تساؤلات في ذكرى فاجعة سيدنا الحسين -رضي الله عنه-
بقلم د. محمد عياش الكبيسي
في الروايات المتعاضدة عند السنة والشيعة أن عدد الذين خرجوا مع الحسين كانوا قرابة المائة، وفيهم عدد من النساء والأطفال، فهل يمكن تسمية هذا الخروج ثورة؟ وهل يمكن أن تكون هذه الثورة -لو سلمنا بتسميتها ثورة- نموذجا يحتذى به للثائرين؟
أو أن القراءة الصحيحة أنه -رضي الله عنه- قد خرج مصلحا، ومعلما للخير، بعد أن دعاه أهل الكوفة وقد كان فيهم من رجال أبيه وأخيه الحسن -رضي الله عنهم أجمعين- أيام كانوا جميعا في الكوفة، فرأى من الوفاء أن يلبي دعوتهم وينظر في أحوالهم ومستقبل أمرهم، مع تأكيدنا أنه كان رافضا لحكم يزيد، لكن هذا الرفض لم يتحوّل إلى ثورة، وخروجه بهذا العدد وبهذه الكيفية لا يدل أبدا على أنه خرج ثائرا..
نعم غاية ما في الأمر أن يقال: إن الحسين ربما كان يفكر بالثورة لو استجمع له من الأنصار ما يكفي، لكن هذا ظن وتخمين لا يمكن الاعتماد عليه، خاصة أنه كان ملتزما بالصلح الذي أبرمه أخوه الحسن مع جيش الشام، ولم يصدر من الحسين ما يدل على نقضه لهذا الصلح، ورفضه لبيعة يزيد لا يمكن اعتباره نقضا للصلح، فهذا شيء، وهذا شيء.
إن الحسين وفق القراءة الموضوعية والواقعية المنصفة قد قُتل مظلوما بلا شك، هو وكل من قُتل معه، وإن الذين قتلوه قد باءوا بسخط الله، ومعهم كل من شارك أو رضي، ونحن لا نتردد في إعلان البراءة من هؤلاء القتلة، وأما مقاتلة الحسين لهم فقد كانت للدفاع عن النفس والأهل، وليس من أجل الحكم أو الخلافة، فهذه الغاية لو صحّت فإن هذه الوسيلة لا تحققها ولا تناسبها.
تجدر الإشارة هنا إلى أن عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- كانا آخر من ودعهما الحسين في الحجاز بعد أن حذّراه من غدر أهل الكوفة، مما يدلل على عمق العلاقة بين آل عليّ وآل العباس وآل الخطّاب، على خلاف ما تدعيه الشعوبية الحاقدة.
ونأمل أن تبقى دماء الحسين مدادا يسطّر منهج الإصلاح والمحبة والخير في أمة جده -عليه الصلاة والسلام- كما كان نهجه هو وغايته، لا أن تكون سببا للفتنة والانحراف كما يريدها أعداؤه وأعداء جده، وأعداء هذا الدين عموما.
وصلى الله وسلّم على نبينا الكريم وآل بيته وصحابته ومن تمسك بهديه إلى يوم الدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(المصدر: صفحة د. محمد عياش الكبيسي)