مقالاتمقالات مختارة

النظر اللفظي والمقصود والمقاصد والواقع ودوره في تحرير مجلس العقد في العصر الحديث

النظر اللفظي والمقصود والمقاصد والواقع ودوره في تحرير مجلس العقد في العصر الحديث

بقلم د. فضل مراد

قراءة جديدة (5) يتلخص في 4 مجالس..

  • المجلس الأول:

في النظر إلى اللفظ القرآني أو النبوي وتحليله ينظر إلى معناه في اللغة، ينظر إلى مقصوده ، ودورانه مع المقاصد لأن المقصود معناه المقصود الجزئي ، بخلاف المقاصد فهي الكليات الكبرى المعلومة وإذا انضم هذا النظر إلى معرفة الواقع أصاب الفقيه في تنزيل النص غالبا

وسأقف في هذه القراءة من هذه الجهة مع مجلس العقد في العصر الحديث وكيفية التعامل مع اللفظ النبوي وتحليل مذاهب الفقهاء لينكشف لك سبب ذهابهم لما ذهبوا إليه

ومن ثم الوصول إلى تعريف دقيق لمجلس العقد في الربويات وفي غيرها بما يناسب النص ومقصوده ومقاصده،

ويصلح إسقاطه على تطورات زمننا الهائلة وعلى كل عصر إن شاء الله..

أولا: اتفقوا على أن الصرف وشراء الذهب لابد فيه من التقابض يدا بيد للنص في ذلك في أحاديث كثيرة فيها يدا بيد، هاء وهاء، ولا تبيعوا غائبا منها بناجز.

وقد جاء التصريح بالنص على (يدا بيد) في حديث عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا بيد».

وعن البراء وزيد ابن أرقم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما كان يدا بيد، فخذوه وما كان نسيئة فذروه).

وأكدها لفظ (هاء وهاء) في حديث عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء».

والتصريح بالمنع من غياب أحد البدلين في الصرف في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز».

والنصوص كثيرة في الباب.

  • المجلس الثاني

ثانيا: تحقيق هاء وهاء ويدا بيد والتنجاز في اللسان العربي بتتبع كتب اللغة تحصل من كلامهم أن يدا بيد وهاء وهاء حقيقة هو التقابض في المجلس مناجزة وتعجيلا من غير بطء فيؤخذ منه لزوما في العادة:

  • حضور البدلين.
  • اشتراط التسليم فورا للعوضين فلا يجوز تأخير أحدهما أو التأخير فيهما بعد ابرام العقد ولو كان التأخير في المجلس.
  • اشتراط الحلول فلا يصح نسيئة إلى أجل.
  • اتحاد المجلس ضرورة لأنه من لازم المناجزة في القبض اتحاد المجلس.
  • عدم افتراقهما قبل القبض

وهذه الاشتراطات كلها باللزوم، أما الشرط المنصوص فهو يدا بيد هاء وهاء ومعناه فورية التقابض في عوضي الصرف بعد ابرامه هذه حقيقته لأنه لو كان معناه التقابض يدا بيد ولو بعد حين من أبرام العقد لما كان فيه الفور وحينئذ فلو أبرما العقد ثم خرجا من المجلس وتفرقا وتقابضا في اليوم التالي لما لكان يدا بيد هاء وهاء ولا يصح لأن يدا بيد هاء وهاء معناه فورا حال العقد.

لا حال التسليم. فلو لم يسلما حال العقد فليس يدا بيد هذا هو الأصل ولما كان هذا هو معناه الحقيقي وهو الفورية حال العقد، لأن الحال في لغة العرب هو ا الحاضر حال الفعل.

ويلزم من هذه الفورية ضرورة اتحاد مجلس العقد وعدم الافتراق ببدنيهما قبل القبض

ثالثا: انعقد الإجماع على أن التفرق بالأبدان مبطل للعقد أما لو لم يتفرقا من المجلس وطال فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى الجواز ولو قاما من مجلسهما ولم يفترقا وتقابضا في مكان آخر قبل التفرق جاز عندهم إلا مالكا والظاهرية

قال الكاساني: فدلت هذه النصوص على اشتراط قبض البدلين قبل الافتراق، وتفسير الافتراق هو أن يفترق العاقدان بأبدانهما عن مجلسهما فيأخذ هذا في جهة وهذا في جهة أو يذهب أحدهما ويبقى الآخر حتى لو كانا في مجلسهما لم يبرحا عنه لم يكونا مفترقين وإن طال مجلسهما؛ لانعدام الافتراق بأبدانهما وكذا إذا ناما في المجلس أو أغمي عليهما؛ لما قلنا وكذا إذا قاما عن مجلسهما فذهبا معا في جهة واحدة وطريق واحدة ومشيا ميلا أو أكثر ولم يفارق أحدهما صاحبه فليسا بمفترقين؛ لأن العبرة لتفرق الأبدان

وفي فقه الشافعية: فيبقى ولو طال مكثهما أو تماشيا منازل ولو مات أو جن انتقل لوارثه أو وليه

وقال إمام الحرمين: الرجوع في الافتراق إلى العرف، فليس في ذلك توقيفٌ شرعي، ولا ضبط معنوي؛

وفي فقه الحنابلة: ويجزئ القبض في المجلس، وإن طال، ولو تماشيا مصطحبين إلى منزل أحدهما، أو إلى الصراف، فتقابضا عنده، جاز.

وفي فقه المالكية: (ولو قريبا) عياض: اختلف في يسير التأخير في الصرف.

وفي المدونة ما يدل على القولين فيها كره مالك للصيرفي أن يدخل الدينار تابوته أو يخلطه ثم يخرج الدراهم ولكن يدعه حتى يزن الدراهم فيأخذ ويعطي، وكره أن يصارفه في مجلس ويناقده في آخر ويجلسا ساعة ثم يتناقدا قبل أن يفترقا، فإن طال المجلس بطل الصرف

وعند الظاهرية: ولا يجوز التفاضل في ذلك أصلا، ولا التأخير طرفة عين، لا بيعا ولا سلما.

  • المجلس الثالث

تحليل مذاهب الفقهاء

لم يذكر في جميع النصوص افتراق الأبدان أو عدمه ولا المجلس..

واشتراط عدم التفرق بالأبدان فقط هو شرط الجمهور الحنفية والشافعية والحنابلة ولما لم ينص على هذه العلة فإنا نحاول أن نرى مبررات الجمهور للعدول عن ظاهر النصوص..

فنقول: نظر الجمهور إلى مقصود الفورية فجعلوه مضمونية القبض قبل التفرق فالشارع يقصد ضمان قبض المالين قبل التفرق فلو تفرقا قبل التقابض لم يكن مضمونا أن يتقابضا بعد فبطل العقد بلا خلاف عند تفرق الأبدان بلا قبض..

ثم أشكل عليهم ما لو طال بقاؤهما بلا تفرق في المجلس أو خرجا معا خارجه بلا تفرق فهل يصح ذلك وإنما اختلفوا هنا لأن النص يدا بيد هاء وهاء يقتضي الفورية حقيقة..

لكن يقوم مقامها المجلس فلو لم تحصل فورية بعد العقد وهما في المجلس لصح العقد لأن مجلس العقد قائم مقام الفورية معنى بدليل أن مقصود الشرع عدم ابرام عقد مؤجل بأجل وعدم التفارق قبل التقابض لأنه يؤدي إلى التأجيل.

والتأخير في مجلس العقد كالمناجزة معنى إذا كانا معا وكذلك عدم التفرق ولو غادرا المجلس في هذا المعنى. فهؤلاء الفقهاء نظروا إلى المعنى ولم يراعوا اللفظ لأن اللفظ يقتضي الفورية فقط حتى لو طال في المجلس لبطل العقد فكيف بخروجهما معا بلا تفرق.

وعند تحرير العلة على حسب الطريقة الأصولية في السبر هو أن يجعل العلة هو التفرق بالأبدان أو المجلس الواحد الذي جرى فيه العقد أو مضمونية التقابض.

ولما كانت العلل من صفاتها الثبات والانضباط والظهور والمناسبة يقال إن اعتبار المجلس المعين لا يصلح للتعليل لأنه وصف طردي وغير مناسب أما مضمونية التقابض فهو ملغي لعدم ثباته وانضباطه ولا ظهوره لأن المضمونية مختلفة من شخص إلى شخص فاعتبار هذا يؤدي إلى إلغاء ظواهر الأدلة في باب الربا.

فبقي أن العلة هي التفرق حتى لو طال المجلس أو خرجا معا خارجه وتماشيا طويلا أو اياما بلا تفرق الابدان وعليه فلو لم يتفرقا شهرا بعد العقد لكان العقد صحيحا وهذا خروج عن المعنى جدا

ولكن يمكن لهؤلاء أن يقولوا إن جعل العلة تفرق الأبدان تتحقق به جميع المعاني من التقابض ومضمونيته قبل التفرق.

وهذا متعقب في صورة طول اجتماعهما شهرا لأنه بعد عن ظواهر النصوص الملزمة بالفورية والتناجز ويدا بيد، ودعوى أنه يجمع كل المعاني المقصودة مردود بأن العمل بدلالة اللفظ على التناجز الفوري مؤد إلى تحقيق كل المعاني بآكدية لأن التناجز الفوري يحقق التقابض ويحقق مضمونيته قبل التفرق..

لذلك فمعنى يدا بيد هاء وهاء هو التناجز في الدفع بحيث لا يباع غائب بناجز ولا يؤخر دفع العوضين مدة تخرجه عن الفورية فيتسامح في تأخر يسير.

وعليه فعندي أن العلة المؤثرة هي الدفع فورا حال التعاقد ويعفى عن اليسير ضرورة لأن اشتراط عدم التفرق بالأبدان ولو طال جدا تنزيل للفظ على مقصود محتمل فيه بعيد.

وكان الأولى اشتراط التعجيل لأنه هو معنى النص القريب أو المطابق، لكن لما كان التعجيل في عصرهم غير متصور إلا باجتماع الأبدان. أقاموا اجتماع الأبدان مقام التعجيل لأنه لا يمكن شرط التعجيل مع إجازة أن يفترقا في الأبدان.

لكنهم أهملوا التعجيل من جهة أخرى في صور منها اعتبار اجتماع الأبدان ولو طال المجلس مدة طويلة كشهر..

ولهذا أدرك المالكية هذا المعنى فشرطوا الفورية والتناجز والتعجيل ولما لم يكن هذا الشرط متحققا إلا باجتماع الأبدان نصوا عليه مع الفورية واحترزوا بهذا عما وقع فيه الجمهور من إبطال معنى التعجيل في الصورة السابقة

لذلك أبطلوا صورا فيها مظنة التأخير ولو كان فيها اجتماع البدنين فقالوا: لو وكل وكيله بالقبض بطل العقد؛ لأنه مظنة التأخير حتى لو لم يفترقا ومن هنا اختلفوا في لو وكله بالقبض في مجلس العقد بحضوره فيجوز على الراجح وشهر في الشامل المنع وكذلك لو غاب المالان ولو لم يفترقا بطل لأنه مظنة التأخير

وقالو: فيبطل العقد ولو قصر زمن غيبهما ويبطل لو غاب أحد المالين؛ لأنه مظنة التأخير إلا إن قل ولو تصارفا في مجلس وقبضا في مجلس آخر بطل ولو لم يفترقا لأنه مظنة الـتأخير.

فالمالكية التزموا الفورية كما نص الحديث ولما كانت لا تتم في عصرهم إلا باجتماع الابدان شرطوها ضرورة. فالشرط عندهم حقيقة فورية التقابض فقط لكن لما كان الافتراق يضر الفورية شرطوه فصار الشرط عندهم مركبا من فورية التقابض واجتماع الابدان.

والدليل أن اجتماع الأبدان ليس شرطا بذاته إنما لأجل الفورية أنهم جوزوا افتراقهما بالأبدان يسيرا كما في حالة دخول الصراف لوزن المال أو فحصه وكذلك عندهم لو تأخرا في المجلس ولم يتقابضا بطل مع تحقق اجتماع بالأبدان.

حتى أنهم بينوا أنه لو لم يفترقا ونقد أحدهما غائبا وطال بطل العقد للطول ولو كان النقدان غائبين بطل مطلقا لأنه مظنة الطول.

وتأمل كيف لم يقولوا مظنة التأخير بل قالوا مظنة الطول لأن التأخير اليسير مغتفر جاء في الشرح الصغير أو غاب نقد أحدهما وطال بلا تفرق في المجلس فيمنع ويفسد الصرف. (أو) غاب (نقداهما) معاً عن مجلس العقد ولو لم يطل لأنه مظنة الطول. ومعناه كما قال في المدونة: أن تعقد الصرف مع غيرك وليس معكما شيء، ثم تقترض الدينار من رجل بجانبك وهو يقترض الدراهم من رجل بجانبه فدفعت له الدينار ودفع لك الدراهم؛ فلا خير فيه ولو لم يحصل طول. ولو كانت الدراهم معه واقترضت أنت الدينار فإن كان أمراً قريبا كحل الصرة ولم تقم ولم تبعث له فذلك جائز اهـ. ومعنى قولها: لا خير فيه. أنه حرام؛ لأنهما دخلا على الفساد والغرر،

وفي مواهب الجليل للحطاب: سئل مالك عن الرجل يصرف من الصراف دنانير بدراهم، ويقول له: اذهب بها فزنها عند الصراف، وأره وجوهها وهو قريب منه فقال: أما الشيء القريب فأرجو ألا يكون به بأس، وهو يشبه عندي ما لو قاما إليه جميعا. ونقل عن ابن رشد: أستخف ذلك للضرورة الداعية، إذ غالب الناس لا يميزون النقود؛ ولأن التقابض قد حصل بينهما قبل ذلك. فلم يكونا بفعلهما هذا مخالفين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء“ولو كان هذا المقدار لا يسامح فيه في الصرف لوقع الناس بذلك في حرج شديد، والله تعالى يقول: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}.

فتبين أن المالكية اعتبروا الفورية شرطا للصحة وأبطلوا العقد بعدم التقابض فورا، ثم استثنوا ما تمس إليه الحاجة مما ليس فيه طول ولا يعود على الفورية بالبطلان فجوزا غياب أحد المالين يسيرا ومنعوا غيابهما لأن الغالب حصول طول، وأجازوا لو قام للوزن ونحوه لأنه لا يناقض الفورية..

وكل فروعهم تدل على الفورية.. وإنما اعتبروا الفورية عملا بالنص لفظا ومعنى.

  • المجلس الرابع

رابعا: تجريد العلة في عصرنا ومعنى مجلس العقد

لذلك فتجريد العلة في عصرنا اليوم هو حصول حيازة المالين في ملك الطرفين فورا سواء كانا حاضرين مجلس العقد أم تم التصارف عبر وسائل الحسابات البنكية لأنه لم يرد في النصوص اجتماع أبدان ولا ذكر مجلس إلا الفورية والتعجيل وهذا من الإعجاز اللفظي الذي يصلح لكل عصر فلو ذكر المجلس أو الأبدان لما قامت في العصر معاملة على وجهها.. لأنا لو اشترطنا في عصرنا اتحاد مجلس العقد لشرطنا ما لم يشترطه حتى فقاءنا في عصرهم.

ولو شرطنا عدم التفرق بالأبدان على مذهب الجمهور لبطلت معاملات العصر المالية التي تتم المصارفة فيها عبر وسائل العصر البنكية وقد يكون العاقدان في بلدين مختلفين ولا اجتماع لأبدانهما ولو عملنا بمذهب المالكية لما صحت معاملات العصر لأن افتراق الأبدان بطول حاصل أو لعدم الفورية.

ولو كانا حاضرين في البورصة أو البنك وابرما عقد الصرف ولم ينصرفا إلى آخر دوام البنك أو إقفال التعامل لبطل من جهة افتراق الابدان لأن العاقدين لم يلزما مكانا متحدا بأبدانهما ولو لزما ثم طال التأخر لبطل عند المالكية.

لذلك فلا تسلم لفقهاء العصر علة إن جمدوا على التقليد المحض فسبيلهم أن يعتبروا الفور في التبادل وهي الحيازة للمالين بمجرد دخوله في الملكين. كانا في بلدين مختلفين أو غير ذلك.

وعليه ففي عصرنا يجب الأخذ بالنص وهو “هاء وهاء” يدا بيد وهو يعني الفورية في التصارف بلا تأخير ومن خلال ما تقدم من كلام أهل اللغة والفقهاء أرى أن الذي لا مناص منه أن معنى يدا بيد هو خروج البدلين من ملك الطرفين تحقيقا إلى حيازة الطرفين تحقيقا على الفور هذا هو المقصود حقيقة يدا بيد. وهذا هو تحرير القبض في الربويات.

وليس في هذا خروج عن قول من تقدم لأن سبب ما ذهبوا إليه هو أنه لا يمكن اعتبار الفورية عادة في عصرهم إلا باجتماع الابدان لذلك شرطوا أن يتم القبض قبل التفرق بالأبدان وأسقطوا اعتبار الزمن فلو مكثا أياما بدون افتراق لم يبطل وأسقطوا اعتبار قبض العاقدين بأنفسهما بل بوكيلهما قبل تفرق العاقدين وأسقطوا حضور المالين مجلس العقد خلافا للمالكية كما تقدم.

أما اعتبار القبض في غير الربويات فهو خروج البدلين من ملك الطرفين تحقيقا إلى ملك الطرفين تحقيقا بلا شرط الفور والتناجز

ولم يكن يتصور الفقهاء البتة أنه يمكن قبض المالين بمعنى حيازتهما في ملكهما حقيقة بدون حضور الابدان

وأما في زمننا فأصبح الصرف محققا لمعنى حيازة المال في نفس مجلس العقد إلى ملك كل من الطرفين بمجرد تسجيل ذلك في حساب كل. فلو صرف شخص له حساب في بنك وأدخلت العملة في نفس اللحظة في ملكه وحيازته الحقيقية بإدراجها في حسابه البنكي فقد. تحقق المعنى المساوي للتقابض في المجلس. سواء كانا سويا بأبدانهما في مجلس العقد أم كانا متباعدين في بلدان مختلفة..

وهذا القياس هو القياس في معنى الأصل وهو نفي الفارق وهو مجمع عليه حتى الذين ينكرون القياس قالوا به ضرورة لأن اللفظ يقتضيه بمعناه بلا فرق.

وبهذا يتبين أهمية إعمال اللفظ القرآني أو النبوي مع معرفة مقصوده وخدمته للمقاصد الكلية هنا وتنزيله على الواقع …

وما سبق من تحرير يوضح كل هذا لأن التعريف راعى اللفظ ومقصوده وهو المضمونية ومقاصده وهي الحفاظ على المال من جهة التلاعب به زمنا أو كما

وهذا ممنوع في الشرع قطعا …

فعض على هذا التحرير بالنواجذ وشد عليه يدك فقد تأملت وتتبعت وقلبت الأمر طويلا … وقد بسطت المسألة وزدتها تحريرا هذا شيء منه في كتابنا التفصيل في فقه العصر باب الماليات أعان الله على تمامه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • ملاحظة: أرقام المراجع محفوظة في الأصل لا في المقال..

المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى