بكنائس ومعابد هندوسية.. حكومات الدم ترفع شعار التسامح
إعداد الخليج أونلاين
في يونيو الماضي، انتشر على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي بالهند مقطع فيديو يظهر شاباً مسلماً مرعوباً يداه موثقتان ومربوطتان بعمود خشبي وهو يتعرض للضرب المبرح من جانب أفراد عصابة قتل هندوسية، في ولاية جاركاند شرقي البلاد.
يظهر في شريط الفيديو الشاب المسلم تبريز أنصاري، البالغ من العمر 24 عاماً، وهو يلتمس من أفراد العصابة الرأفة به، بينما غطت وجهه الدموع والدماء.
ويجبر المعتدون تبريز على ترديد الهتاف القائل “جاي شري رام”، الذي يعني بالهندوسية “يحيا الإله رام”، أو “النصر للإله رام”.
وبالفعل نفذ أنصاري ما أُجبر عليه، وعندما انتهى المعتدون منه سلموه للشرطة، التي حبسته ومنعت أسرته من زيارته في سجنه. ومات بعد أربعة أيام متأثراً بالجروح التي أصيب بها في الاعتداء.
أنصاري ليس المسلم الهندي الوحيد الذي يتعرض للاعتداء على هذه الشاكلة؛ فقد كان يونيو الماضي شهراً دموياً بشكل استثنائي بالنسبة إلى المسلمين الهنود الذين استُهدفوا في العديد من الاعتداءات المماثلة.
ففي منطقة باربيتا الواقعة بولاية آسام الشمالية الشرقية، هوجمت مجموعة من الشبّان المسلمين، وأجبروا على ترديد هتافات هندوسية؛ مثل “جاي شري رام”، و”بهارات ماتا كي جاي (عاشت أمنا الهند)”، و”باكستان مردباد (الموت لباكستان)”.
وفي مدينة مومباي عاصمة الهند التجارية، اعتدت عصابة من الهندوس على سائق سيارة أجرة مسلم بالضرب، ثم أجبرته على ترديد هتاف “جاي شري رام”.
وقال السائق، واسمه فيصل عثمان خان، إنه هوجم عندما تعطلت سيارته وكان يحاول إصلاح العطب الذي أصابها. وولى المهاجمون الأدبار بعد أن اتصل أحد ركاب السيارة بالشرطة.
وفي مدينة كالكاتا شرقي الهند، تعرض حفيظ محمد شاهروخ هالدار (26 عاماً)، ويعمل مدرساً في مدرسة دينية، لهجوم لفظي وجسدي بينما كان يستقل القطار، وكان المعتدون يرددون هتاف “جاي شري رام” أيضاً.
وقال المدرّس حفيظ للصحفيين إن المعتدين سخروا من لباسه ولحيته، وحاولوا إجباره على ترديد الهتاف الهندوسي المذكور، وعندما رفض مطالبهم ألقوا به من القطار أثناء مسيره. أصيب حفيظ بجروح ولكنه تمكن من النجاة ورواية قصته.
البحرين ترد بتعظيم شأن الهندوس!
بعد نحو شهرين من حملة الاعتداء على المسلمين في الهند، استقبلت البحرين رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، استقبال الأبطال الوطنيين؛ فبالإضافة إلى تكريمه من قبل ملك البحرين أعلى أوسمة المملكة، أطلق رئيس الوزراء الهندي مشروعاً بملايين الدولارات لإعادة تطوير معبد هندوسي في البحرين.
وبحسب ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، تشمل أعمال التطوير توسعة المعبد الذي بُني قبل 200 عام، ويعد الأقدم خليجياً، ليستوعب متحفاً ومركزاً تعليمياً.
الإمارات سباقة في الرد
الرد البحريني هذا سبقه رد إماراتي؛ فرئيس وزراء الهند كُرم بأعلى أوسمة الإمارات من قبل ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، قبل يوم واحد من تكريم البحرين له.
والتكريم الإماراتي لناريندرا مودي، الذي وصفه الأخير بأنه تكريم للهند، جاء بعد 4 أشهر من تكريم إماراتي للهند أيضاً، تمثل بتدشين أول معبد هندوسي في العاصمة أبوظبي؛ حيث وضع حجر الأساس بمنطقة “بومريخة” على طريق “أبوظبي-دبي”، بحضور رسمي من الجانبين الإماراتي والهندي، إلى جانب آلاف من الجالية الهندية في البلاد.
السعودية أول السباقين
وجود معابد هندوسية في منطقة الخليج العربي، التي عرفت بالجزيرة العربية، ومنها انبثت الرسالة الإسلامية، أثار منذ الإعلان عن إنشائها استياءً كبيراً بين أوساط المسلمين والعرب، وهو ما توضح في مقالات ومنشورات عديدة في الوسائل الإعلامية المختلفة.
فرمزية هذه المنطقة لدى المسلمين تحيطها بخطوط حمر لا يمكن تخطيها، حسب اعتقادهم.
لكن حكام الإمارات والبحرين تخطوا هذه الحدود دون مبالاة شعور المسلمين، ودون اهتمام لرمزية هذه الأرض.
وسبق الجميع ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان؛ حين دافع في 22 فبراير الماضي، خلال زيارته الصين، عن الإجراءات القمعية التي تتخذها السلطات الصينية ضد مسلمي الأويغور، وقال: إن “الصين لها الحق في تنفيذ أعمال مكافحة الإرهاب والتطهير من أجل أمنها القومي”.
وأشاد ولي العهد السعودي، في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي، باستخدام الصين خطوات “إعادة التثقيف للسكان المسلمين” في البلاد من خلال معسكرات “مكافحة الإرهاب”؛ وهو ما يعني موافقة السعودية، كبرى الدول الإسلامية، على الاضطهاد الممارس ضد مسلمي الأويغور.
ودعت مجموعات من الأويغور بن سلمان خلال زيارته للضغط على الصين بشأن قضية معسكرات الاعتقال، ولكنه لم يستجب لهم، ودافع عن خطوات السلطات ضدهم.
ومطلع العام الجاري، ارتكبت السعودية انتهاكاً فظيعاً لحقوق الإنسان بحق مسلمي الروهينغا اللاجئين في المملكة هرباً من حكومة بلادهم للنجاة من مجازر ترتكب بحقهم؛ إذ عمدت الرياض إلى طردهم وهم مكبلون، بحسب ما أظهر مقطع فيديو اطلع عليه “الخليج أونلاين”، استعداداً لترحيلهم إلى بنغلادش.
كنيسة في السعودية
في ديسمبر الماضي، أعلن مسؤول كنسي أرثوذكسي مصري إقامة أول قداس لطائفته بالسعودية، ضمن زيارة أجراها في حينها للمملكة بناءً على دعوة من الديوان الملكي السعودي.
وقال الأنبا مرقس، مطران أبرشية شبرا الخيمة (شمال القاهرة) وتوابعها، للبوابة الإلكترونية لصحيفة “أخبار اليوم” الحكومية المصرية: إنه “تم بالفعل إقامة أول قداس إلهي في السعودية، وتحديداً في العاصمة الرياض؛ حيث تم توفير قاعة بإحدى الاستراحات بالمدينة، وإقامة القداس بها بحضور عشرات الأقباط”.
الحديث عن إقامة القداس في السعودية لم يأتِ فجأة؛ فقد كشف جويل روزنبرغ، أحد أشد المسيحيين الإنجيليين الأمريكيين دفاعاً عن “إسرائيل”، في نوفمبر الماضي، أن محمد بن سلمان وعده بفتح كنائس في بلاد الحرمين، لكن لا بد من تهيئة الظروف مسبقاً دينياً وشعبياً لتقبل الدين الجديد على جزيرة العرب.
وكانت صحف لبنانية كشفت، في ديسمبر من العام الماضي، عن عزم المملكة ترميم كنيسة تاريخية في مدينة الجبيل وبناء أخرى، عقب زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي للرياض، يوم 14 نوفمبر 2017.
واللافت أن مؤسس السعودية، الملك عبد العزيز آل سعود، طرد يهود نجران الذين رفضوا دعوته إياهم للإسلام إلى اليمن، التزاماً بحديث نبوي أنه “لا يجتمع دينان في جزيرة العرب”.
غير أن ولي العهد السعودي وعد روزنبرغ أنه سيطلب من علماء الدين في بلاده إشاعة أن جزيرة العرب الواردة في الحديث الشريف تعني فقط مكة والمدينة، ما يسمح لاحقاً بفتح كنائس في البلاد.
يد تسامح ويد تعدم
“التسامح” هي الكلمة التي يتعلل بها حكام الخليج الذين يودون دعم المسيحية والهندوسية، وافتتاح كنائس ومعابد لهم في أرض الجزيرة العربية.
لكن التسامح الذي يتحدثون عنه يتلاشى تماماً مع الشعوب التي يحكمونها.
ففي البحرين يؤكد العديد من التقارير والبيانات الحقوقية الدولية ارتكاب الحكومة انتهاكات فظيعة بحق معارضين سياسيين ونشطاء سلميين.
آخرها كان في يوليو الماضي، حين اتهمت منظمات حقوقية بحرينية ودولية السلطات في مملكة البحرين باستخدام أساليب قمعية مختلفة لمواجهة الحراك الشعبي في البلاد، منذ انطلاقه عام 2011، واصفة دفن المعارضين ممّن نُفذ حكم الإعدام فيهم مؤخراً، بأنه تم بخلاف رغبة أهاليهم ودون حضورهم.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته “منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان”، الثلاثاء، في العاصمة اللبنانية بيروت؛ للتعليق على إعدام سلطات البحرين المعارضَيْن علي العرب وأحمد الملالي.
وبحسب ما نقلته المنظمة على حسابها في منصة “تويتر”، وتابعه “الخليج أونلاين”، قال النائب السابق في مجلس النواب البحريني، رئيس منظمة سلام، جواد فيروز، إن السلطات البحرينية “استخدمت مختلف الأساليب القمعية لمواجهة الحراك الشعبي، الذي بدأ عام 2011”.
وقالت تلك المنظمات إن دفن المعارضين (العرب والملالي) اللذين أعدمتهما المنامة مؤخراً، وغيرهما ممّن تم تنفيذ حكم الإعدام فيهم، قد تم بخلاف رغبة أهاليهم ودون حضورهم.
من جهتها ذكرت الباحثة الحقوقية في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، آية مجذوب، أن السلطات البحرينية ارتكبت “ظلماً كبيراً” بإعدام علي العرب وأحمد الملالي.
وأوضحت أن المنظمات الحقوقية طالبت ملك البحرين بتخفيف الأحكام بعد الحديث عن انتزاع اعترافاتهما تحت التعذيب، وأن خبراء أمميين وجهوا للملك رسالة أعربوا فيها عن قلقهم إزاء أحكام الإعدام، ورأت أن عدم اكتراث الملك لهذه المطالبات “يدل على عدم جديته بشأن الإصلاح”.
وقالت الباحثة في “رايتس ووتش”، إن استخدام البحرين للإعدام “يشكل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان”، مبينة أن المنظمة وثقت العديد من حالات التعذيب لدى المباحث في البحرين؛ منها استخدام الصدمات الكهربائية، والتعليق، والضرب المبرح، والتهديد بالاغتصاب.
ناشطون إماراتيون خلف القضبان
انتهاكات حقوق الإنسان، والاختفاء القسري، واعتقال أصحاب الرأي في الإمارات، تستمر منظمات حقوقية دولية في فضحها منذ سنوات.
ففي التاسع من يوليو الماضي، اتهمت “هيومن رايتس ووتش” السلطات الإماراتية باحتجاز خمسة سجناء إماراتيين، على الأقل، رغم أنهم أنهوا محكومياتهم منذ سنة أو ثلاث سنوات.
ونسبت المنظمة الحقوقية إلى نشطاء إماراتيين قولهم إن المحتجزين ما يزالون وراء القضبان لـ”المناصحة” دون أساس قانوني، بحسب ما ذكرت “الجزيرة نت”.
وقالت أيضاً إن ثلاثة من هؤلاء المحتجزين كانوا قد حكم عليهم بالسجن ثلاث سنوات وسنتين وخمس سنوات؛ بتهم تتعلق بأمن الدولة، في أعقاب ما عدته المنظمة “محاكمات جائرة”، عامي 2014 و2016.
وكانت فضيحة هروب الأميرة هيا بنت الحسين مدوية على مستوى العالم؛ حيث كشفت الظلم والتسلط الذي يستتر خلف الشعارات البراقة التي ترفعها الإمارات، صاحبة أول وزارة للسعادة في العالم.
السعودية.. خاشقجي غيض من فيض
في السعودية الوضع هناك أكثر بشاعة وفضائحية؛ فقد دوى العديد من الجرائم التي ارتكبتها الحكومة منذ تولي بن سلمان ولاية العهد، في يونيو 2017.
فحملة الاعتقالات التي شنها، في نوفمبر 2017، فضحت حجم الظلم والانتهاك الذي يعيشه السعوديون، لا سيما أن الاعتقالات طالت كبار الدعاة والأمراء والأثرياء والمثقفين والنشطاء.
وما زال عدد كبير من الدعاة والنشطاء والناشطات خلف القضبان، وهؤلاء بعضهم يقبع في السجون لاختلافه بالرأي عن نهج الحكومة.
وتبقى قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي هي أكثر القضايا التي عرّت حكومة السعودية، فجريمة قتله داخل قنصلية الرياض بمدينة إسطنبول التركية، في أكتوبر الماضي، أكبر دليل على تلطخ يدي محمد بن سلمان بالدم.
بل إن هذه الجريمة كان وراء حمل ولي العهد السعودي لقب “أبو منشار”، في إشارة إلى دمويته، بعد تسريبات أفادت بتقطيع جثة خاشقجي من قبل فريق سعودي متخصص بمنشار كهربائي.
(المصدر: الخليج أونلاين)