مقالاتمقالات مختارة

المسلمون بين عبادات الشعائر وعبادات المعاملات

المسلمون بين عبادات الشعائر وعبادات المعاملات

 

بقلم د. حسين عبد الهادي آل بكر

 

المشكلة ان الخطأ الذي وقع فيه معظم المسلمين أنهم حصروا الإسلام في العبادات الشعائرية وهي التي تمثل الدعائم والقاعدة ثم يقوم عليها البناء الإسلامي الأخلاقي المتمثل في العبادات التعاملية ولذلك قال الرسول صلى الله عليه بني الإسلام على خمس

إذن هذه هي الأعمدة والقاعدة التي يقوم عليها البناء الإسلامي على اساس العبادات التعاملية وهو بناء أخلاقي 

قال عمر رضي الله عنه لمن حوله من يصف لهم الورع

قال رجل : أهل الصلاة. قال عمر : يصلي البر والفاجر.

وقال آخر : أهل الصيام. قال عمر : يصوم البر والفاجر .

وقال غيره : أهل الصدقة. قال عمر : يتصدق البر والفاجر.

وقال غيره : أهل الحج. قال عمر : يحج البر والفاجر.

الورع من تعاملت معه بالدرهم والدينار

مر رجل فأثنى عليه الناس فقال لهم عمر : هل تعاملتم معه بالدرهم والدينار هل جاورتموه

قال عمر : فقط رايتموه يصلي في المسجد يرفع ويسجد ويركع فظننتم أنه من الصالحين

قال : الأمر ليس كذلك

قال عبيد الله بن عمر لرجل سأله أن يعظه فأخذ حصاة وقال له : والله لزنة هذه من حقوق الخلق لأحب من جميع نوافل الأرض.

رآى حذيفة بن قتادة بعض التجار يتزاحمون في الصف الأول

فقال لهم : كلوا الحلال وأدوا الحقوق ولا يهمكم أن تصلوا في الصف الاخير

الورع ليس بالمظاهر ليس باللحية الطويلة والثوب القصير ولا الصلاة في الصف الأول ولا بالدموع…

الورع في الحلال والحرام وفي حفظ حقوق الناس وعدم التعدي عليها

الورع في تحقيق العبادات التعاملية مع الناس في التعامل الأخلاقي وصدق الحديث وحسن الجوار وعدم ظلم الآخرين

وطردهم من وظائفهم وعدم مضايقتهم وأيضا اختيار الكفء في الإدارة اي القوي الأمين

الورع قضاء حاجات الناس وفك كربهم وإنصافهم واحترام انسانيتهم بعدم مصادرة رأيهم ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب

إذن العبادات التعاملية خلق فهل التزم المسلمون بهذا الخلق

ارشدوني ألى مؤسسة إسلامية قائمة على هذه الأخلاقيات

قائمة على العبادات التعاملية

إذن الإيمان هو الخلق والورع هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك بالإيمان

إذن قبول العبادات الشعائرية مرتبط بالعبادات التعاملية

وهي لا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية

والذي يدقق في الخطاب الجديد للمسلمين يجد أكثره يتركز حول العبادات الشعائرية ولكننا نحتاج إضافة إلى ذلك التأكيد على العبادات التعاملية بالعمل والنماذج والقدوة وليس بالخطب الرنانة والمظاهر الفارغة

كونوا إلى جانب مظاهركم قدوة في العبادات التعاملية التي كان الصحابة متميزين بها

لأن منهجهم كان منهج التلقي للتنفيذ

ولذلك كتب عنهم الشهيد سيد قطب فصلا في كتاب المعالم بعنوان ( جيل قرآني فريد ) لم يتميزوا بالألقاب والمظاهر ولكنهم تميزوا بالعبادات الشعائرية إضافة إلى العبادات التعاملية

اما نحن ففشلنا في العبادات التعاملية مع الأسف وبالتالي فشلنا في التعامل الأخلاقي مع بعضنا في الحقوق والواجبات

وأرى عدم رفع الشعارات الإسلامية على مؤسساتكم وفصائلكم حتى لا تسيؤا إلى الإسلام بأخطائكم

وعلينا أن ننتقل جميعا إلى دائرة العمل في كل الميادين حسب أخلاقيات الإسلام في التعامل ولا داعي بعد ذلك

للمظاهر والخطب الرنانة ونعيش كما كان الجيل الأول رضي الله عنهم وبذلك نكون سلفيين بالعمل وليس بالشعارات والمظاهر

اقيموا دولة الإسلام في قلوبكم أولا وفي أعمالكم ثانيا من خلال مؤسساتكم لتقدموا نموذجا لإسلامكم في الواقع بدل من جلد الذات واللطم والخطاب السلبي

لم تقصروا في الأدعية والله مطلع عليكم وهو غفور رحيم

ولكن ماذا غيرتم أنتم في حياتكم

المشكلة نحن مقصرون في العبادات التعاملية الأخلاقية

وقد يكون هذا هو السبب في عدم تغيير واقعنا والاستجابة لدعائنا

انظروا إلى واقعنا المؤلم تشرذمنا إلى قوميات وعصبيات وقبليا ت وكفر بعضنا بعضا وذبح بعضنا بعضا وخون بعضنا بعضا عندما ابتعدنا عن أخلاقيات لا إله إلا الله

يعيش بعضنا لنفسه ومصالحه بعيدا عن وحدة الجماعة التي أمرنا الرسول صلى الله عليه بها

لن يتقبل الله دعاءنا وبعضنا كالغنم القاصية لا يعجبه كل هذه الأمة فهو أمة بمفرده

ارجو الله أن يعيدنا إلى عبادات المعاملات لعلنا نصحح المسيرة ونكون خير أمة أخرجت للناس بأخلاقنا وليس باقوالنا

 

(المصدر: رابطة العلماء السوريين)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى