الوصايا العشر لحفظ الأسرة المسلمة من مؤامرات العصر
بقلم محمد عبد الرحمن صادق
إن من أفضل ما يمكن للمسلم أن يبنيه هو #الأسرة متينة البنيان، متماسكة الأركان، التي تحفظ أفرادها، وتستعصي على ما يُحاك لها من مؤامرات تفسد أفرادها وتقوِّض دورها وتهدم بنيانها.
لقد جعل الإسلام لكل فرد من أفراد الأسرة حقوقاً ليس من حق أحد أن يسلبه إياها، وجعل على كل فرد واجبات لا يُعفى منها ولا يجب أن يقصِّر في أدائها.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي – ﷺ – قال: “كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، الإمامُ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ راعٍ في أهْلِهِ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِها ومَسْئُولَةٌ عن رَعِيَّتِها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سَيِّدِهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ قالَ: -وحَسِبْتُ أنْ قدْ قالَ- والرَّجُلُ راعٍ في مالِ أبِيهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، وكُلُّكُمْ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ” [صحيح البخاري].
أبعاد المؤامرة على الأسرة المسلمة
لأهمية الأسرة المسلمة؛ جعل أعداء الإسلام الصراع بينهم وبينها صراع وجود، فأخذوا يُصوِّبون نحوها سهامهم ويحيكون لها الدسائس والمؤامرات؛ لتقويض دورها والقضاء عليها، فلا تقوم لها قائمة.
قيل لنابليون: أي حُصون الشرق الإسلامي أمنع على فرنسا؟ قال: الأمهات الصالحات!
إن أعداء الإسلام فطنوا إلى أن فساد المرأة كفيل بأن يأتي على بنيان الأسرة المسلمة من القواعد، فالمرأة هي الأم والزوجة والابنة والأخت والخالة والعمة والجدة، وهي نصف المجتمع الذي يُربي نصفه الآخر.
لقد بذل أعداء الإسلام قصارى جهدهم للنيل من أخلاق المرأة المسلمة وتغييب وعيها؛ لكي يجعلوها تتنصل من مسؤوليتها الحقيقية تجاه أسرتها، بل وتعد مسؤوليتها هذه فيها إهداراً لكرامتها وحطاً من قدرها وشأنها، وهذا للأسف ما نجحوا فيه إلى حد كبير حتى يومنا هذا.
لقد بذل أعداء الإسلام قصارى جهدهم للنيل من أخلاق المرأة المسلمة وتغييب وعيها؛ لكي يجعلوها تتنصل من مسؤوليتها الحقيقية تجاه أسرتها، بل وتعد مسؤوليتها هذه فيها إهداراً لكرامتها وحطاً من قدرها وشأنها، وهذا للأسف ما نجحوا فيه إلى حد كبير حتى يومنا هذا
يقول السياسي البريطاني وليم جلادستون: “لا بد لاختلال قوى الإسلام من رفع الحجاب عن وجه المرأة المسلمة، ونغطي به القرآن، ولا بد من إتيان المُسكرات والمُخدرات والفواحش والمُنكرات”.
وقد جاء في بروتوكولات حكماء صهيون: “يَجبُ أن نعمل لتنهار الأخلاق في كلِّ مكان؛ لتسهل سيطرتنا، إنَّ فرويد منَّا، وسيظل يعرض العلاقات الجنسيَّة في ضَوء الشمس؛ لكي لا يبقى في نظر الشباب شيء مُقدس، ويصبح همُّه الأكبر إرواءَ غرائزه الجنسيَّة وإشباعها، وعندها تنهار أخلاقه”.
لقد هاجم الكاتب والسياسي الأمريكي “هنري فورد” اليهود في كتابه “اليهودي العالمي أكبر مشكلة في العالم”، فقال: “لقد سعى اليهود من أجل تحقيق غاياتهم إلى السيطرة على ثلاثة أشياء: البنوك للربا، والسينما لتقديم مفاهيم مسمومة، وشركات الملابس لتقديم الأزياء والمساحيق والعطور وما سواها من مستلزمات الموضة”.
ويقول “ماركس”: “إن المرأة يجب أن تخرج إلى ميادين العمل العامة مع الرجال، الأسرة نظام “برجوازي” رجعي يجب هدمه”!
إن مقولة ماركس هذه هي أقصى ما يتمناه أعداء الإسلام؛ فشغلهم الشاغل هو تغييب دور الأم وجعلها تخجل من كونها (ربة بيت).
إن خروج المرأة من بيتها وهي لا تمتهن مهنة ولا تجيد حرفة بل لمجرد البحث عن عمل تثبت به أنها قادرة على الكسب يجعل منها سلعة لمن يزيد الثمن، ولهذا جعل الله تعالى النفقة من أسباب قوامة الرجل فقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم} [النساء: 34]
يقول الأستاذ سيد قطب في تفسيره (في ظلال القرآن الكريم): “إن هذه القِوامة ليس من شأنها إلغاء شخصية المرأة في البيت ولا في المجتمع الإنساني، ولا إلغاء وضعها المدني، وإنما هي وظيفة داخل كيان الأسرة لإدارة هذه المؤسسة الخطيرة، وصيانتها، وحمايتها”.
عن أبي سهيل بن مالك عن أبيه: أنَّه سمِع عُثمانَ بن عفان -رضي الله عنه- يخطُبُ وهو يقولُ: “لا تُكلِّفوا الأَمَةَ غيْرَ ذاتِ الصَّنْعةِ الكَسْبَ؛ فإنَّكم متى كلَّفْتُموها ذلك كسَبَتْ بفَرْجِها، ولا تُكَلِّفوا الصَّغيرَ الكَسْبَ؛ فإنَّه إنْ لمْ يَجِدْ يَسرِقْ…” (تخريج مشكل الآثار)
يقول الفيلسوف الألماني “أسوالد اشبنغلر” في كتابه الشهير (أفول الغرب) والمعروف باسم (تدهور الحضارة الغربية)، يقول فيه: “فالحضارات جميعاً تسقط وتنهار عندما تترك المرأة عملها ووظيفتها كأم وزوجة، وتخرج إلى العمل متبرجة متبذلة”.
وسائل حفظ الأسرة المسلمة من مؤامرات العصر
إن أعداء الإسلام على يقين أنهم متى نجحوا في القضاء على الأسرة المسلمة أصبح أفرادها كالأغنام في الليلة الشاتية ، حينها يتلقفونهم فرادى؛ ليُغيِّبوا وعيهم وليُفسدوا مفاهيمهم ومُعتقداتهم، ويُغرونهم ويُمنونهم، حتى إذا أيقنوا أن هؤلاء الأفراد قد غاب وعيهم وتشربوا المفاهيم الفاسدة حتى الثُّمالَة تركوهم يواجهون أمواج الحياة المتلاطمة وحدهم، فلا هم إلى ما منوهم يصلون ولا إلى ما كانوا عليه من قيم ومبادئ يعودون.
ولكي نحفظ الأسرة المسلمة من كل هذه الدسائس والمؤامرات لا بد من مراعاة ما يلي:
1. التسلح بالإيمان العميق والفهم الدقيق، والمحافظة على أصول الدين، ومبادئ العقيدة، وعلى ما تربينا عليه من قيم فاضلة، وعادات وتقاليد صحيحة.
2. التعرف على حقيقة وأهداف المؤامرة التي تحاك للأسرة المسلمة، وتلقين ذلك لأفراد الأسرة وتحذيرهم منها -كل حسب سِنِّه وفهمه وحسب ما يخصه فيها- لكي يكون على حذر من أساليبها الماكرة، ووسائلها الخادعة.
3. غرس الأخلاقيات الفاضلة في نفوس أفراد الأسرة، وفي مقدمتها التقوى والحياء؛ ليكون كل فرد قدوة عملية لغيره. عرَّف طلق بن حبيب التقوى، فقال: “التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخشى عقاب الله”. أما بالنسبة للحياء، فعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أن النبي – ﷺ – قال: “استحيوا مِنَ اللَّهِ تعالى حقَّ الحياءِ منَ استحيا منَ اللَّه حقَّ الحياءِ فليحفظِ الرَّأسَ وما وعى وليحفظِ البطنَ وما حوَى وليذكرِ الموتَ والبلا ومن أرادَ الآخرةَ ترَك زينةَ الحياةِ الدُّنيا فمن فعلَ ذلِك فقدِ استحيا منَ اللَّه حقَّ الحياءِ” (الجامع الصغير).
4. المعايشة الفعالة والبنّاءة بين أفراد الأسرة؛ للتعرف على أي مظاهر سلبية تطرأ على أخلاق وسلوكيات الأفراد، والوقوف عليها ومحاصرتها أولاً بأول، وعلاجها قبل أن تتفاقم.
5. أن يحرص كل فرد من أفراد الأسرة -كل في محيطه- على القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بضوابطه التي أمر بها الشرع.
6. الحذر كل الحذر من الجمعيات والمؤسسات والنوادي المشبوهة ومن الفضائيات وتكنولوجيا المعلومات التي تروج لثقافة الغرب بشعارات ووسائل براقة؛ فالقصف الجنسي أصبح واسع الانتشار، والثقافة الجنسية أصبحت كالطعام مختلفة ألوانه متعددة توابله متنوعة أساليب عرضه وتقديمه.
7. الحذر من قرناء السوء وخاصة أصحاب الأفكار التي يسمونها تقدمية، ومن مداخل الشيطان ومواطن الفتنة والإثارة؛ كي ينأى المرء بنفسه عن اقتراف الفواحش والموبقات.
8. توعية المجتمع بما يُحاك به، وحث أفراده على التمسك بالفضيلة ومحاربة الرذيلة، وذلك بكل الوسائل الرسمية والأهلية والمسارات والقنوات الشرعية.
9. عدم التساهل في الاختلاط بين الجنسين في كل الأعمار وعلى كل المستويات ووضع الضوابط التي تضمن عدم الوقوع في الشبهات وعدم إثارة الغرائز.
10. المسارعة بالزواج وتيسيره وعدم المغالاة في نفقاته؛ اتباعاً للشرع وطمعاً في البركة.
عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – أن النبي – ﷺ – قال: “أعظمُ النساءِ بركةً أيسرُهنَّ مُؤنةً” (الجامع الصغير).
وأخيراً أقول
إن الإسلام هو دين الوسطية في كل شيء؛ فهو يبني الكيان الإنساني بناءً متكاملاً ومتوازناً؛ فالإسلام ليس (أبيقوريا) لكي يترك للغرائز العنان دون تنظيم ولا تهذيب، كما أنه ليس (رواقياً) لكي يقدم المُثل والفضائل ويتجاهل المتطلبات البيولوجية للإنسان، ومن هنا يهدف الإسلام إلى أن يكون المسلم بوسطيته هذه عصي على الانحراف بفضل من الله ومنة.
(المصدر: موقع بصائر)