اسم الكتاب: الممانعة المجتمعية.. تأصيل فكري للمفهوم والوسائل.
اسم المؤلف: د. محمد بن إبراهيم السعيدي.
عدد الصفحات: 93 صفحة.
الناشر: مركز الفكر المعاصر.
نبذة عن الكتاب:
تتكون هذه الدراسة المختصرة من مقدمة، وثلاثة فصول، في 93 صفحة .
المقدمة:
يستهل المؤلف مقدمته بالحديث عن وصف الأمم المتحضرة التي تعتني بكتابة تاريخها، تاريخ حروبها وتاريخ أفكارها وعقائدها، ولكنها لم تول التأريخ للأخلاق والطبائع ما يستحقه من العناية.
لذا فإن الدارس لهذا الأمر سيكون أغلب ما يتوصل اليه هو تاريخ مستنبط يعتمد في كثير من أحكامه على مستوى أدراك الباحث وعلمه وميوله، لأنه لا يمكنه الاعتماد على وقائع تاريخية مقصودة لذاتها.
ويضرب لذلك مثالا بالأخلاق في البصرة أوائل القرن الثاني، فإنك حين تروم تأريخاً للأخلاق في هذه الفترة، تحتاج للاستنباط من كتب الأدب والتراجم والفرق والمذاهب والتاريخ وفي هذه كلها ستجد تناقضات عدة في وصف الأخلاق والطبائع، وهذا الاستنباط سيؤثر عليه حتما عوامل عدة أهمها المنهج الفكري والاعتقادي للباحث.
ثم ينتقل المؤلف للحديث عن سرعة تحول الأخلاق في المجتمعات بحسب اختلاف انغلاقها أو انفتاحها، ثم يؤكد على أن التغيير القيمي لم يعد مسألة تلقائية، بل أصبح صناعة سياسية استراتيجية، تخطط لها الدول بغية الوصول – عبر الاخلاق – للهيمنة السياسية والاقتصادية من خلال تغيير القيم.
– الفصل الأول: تأصيل الممانعة المجتمعية
يتحدث المؤلف في هذا الفصل عن نشأة القيم، ويؤكد أن أخلاق الأمم تنشأ في الأصل من داخلها، ثم يختلف تأثرها وتأثيرها بحسب قوة حضارتها وتعلقها ببنائها الحضاري.
ويحدد المؤلف عناصر قيم الأمة بأنها: الأخلاق والآداب والتصورات للكون والحياة وكذلك العبادات والعادات والأعراف.
وأن قيم الأمة الرائدة يجب أن تكون نتيجة تفاعل الإنسان مع دينه وتاريخه ومقدرات أرضه وأن يكون هذا التفاعل مستغرقا لكامل أصول قيمها الاجتماعية.
ثم ينقل المؤلف بعض أسباب سوء الواقع القيمي في المجتمعات الإسلامية والتي منها هيمنة الاستعمار الغربي، وجنوح الأمم المغلوبة لتقليد الأمم الغالبة، وكذلك الجهل، والاستبداد السياسي، ثم يؤكد على أن أهم هذه الأسباب هو غياب أو ضعف الممانعة المجتمعية.
ثم يضع تعريفا لها / هي اقتصار المجتمع على دينه وبيئته وتاريخه ومقدرات أرضه ولغته، في إنتاج آدابه وأخلاقه ورؤاه وعباداته وعاداته وأعرافه.
أما أهمية الممانعة المجتمعية فيرجع المؤلف ذلك إلى كونها الوسيلة الأضمن والأقوى لحفظ الهيئة الاجتماعية للأمة من أن تضمحل بعامل استجلاب قيم لم تصنعها الأمة.
هل نادى الإسلام بمثل هذه الممانعة؟
تحت هذا التساؤل يجيب المؤلف أنه رغم جدة المصطلح إلا أن كثير من التشريعات الإسلامية تصب في صالح الدعوة إليه..
ثم يورد المؤلف خمسة أمور تؤكد عناية الإسلام بممانعة المجتمع ضد القيم الأجنبية:
الأول: ترسيخ مفهوم الخيرية والفضل على جميع الأمم وأن مصدر هذه الخيرية إنما هو الالتزام بالدين.
ثانياً: إلحاح آيات القرآن على شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثالثاً: مبدأ التواصي وهو تكليف أعم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويمكن أن يكون عملية مراجعة وتحديث لقوة هذه الخصال في نفس الأمة.
رابعاً: عقيدة الولاء والبراء: وهي عقيدة بارزة في حفظ الهيئة المجتمعية للمسلمين من الاختراق سواء كان اختراقا قيميا أو عسكريا.
خامساً: النهي المتواصل من الرسول عن مشابهة الكافرين بجميع أصنافهم سواء في العبادات أو الهيئات.
– الفصل الثاني: مفاهيم وأصول الممانعة المجتمعية:
في هذا الفصل يورد المؤلف أربعة مفاهيم وأصول للمانعة المجتمعية:
- الإرجاع إلى الأصل: والمقصود منها تنبيه المجتمع إلى أن هدف الدعوة هو إعادة المجتمع إلى أصله، وتوجيهه إلى نفي الدخيل عليه من العقائد والديانات ومن الرذائل التي قد يستمرؤها المجتمع.
- مبدأ التواصي والأمر بالمعروف والنهي عن المجتمع: فقيام الأمة بهذا الأمر يحقق لها من المناعة ما يكفل لها الحفاظ على الخيرية وكذلك يضمن بقاء قيمها مؤثرة مستفيدة، ويشدد المؤلف على أهمية وضع الخطط التي تعنى بإقامة البرامج الرامية إلى شد بنية المجتمع بهذه الشعائر.
- سد الذرائع: وخلاصته تحريم ما أصله الإباحة إذا تحقق إفضاؤه إلى المفسدة الراجحة، ثم يشير المؤلف هنا إلى أن هذا المصطلح قد مر بفترات ضعف، كان من أهم أسباب ذلك هو ضعف العلماء عن القيام بواجبهم سواء كان هذا الضعف ذاتيا أو مجبرين عليه، ومن الأسباب كذلك انصراف الحكام عن إقامة الشريعة وانتفاعهم أحياناً من ظهور البدع.
- مواكبة مستجدات العصر: فالأمة التي تريد حماية قيمها من الانتهاك الحضاري لابد أن تضمن أن ممانعتها لن تجعلها في مؤخرة الركب.
ويضرب المؤلف لذلك بمثال / وسائط الإعلام، فإنه يجب أن نفرق عملياً بين هذا المنتج وبين حمولته الثقافية إذا أردنا المحافظة على ممانعة المجتمع ضد هذه الحمولة.
– الفصل الثالث: وسائل الممانعة المجتمعية
يقترح المؤلف بعض الوسائل للمانعة المجتمعية؛ وهي:
- العناية بالعقيدة الإسلامية الصحيحة والمبالغة في جعلها غاية أولى من غايات الفرد والأسرة وهدفاً مشروعاً للدولة ومؤسساتها.
- نبذ الفقه المستضعف، وهو ذلك الفقه الذي يصر أصحابه على أن الواقع هو الذي يفرض الأحكام الفقيهة وليس الفقه الإسلامي هو الفاعل في تشكيل الواقع.
- إعلاء شأن العلماء وتربية الأمة على معرفة فضلهم، وأن تكون قيادة المجتمعات بيد العلماء.
- ربط الشرع بالعقل في أذهان الناس، وأن يكون ربطه أولاً بالدليل وتوضيح الارتباط بين الشرع والعقل وذلك لعصمة العقول من المزالق التي يقع فيها بعض النخب.
- إحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تصبح مسؤولية يشعر بها الناس تجاه بعضهم فإنها ستكون كفيلة بنفي التغير سلبي في المجتمع.
- العناية بالفئات الغنية: وهي الفئة الأكثر تأثيرا في المجتمع سواء كان تأثيرا إيجابي أو سلبي ولأنها الطبقة التي تقود الحركة الاستهلاكية في المجتمع. ولما تلعبه من دور بارز في دوائر الضروريات والحاجيات والتحسينات وأن اختلال هذه الدوائر قد يؤدي إلى ظهور أورام خطيرة في طبقات المجتمع.
المصدر: مركز البيان للبحوث والدراسات.