مقالاتمقالات مختارة

الليبرالي لا يصف الجندي السعودي بـ ( المجاهد ) !!

(المصدر: موقع المثقف الجديد)

علامة التأثر في ذيل العنوان أعلاه لا تحيل إلى دهشة أو مفاجأة , بل تنبيه المتابع للتجاذبات الفكرية في ساحتنا الثقافية إلى أن الكاتب والمعلق الليبرالي السعودي لا يستخدم محدد (مجاهد ) لوصف الجندي السعودي المرابط على الحدود في مهمته السامية في الذود عن ( بلاد الحرمين ) التي أضعها بين قوسين لاسترعاء انتباه القارئ أن الليبرالي لا يتفاعل إيجاباً مع هذا المسمى المرادف للملكة العربية السعودية , لأنه محمول على دلالة ايمانية وايحاء شرعي , يؤطرالهوية تأطيراً إسلامياً , بذل المشروع الليبرالي طاقته القصوى ولا زال في سبيل تهشيم هذا الإطار والمتلازمة المنعقدة عروةً وثقي بين دولة ومهمتها , والبلد وشخصيته ماضياً وحاضراً .

لغة المثقف الليبرالي تستشعر الحرج البالغ إزاء انتخاب المحددات والمصطلحات في رصد المشهد الأمني والبطولة التي يسطرها جنود سعوديون يمثلون الدولة والوطن والشعب في ساحة المواجهة ضد الإرهاب الداخلي والخارجي , فهم محط إجماع الدولة والعلماء والناس في تمثيلهم المقاتلين المعتدلين الذين يتبعون فتوى شرعية أسبغت عليهم تصنيف أهل السنة الوسطين إزاء بغاة أو خوارج أو معتدين … فتحققت فيهم كافة شروط المجاهد المسلم المثالي الذي يتوق إلى إحدى الحسنيين .

بيد أن الليبراليين ما برحوا حذرين من خلع لقب ( مجاهد ) على هذا الجندي لأسباب حزبية ضيقة , تتصل بطبيعة المواجهة والعداء الذي فرضوه على الثقافة المحافظة والشرعية وغالوا في الحيطة في اختيار مفردات , تنعكس على مشروعهم سلباً بعد أن قطعوا شوطاً ممتداً في الاقصاء التدريجي للحس واللغة الشرعية عن الوعي الشعبي وخيارات المجتمع , غيرأنهم يتنازلون إلى توصيفات متماسة ك(المرابط) , و يفيضون في استخدام المحددات المحايدة ك(الجندي , العسكري …) أو تعبيرات الثناء مثل (أبطال و حماة الوطن … )

القاموس العربي زاخر وفضفاض , ولن يجد الانتقائي صعوبة في الأخذ والطرح , إذ البدائل اللغوية تفيض عن الحاجة , والمتلقي لا يحفل بالانتقاء ودلالاته , لأن الظرف أحرج من أن يفحص اللغة ومؤداها , لكنها تقع عليه عفواً , وتبلّغ أثرها , وتؤثر في توجهه الثقافي والفكري وقناعاته الآيديولوجية .

الليبرالي يستخدم وصف (شهيد) للجندي الذي استشهد في ساحة المواجهة ضد الإرهابيين لأن ( شهيد ) تعبير شرعي أول أمره , وتم احتواؤه قاموسياً من قِبل الحركات اليسارية النضالية التي قاومت إسرائيل أو قوى استعمارية , ونجحوا نجاحاً مرضياً في تحييده ومنازعة اللغة الشرعية في تصنيفه , فمن مات سبيل مبادئهم نعتوه بـ (الشهيد),ثم اطرّد في استخدامات الأنظمة العلمانية في تأبين القتيل العسكري لإضفاء هالة الشرف عليه .

الليبرالي السعودي تلقّف محدد ( شهيد ) من الاستخدامات اليسارية والعلمانية , ودمجها في التعبيرات السعودية لإعطاء انطباع أن هذا الجندي السعودي استشهد في سبيل الوطن والتراب , لا في سبيل دين أو وطن مسلم أو بلاد الحرمين .

الليبرالي لا يستخدم (مجاهد) لأنها كلمة لم يستقطبها العلمانيون واليساريون في شعاراتهم الحربية  , واستعاضوا عنها بـ(مقاتل ومناضل و مكافح ومقاوم…) , فبقيت (مجاهد) لفظة إسلامية خالصة , لذا تجنب الليبرالي استخدامها , لأنها تجرح نظريته التي تسعى إلى لبرلة الشعور والفكر باللغة .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى