيابة العامة بإعدامها مع أربعة نشطاء شيعة آخرين.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن “أي عملية إعدام مشينة، ولكن طلب إنزال عقوبة الإعدام بنشطاء مثل إسراء الغمغام الذين لم يتهموا حتى بالقيام بسلوك عنيف هو أمر رهيب”.
سجناء الرأي
تختلف التقديرات بشأن عدد السجناء السياسيين في السعودية في ظل التعتيم الكبير، وفي آخر إحصائية له أشار حساب “معتقلي الرأي” إلى وجود 2613 سجينا سياسيا من جميع الشرائح والفئات يتوزعون على سجون عدة، ورجح ناشطون أن يكون الرقم يخص فقط المعتقلين منذ سبتمبر/أيلول 2017، حيث زادت وتيرة الاعتقالات بعد تولي محمد بن سلمان ولاية العرش في يونيو/حزيران 2017.
أساليب التعذيب
كشفت المنظمات الحقوقية -وبينها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش- في تقارير متعددة -آخرها في أبريل/نيسان 2019- عن تعرض السجناء السياسيين بالسعودية لأساليب تعذيب مختلفة لا تفرق أحيانا بين سن المعتقل أو جنسه، وتحدثت عن إخضاع سجينات الرأي والناشطات الحقوقيات المعتقلات للمعاملة الحاطة بالكرامة والتحرش الجنسي.
وحسب تقرير لموقع “معتقلي الرأي”، فإن أساليب التعذيب في السجون السعودية -وفق كثير من شهادات المفرج عنهم- كثيرة ومرعبة، ومن أهمها:
يتعرض المعتقل للصفع والضرب بشتى أنواع الوسائل المتاحة من سياط وعصي حديدية وخشبية عليها مسامير، وذلك على مختلف أنحاء الجسم بدءا من الرأس إلى الظهر إلى الذراعين والساقين، ولا تستثنى المناطق الحساسة في الجسم.
يتم ربط جسم المعتقل بأسلاك كهربائية إلى مصدر للكهرباء القوية، ثم يتم تشغيل أقصى طاقة للكهرباء لتمر عبر جسم المعتقل مسببة له آلاما وحروقا، وتتكرر هذه العملية مرات عديدة حتى يفقد المعتقل وعيه، تتم إعادة العملية عدة مرات، وأحيانا يتم رشه بالماء ليصبح جسمه ناقلا ومستقبلا للكهرباء فتتضاعف الآلام والحروق.
يتم تقييد يدي المعتقل وقدميه، ثم تعليقه إما من اليدين أو مقلوب الرأس (أي تعليقه من القدمين) لساعات طويلة من دون توقف، وفي الأغلب يصار إلى تعليق المعتقل بعد نزع ثيابه إمعانا في الإذلال، كما يتم رشه بماء مثلج أو إلقاء أوساخ عليه وتركها تسيل على أنحاء جسمه.
يجبر المعتقلون على خلع ثيابهم تحت التهديد والصراخ والشتائم، وفي الأغلب يتم إجبار مجموعة من المعتقلين على خلع الثياب أمام بعضهم البعض بشكل حاط للكرامة وما يعنيه ذلك من إذلال وإهانة.
يوضع المعتقلون في زنازين قريبة من غرف التعذيب ليسمعوا صراخ من يتعذبون بجوارهم بشكل مستمر، ما يمنعهم من النوم، كما يوضع المعتقل في غرفة فيها إضاءة متحركة أو مصدر صوت متكرر برتابة تكسر الصمت وتنبه اليقظ وتمنع النوم، مثل قطرات ماء تنزل بشكل متواتر كل بضع ثوان بما ينبه الجهاز العصبي ويمنع النوم لأيام متتالية.
يقوم السجان أو المحقق بإحراق أجزاء من جسم المعتقل -بما فيها المناطق الحساسة- من خلال إطفاء سيجارة مشتعلة فيه، وهذه الطريقة بالطبع تترك آثارا دائمة على الجسم، لدفع المعتقل إلى الاعتراف بتهم لا علاقة بها.
مع عمليات التعذيب التي يتعرض لها وتترك ندوبا جروحا وأحيانا كسورا يُلقى المعتقل في زنزانة خالية من جميع الشروط الصحية (التهوية، أشعة الشمس..) فتتفاقم حالته، ولا يتلقى أدوية أو مسكنات، ولا يسمح لطبيب السجن بالكشف عليه إلا إذا تعكرت حالته جروحه، وهو ما تسبب بتشوهات وإعاقات للكثيرين.
أشار بعض المعتقلين المفرج عنهم إلى أن السجانين يعمدون إلى استعمال الكماشات لقلع أظافر السجناء كشكل من أشكال التعذيب، كما يستهدفون الأظافر خلال ضرب السجين لإحداث أكبر ألم ممكن.
نقلت منظمة العفو الدولية عن مصادرها أن بعض السجينات تعرضن لتحرش جنسي والعناق والتقبيل القسريين من قبل سجانين ملثمين، لكنها لم تكشف عن هويات النساء خوفا من تعرض مصادرها للانتقام.
أشهر السجون
تضم السعودية عددا كبيرا من السجون تتوزع على معظم مناطق البلاد، لكن بعضها اكتسبت شهرة محلية وعالمية لأنها تضم سجناء الرأي، وأودع فيها منذ سبتمبر/أيلول 2017 عدد كبير من مشاهير الدعاة وعلماء الدين والصحفيين والكتاب ورجال أعمال وناشطات شهيرات.
(المصدر: الجزيرة)