تدوين القرآن الكريم في مقابل تدوين الكتاب المقدَّس: أيهما أجدر بالموثوقيَّة؟ 2من 7
إعداد د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن
2.أسباب التَّشكيك في موثوقيَّة العهد القديم
يقدّم الباحث محمَّد السَّعدي في دراسته التَّفصيليَّة دراسة في الأناجيل الأربعة والتَّوراة (1985م) مسائل دفعت الباحثين في مقارنة الأديان إلى التَّشكيك في موثوقيَّة العهد القديم في الكتاب المقدَّس، وفي صحَّة انتسابه إلى الوحي الإلهي المنزَّل على نبيّ الله موسى وأخيه هارون (عليهما السَّلام). يشير الباحث إلى عدَّة أسباب للتَّشكيك، يأتي على رأسها تعذُّر ثبوت نسبة التَّوراة إلى النَّبيّ موسى وتعذُّر ثبوت تواترها، ووجود اختلافات بين التَّوراة والمخطوطات القديمة لها، والتَّناقض بين أسفار العهد القديم، والتَّغافل عن تناوُل الآخرة والبعث والحساب بعد الموت، وتشابُه الأحداث مع أساطير الأمم السَّابقة، وفوق كلّ ذلك تحريف مفهوم الألوهيَّة والإساءة إلى الأنبياء. يستهلُّ الباحث تحليله بالإشارة إلى أنَّ الإيمان بنزول التَّوراة على أنبياء بني إسرائيل منصوص عليه في القرآن الكريم، مصداقًا لقول الله تعالى “إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا” (سورة المائدة: الآية 44)، ولكن ممَّا أشار إليه تعالى في قرآنه أنَّ أهل الكتاب حرَّفوا كلامه عزَّ وجلَّ في سبيل تحقيق أهداف دنيويَّة؛ يقول الله “فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ” (سورة البقرة: الآية 79). وقد أشار الله تعالى كذلك إلى تعمُّد أهل الكتاب كتمان بيان الوحي الإلهي، حفاظًا على مصالحهم “قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ” (سورة الأنعام: الآية 91).
يختلف مفهوم التَّوراة في الكتاب المقدَّس عنه في القرآن الكريم؛ فالله تعالى يوضح أنَّ التَّوراة قد أُنزلت على عدد من أنبيائه، وليس على موسى بن عمران وحده: “إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ” (سورة المائدة: الآية 43). لم تُقرن التَّوراة بنبيّ الله موسى وأخيه هارون (عليهما السَّلام) في القرآن، بل ما أُشير إليه باعتباره كتاب موسى هو مُسمَّى “الصُّحف”، وقُرنت تلك الصُّحف بصحف إبراهيم (عليه السَّلام)، كما يقول الله تعالى “أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37)” (سورة النَّجم)، ويقول تعالى كذلك “إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)” (سورة الأعلى). وقد أخبر الله تعالى بأنَّ الإنجيل جاء مكمّلًا للتَّوراة، وأنَّ اكتمال إيمان أهل الكتاب يكمن في العمل وفق ما أُنزل إليهم في التَّوراة والإنجيل معًا “قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ” (سورة المائدة: الآية 68).
على الجانب الآخر، يشير مفهوم التَّوراة في الكتاب المقدَّس إلى أحد ثلاثة أجزاء يتكوَّن منها التَّناخ (תנ״ך)، وهو اسم مختصر عبري يشير الأحرف الثَّلاثة الأولى من كلمات “توراة-نبيئيم-كتوبيم”، وهي أسفار التَّوراة وأسفار الأنبياء وأسفار الكتابات. تتضمَّن توراة الكتاب المقدَّس ما يُسمَّى أسفار موسى الخمسة، وهي التَّكوين والخروج واللاويين والعدد والتَّثنية. يتناول سفر التَّكوين قصَّة الخلْق من منظور إسرائيلي يختلف عمَّا ورد في القرآن الكريم، ويتتبَّع تعاقُب الأجيال منذ زمن آدم، وحتَّى اصطفاء الإله لإبراهيم وذريَّته لميراث الأرض المقدَّسة، وينتهي بهجرة يعقوب، حفيد إبراهيم من ابنه إسحق، وبنيه إلى مصر من أرض كنعان. يتعرَّض سفر الخروج بدوره إلى قصَّة خروج بني يعقوب، أو بني إسرائيل، من مصر بعد سنوات من الاضطهاد على يد حاكمها، قاصدين أرض كنعان، ثمَّ ارتحالهم بين المدن بعد عصيانهم وتمرُّدهم على نبيّهم، مع الإشارة إلى أمْر الإله بإقامة خيمة الاجتماع، الَّتي كانت بمثابة هيكل متنقّل لإقامة الشَّعائر وتقديم القرابين وحفْظ ألواح الشَّريعة. يتطرَّق سفر اللاويين بعد ذلك إلى اختصاص كهنة سبط لاوي بن يعقوب بشؤون الكهانة والإشراف على الشعائر الدّينيَّة، مع الإشارة على عدد من القوانين الدّينيَّة والمدنيَّة. في حين يستعرض سفر العدد سنوات بني إسرائيل في التّيه في الأرض بعد ارداد بعضهم عن شريعة الرَّبّ وعبادتهم الأوثان، كما يشير إلى صراع بني إسرائيل مع سكَّان أرض كنعان الأصليين. وأخيرًا، يقدّم سفر التَّثنية أهم الأحداث الَّتي وقعت خلال سنوات التّيه الأربعين، من خلال خطاب طويل للنَّبيّ موسى في آخر تلك السَّنوات وقبيل موته، أوصى فيه بالزَّعامة الدّينيَّة والسّياسيَّة للنَّبي يشوع، وأخبر فيه كذلك عن تسليمه التَّوراة إلى كهنة بيت لاوي وتوصيتهم بحفظها في تابوت عهد الرَّبّ. وكما يذكر السَّعدي، تكمن أهميَّة سفر التَّثنية، الَّذي يُطلق عليه كذلك سفر تثنية الاشتراع (דברים)، في أنَّه “يُعتبر المرجع الأخير والنّهائي لأحكام الشَّريعة اليهوديَّة” (ص97). وفيما يلي استعراض لأهمّ الأدلَّة الَّتي ساقها السَّعدي على عدم موثوقيَّة التَّوراة والشَّكّ في صحَّة نزولها وحيًا.
عدم ثبوت نسبة التَّوراة إلى موسى وتواترها
يبدأ الباحث تناوُل هذه المسألة بعد الإشارة إلى اختلاف لغة التَّوراة، والمفترَض أنَّها العبريَّة، عن لغة بني إسرائيل، المفترَض أنَّهم كانوا يتحدَّثون اللغة المصريَّة القديمة؛ على اعتبار أنَّهم مكثوا في مصر أكثر من أربعة قرون، تحديدًا “أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً“، وفق تقديرهم، كما جاء في “وَأَمَّا إِقَامَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَقَامُوهَا فِي مِصْرَ فَكَانَتْ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً” (سفر الخروج: إصحاح 12، آية 40). يعلّق الباحث بقوله “بما أنَّ التَّوراة الحالية مكتوبة بالعبريَّة، فهي على أحسن تقدير ترجمة لتوراة موسى الأصليَّة. والتَّرجمة لا تعدل النَّصّ بأيّ حال” (ص98). وإلى جانب مسألة اللغة، هناك العديد من الأمور الَّتي تنفي إمكانيَّة أن يكون موسى هو كاتب التَّوراة، وإن ذُكر ذلك نصًّا “وَكَتَبَ مُوسَى هذِهِ التَّوْرَاةَ وَسَلَّمَهَا لِلْكَهَنَةِ بَنِي لاَوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ، وَلِجَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ” (سفر التَّثنية: إصحاح 31، آية 9).
ومن بين أهم الأمور المثيرة للشَّكّ بشأن انتساب التَّوراة إلى موسى تناولها أمورًا غيبيَّة وقعت بعد موته لا يمكن لموسى أن يتحدَّث عنها قبل وقوعها بقرون، ومن أمثلة ذلك الحديث في سفر التَّكوين عن عصر الملوك الَّذي بدأ بعد رحيل موسى بقرون “وَهؤُلاَءِ هُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَ مَلَكُوا فِي أَرْضِ أَدُومَ، قَبْلَمَا مَلَكَ مَلِكٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ…” (سفر التَّكوين: إصحاح 36، آيات 31 حتَّى 43)؛ ومن الأمثلة كذلك حديث موسى عن موته ومكان دفنه في سفر التَّثنية (إصحاح 34، آيات 5-11)، الأمر الَّذي يستحيل أن يكتبه إنسان عن نفسه. وإن نُسبت تلك الآيات إلى يشوع، ففي ذلك دليل قاطع على أنَّ التَّوراة ليست من كتابة موسى وحده. يضيف السَّعدي أنَّ هناك أدلَّة على تعذُّر ثبوت تواتُر التَّوراة، مشيرًا إلى أنَّ مع شيوع الفساد الدّيني والانحراف الأخلاقي في المجتمع الإسرائيلي في عصر الملوك، لدرجة فقدان سفر التَّثنية، كما يخبر سفر الملوك الثَّاني (إصحاح 22، آيات 8-13)، ومع تعاقُب الغزاة على مملكتي إسرائيل الشَّماليَّة ويهوذا ربَّما فُقدت التَّوراة الأصليَّة، وبخاصَّة بعد دمار الهيكل أثناء الغزو البابلي عام 587 ق.م. تقريبًا.
يثير السَّعدي مسألة في غاية الحساسيَّة، وهي التَّأثير البابلي الَّذي لوحظ على التَّوراة، واحتماليَّة إعادة كتابة التَّوراة خلال سنوات السَّبي البابلي من الذَّاكرة. يُذكر أنَّ الفيلسوف اليهودي باروخ سبينوزا قد أشار في كتابه رسالة في اللاهوت والسّياسة (1670م) إلى أنَّ عزرا أعاد كتابة التَّوراة في القرن الخامس قبل الميلاد من مصادر مختلفة وبتأثير بابلي يتجلَّى في العقيدة. هذا وتعتبر مخطوطات قمران، المكتشَفة في كهوف قمران في منطقة البحر الميّت في الأردن عام 1947م وعلى مدار 10 سنوات لاحقة من التَّنقيب، أقدم نسخة للتَّوراة والنَّسخة الوحيدة منها الَّتي ترجع إلى عصر ما قبل الميلاد، وهي تعود، على أحسن تقدير إلى القرن الثَّالث أو الثَّاني قبل الميلاد؛ وهذا يعني وجود فجوة زمنيَّة بين فترة كتابتها وحياة موسى تُقدَّر بألف عام. وكانت أقدم نسخة للتَّوراة العبريَّة قبل اكتشاف مخطوطات قمران تعود للقرن التَّاسع الميلادي (مخطوطة القاهرة-Cairo Codex)، أي بعد زمن موسى بأكثر من ألفي عام، وهناك اختلافات بينها وبين نسخة قمران تعترف الموسوعة البريطانيَّة بوجودها. وممَّا يثير مزيدًا من الشُّكوك حول التَّلاعب في محتوى مخطوطات قمران، أنَّ دولة إسرائيل، النَّاشئة حديثًا زمن اكتشاف المخطوطات، فرضت حصارًا شديدًا عليها، ومنعت المتخصّصين من الاطّلاع عليها لما يقرب من نصف قرن، لم تسمح بنشرها إلَّا عام 2001م؛ ممَّا يعني إمكانيَّة تحقُّق ما تنبَّأ به السَّعدي عام 1985م، بأن قال عن المخطوطات أنَّ “ليس بعيدًا أن تحرّفها إسرائيل حتَّى تُظهر تطابُقها مع التَّوراة الحاليَّة” (ص106).
تعدُّد روايات التَّوراة
من بين الأدلَّة على عدم موثوقيَّة التَّوراة، كما يرى السَّعدي، وجود مصادر متعدّدة للكتاب ذاته، بدأ المتخصّصون يرصدونها منذ القرن السَّابع الميلادي، وقد ورد في مقدّمة الكتاب المقدس الأورشليمي (Jerusalem Bible)، في إصداره لعام 1974م، نفيٌ لما شاع لقرون طويلة بالخطأ عن اعتبار أنَّ للتَّوراة كاتبًا واحدًا، هو موسى، وتأكيدٌ على وجود أربع روايات مختلفة للتَّوراة، يرجع اثنان فقط منها إلى زمن موسى، وهما الرُّواية اليهويَّة والرُّواية الإلوهيميَّة. في حين تعود الرُّوايتان الأخريان إلى العصور المتقدّمة من تاريخ بني إسرائيل، وهما رواية سفر التَّثنية، المرجَّح أنَّها ترجع إلى ما بعد سقوط مملكة إسرائيل الشَّماليَّة عام 721 ق.م.، والرُّواية الكهنوتيَّة، وهي تُنسب إلى فترة ما بعد السَّبي البابلي (587-539 ق.م.). ويرجّح باحثون، كما يذكر المفكّر الفرنسي المسلم موريس بوكاي في كتابه La Bible, le Coran et la Science (1976م)، المترجَم تحت عنوان دراسة الكتب المقدَّسة في ضوء المعارف الحديثة، أنَّ عمليَّة كتابة التَّوراة قد تمَّت على مدار ثلاثة قرون، ما بين القرنين التَّاسع والسَّادس قبل الميلاد، مستنتجًا أن تكون التَّوراة الَّتي بين يدينا اليوم عبارة عن “أقوال موروثة مختلفة جمعها بشكل يقلُّ أو يزيد حذقًا محرّرون وضعوا تارةً ما جمعوا جنبًا إلى جنب، وطورًا غيّروا من شكل هذه الرُّوايات بهدف إيجاد وَحدة مركَّبة…” (ص29)، نقلًا عن السَّعدي (ص108).
اختلاف نُسخ التَّوراة عن المخطوطات القديمة
كما سبقت الإشارة، يُفترض أنَّ التَّوراة الأصليَّة كُتبت بالعبريَّة، وإن كان هناك تشكيك في ذلك، على اعتبار أنَّ لغة بني إسرائيل بعد أربعة قرون وأكثر في مصر ليس من المرجَّح أنَّها كانت غير اللغة المصريَّة القديمة؛ ويُزعم أنَّ موسى هو الكاتب الوحيد، وقد أظهرت الدّراسات الحديث وجود أربع روايات مختلفة للتَّوراة، أحدثها ترجع إلى القرن السَّادس قبل الميلاد، وهي تُعرف باسم الرُّواية الكهنوتيَّة. على كلّ حالٍ، فالنُّسخة العبريَّة للتَّوراة يُرجَّح أنَّها اكتملت خلال سنوات السَّبي البابلي (587-539 ق.م.)، لكنَّ تلك النُّسخة فُقدت بعد إنجاز النُّسخة اليونانيَّة من التَّوراة في الإسكندريَّة عام 282 ق.م.، بأمر من الإمبراطور الإغريقي بطليموس الثَّاني فيلادلفوس، والمعروفة بالتَّرجمة السَّبعينيَّة (Septuagint)، نسبةً إلى عدد المترجمين، حيث شارك في التَّرجمة اثنان وسبعون مترجمًا يهوديًّا، ستَّة من كل سبط من الأسباط الاثني عشر. ومن تلك النُّسخة اليونانيَّة، أُعيدت التَّرجمة إلى العبريَّة في القرن التَّاسع الميلادي (أُنجزت عام 895م)، وهي تُعرف باسم مخطوطة القاهرة (Cairo Codex)، وقد ظلت تلك النُّسخة أقدم إصدار للتَّوراة حتَّى اكتشاف مخطوطات البحر قُمران عام 1947م. وإلى جانب النُّسختين العبريَّة واليونانيَّة، هناك نسخة ثالثة، هي السَّامريَّة، المفترَض أنَّها تعود إلى بقايا بني إسرائيل، الَّذين ظلُّوا في دولة إسرائيل الشَّماليَّة (السَّامرة) بعد سقوطها على يد الآشوريين عام 721 ق.م. ومن المثير للانتباه أنَّ بين النُّسختين السَّامريَّة والعبريَّة ستَّة آلاف اختلاف، ثلثا تلك الاختلافات موجود بين النُّسختين السَّامريَّة واليونانيَّة، كما تقرُّ الموسوعة البريطانيَّة (المجلَّد الثَّاني، ص885).
تشابُه أحداث التَّوراة مع أساطير الأمم السَّابقة
يثير السَّعدي مسألة في غاية الأهميَّة، وهي وجود تشابُه بين ما ورد في التَّوراة من أحداث وما كان سائدًا قبل ذلك من أساطير مصريَّة قديمة وبابليَّة وكنعانيَّة تناقلتها الأمم عبر الأجيال. فقد اكتشف علماء آثار نقشًا سومريًّا عن قصَّة آدم وحوَّاء والحيَّة وشجرة المعرفة يسبق زمن كتابة التَّوراة بألفي عام، كما عُثر على قطعة من الخزف من التُّراث الكنعاني تعود إلى عام 3000 ق.م.، نُقش عليها اسم إله كنعاني هو “ياه اوياهو”، وهو قريب من اسم الإله يهوه في التَّوراة. يُضاف إلى ذلك أنَّ نُقَّاد الكتاب المقدَّس قد وجدوا تشابهات كبيرة بين قوانين حامورابي، الَّتي تعود إلى القرن التَّاسع عشر قبل الميلاد، والمكتشَفة عام 1902 ميلاديًّا، وبين الشَّريعة التَّوراتيَّة.
المصدر: رسالة بوست