مقالاتمقالات مختارة

الهندوسية تهزم الديمقراطية في “آسام”

الهندوسية تهزم الديمقراطية في “آسام”

بقلم أحمد أبو دقة

منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي تتصدر ولاية آسام الهندية التي تقع في أقصى الشمال الشرقي للهند نشرات الأخبار العالمية لسبب وحيد يتعلق بإضطهاد 10 ملايين مسلم يعيشون فيها بين أغلبية هندوسية تصل إلى 33 مليون نسمة، أي يمثل المسلمين نسبة 34% من سكان الولاية التي تمكن حزب بهاراتيا جناتايا الهندوسي القومي من الوصول للحكم فيها خلال انتخابات عام 2014.

منذ مجيئه للسلطة رفع الحزب بزعامة نارندرا مودي شعار الهندوس أولاً وبعد وصوله للسلطة بدأ بإجراءات تستهدف الأقلية المسلمة في الهند أسوة بما تقوم به ميانمار بحق الروهينغا في إقليم أراكان، لذلك قام بتنظيم عملية إحصاء لسكان الولاية ثم أصدر سجلاً وطنياً خلا من أسماء أربعة ملايين مسلم بحجة عجزهم عن تقديم أي وثائق تثبت هويتهم الهندية قبل 24 مارس 1971م وهو اليوم الذي اندلعت فيه حرب “انفصال بنغلاديش”.

يعتقد قادة المسلمين في الولاية أن الحكومة الهندية تفرض شروطاً تعجزية عليهم لإثبات هويتهم وأن الهدف من كل هذه العملية هو ترحيلهم من بلادهم إلى مخيمات لجوء في بنغلاديش. ويرى بعض خصوم الحزب الحاكم أن بهاراتيا جناتايا يحاول تصعيد الصراع الديني في الولاية لإشغال الراي العام عن فشله في معالجة مشاكلها مثل البطالة والبنية التحتية والحالة الاقتصادية.  يعيش المسلمين في الهند مأساة وتهديد بفعل رغبة القبائل الهندوسية بطردهم منذ رحيل الاستعمار البريطاني عن الهند والإجراءات الحكومية هي امتداد لهذه الرغبة المدفوعة بالكراهية الشعبية، فمنذ رحيل بريطانيا عن الهند حدث أكثر من 50 هجوم منظم استهدف الأقلية المسلمة في آسام أبرزها مذبحة ” نيلي”التي وقعت في صباح يوم 18 فبراير عام 1983م، واستغرقت 6 ساعات، قام خلال الهندوس من قبيلة “لالونج” بمهاجمة 14 قرية مسلمة، وانتهت المذبحة بمقتل أكثر من 5000 مسلم معظمهم من الأطفال والنساء.

في يوليو 2012 هاجمت قبيلة “بودو” الهندوسية المسلمين في (آسام) الذين وصفتهم بــ” المهاجرين البنغال” بذريعة أنهم دخلاء يقومون بسرقة فرص العمل والاستيلاء على الأراضي في الولاية، وقتل خلال الهجوم 40 شخصاً وشرد نحو 400 ألف شخص من منازلهم في البقعة التي تعتبر الأفقر على مستوى الهند.

تعقب الصحفية، راني سينغ، وهي متخصصة في الشؤون الآسيوية حول مشروع استئصال المسلمين في (آسام) قائلة:” يجب ان نضع الأمور في نصابها الصحيح، فالحزب الحاكم هناك موالي للهندوس، ولديه أجندة قومية هندوسية وهمو يستهدف هذه الولاية وعملية الإحصاء التي تجري تستهدف فقط هذه الولاية”.

وقد صرح الرئيس مودي سابقاً بأنه يرحب بالمهاجرين الهندوس من بنغلاديش ولم يشير في تصريحاته إلى المسلمين، وهذا يؤكد أن الأمر يتعلق بقرارات سياسية لها أبعاد عرقية ودينية وتأتي بالتوافق مع شعارات لطالما رددها رئيس وزراء الهند سابقاً نصت على أن ” الهند للهنود”.

مودي الذي يتباها بالنمط الديمقراطي الذي تتبعه بلاده، أقر مؤخراً حملة تهدف لإنشاء محاكم لمن وصفهم بــ” الأجانب” ومعسكرات اعتقال ضخمة لملاحقة كل من لم يستطع اثبات هويته الهندية وفق شروط الحزب الهندوسي الحاكم. وتضمنت الحملة التي بدأت بالفعل اعتقال مئات الأشخاص للاشتباه في كونهم مهاجرين أجانب، بمن فيهم قدامى المحاربين المسلمين في الجيش الهندي. ويقول ناشطون ومحامون محليون إن الرعب من الوجود في قائمة أولية من هذا النوع واحتمال الزج في السجون قد دفع العشرات إلى الانتحار.

تلك الحملة التي استهدفت المسلمين في ولاية (آسام) استكملها مودي بإلغاء قانون هندي يعتبر “جامو وكشمير” ولاية تمتع بالحكم الذاتي، وحولها إلى منطقة فيدرالية دون تشاور مع قادتها المحليين الذي تعرض العديد منهم للاعتقال لاحقاً.

علاوة على ذلك، حاولت حكومة مودي إقرار مشروع قانون في البرلمان ينص على إعفاء الهندوس والبوذيين والمسيحيين وأتباع الديانات الأخرى من الإجراءات السارية، لكنه استبعد المسلمين الذين وصفهم وزير داخليته، أميت شاه، بالـ”حشرات”.

(المصدر: مجلة البيان)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى