مقالاتمقالات مختارة

تحريف الدين للتطبيع مع الصهاينة

تحريف الدين للتطبيع مع الصهاينة

بقلم أحمد الشيبة النعيمي

“مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ”، صدق الله العظيم وكذب المطبوعون الذين يريدون تبديل دين الإسلام باسم الدين الإبراهيمي، وما كان لإبراهيم من دين غير الإسلام، وهو الذي سمانا المسلمين من قبل،” وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ”.

ورسالة الإسلام هي رسالة الدين الخاتم والمصحح لانحرافات الأديان السابقة، والمهيمن عليها، ولو كره ذلك الحاقدون من الصهاينة على العرب والمسلمين. ونسبة بعض من أشركوا من أهل الكتاب إلى ملة إبراهيم الحنيفية الإسلامية التوحيدية كذب وافتراء وجهل وتحريف وتزوير للدين؛ “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ”، فملة إبراهيم هي التوحيد والإسلام؛ “مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ”، وليس اليهود ولا النصارى أولى بإبراهيم حسب عقيدة ترامب ونتنياهو، بل أولى الناس بإبراهيم الذين اتبعوه على التوحيد، ونبينا العظيم “إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ”.

يقول شيخ المفسرين الطبري في تفسير هذه الآية: “إن أولى الناس بإبراهيم”: إنّ أحقّ الناس بإبراهيم ونصرته وولايته، “للذين اتبعوه” يعني: الذين سلكوا طريقه ومنهاجه، فوحّدوا الله مخلصين له الدين، وسنّوا سنّته، وشرّعوا شرائعه، وكانوا لله حنفاء مسلمين غير مشركين به، “وهذا النبي”، يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم، “والذين آمنوا”، يعني: والذين صدقوا محمداً، وبما جاءهم به من عند الله ، “والله ولي المؤمنين”، يقول: والله ناصر المؤمنين بمحمد، المصدقين له في نبوته وفيما جاءهم به من عنده، على من خالفهم من أهل الملل والأديان”.

مع تأكيد إيماننا بجميع الأديان السماوية فإننا نعتقد كما يعتقد أصحاب كل دين أنهم على الدين الحق، والدعوات إلى إلغاء الأديان وتوحيدها في دين جديد دعوات سخيفة وتافهة ولا يتعامل معها عاقل بجدية، وحوار الأديان الذي يأخذ هذا المنحى السخيف ليس له أي مستقبل، وسترفضه العجائز في خدورهن قبل العقلاء والشباب، وليس له أي معنى؛ لأن كل دين عبارة عن عقيدة غير قابلة للنقاش من وجهة نظر المؤمنين به.

وكذلك حوار الأديان الهادف إلى توفير تغطية للتطبيع وتقديم التنازلات للمحتلين والمغتصبين وبيع المقدسات والتصالح مع المحاربين المعتدين؛ فهو حوار خيانة واستكانة وغدر بالمستضعفين وتضييع لحقوقهم.

والحوار المقبول هو نوعان: حوار الدعوة إلى دين الحق وتوحيد الله، ورفض البغي والعدوان، ومقاومة الاستبداد، ورفض عبودية البشر بعضهم لبعض، كما جاء في قوله تعالى: “قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضناً بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون”.

والنوع الثاني حوار يهدف إلى تنظيم التعايش وقواعد المواطنة دون عدوان ولا مظاهرة على العدوان، فلا بأس بذلك، ولسنا ضده، وديننا أول من أقر قواعد التعايش مع المسالمين كما عرفنا ذلك في وثيقة المدينة وغيرها.

‎ إن إيماننا بملة إبراهيم الذين سمانا المسلمين من قبل يدفعنا لرفض كل تسمية تستهدف المساس بخصوصية دين الإسلام وهيمنته على كل الديانات، وإن إيماننا بإبراهيم الذي حطَّم بمعوله أصنام الاستخفاف بعقول العامة يفرض علينا رفض جميع مظاهر الوثنية الحديثة وكافة استعباد البشر وفرض حق القوة في إخراج المستضعفين المسلمين من ديارهم وبناء المستوطنات. وجميع محاولات الصهيونية ورعاتها وعملائها لصناعة دين جديد باسم الإبراهيمية هي محاولات مكشوفة تستهدف الإسلام أولاً وأخيراً، باعتباره الدين الذي ميَّز الله به الأمة العربية والإسلامية، وشكل خصوصية هذه الأمة وهويتها الثقافية والحضارية، وهذه الهوية هي التي تشكل اليوم الحصن المنيع أمام كل مؤامرات التطبيع والخيانة وتصفية القضية الفلسطينية.

(المصدر: الخليج أونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى