مقالاتمقالات مختارة

القرآن والعلم

القرآن والعلم

بقلم د. زغلول النجار

قال تعالى: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ * فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ (المؤمنون: ١٨-٢٠).

يمن علينا ربنا تبارك وتعالى بكم الماء الذي أوجده على الأرض (١٤٠٠ مليون كم مكعب) أخرجها ربنا تبارك وتعالى كلها من داخل الأرض، وهذا الماء لو بقي راكداً على سطح الأرض لأسن وفسد، لذلك حرك جزءاً من هذا الماء (٦٠٠ ألف كم مكعب) في دورة حول الأرض عن طريق تبخيره بواسطة أشعة الشمس، ثم يوزع هذا الماء على مدار السنة بالقدر المحسوب بدقة فائقة في المكان والزمان الذي يختاره ربنا سبحانه وتعالى، فلو أنزل هذا الماء بغير حساب دقيق لكان سبباً للإهلاك والعقاب، لذلك قال تعالى: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ….

 وفي منة أخرى من الله تعالى على أهل الآرض أنه جعل بعض صخور القشرة الأرضية عالية المسامية وعالية النفاذية حتى يمكن لها أن تخزن جزءاً من ماء المطر، خاصة في المناطق التي لا يوجد فيها أنهار ولا بحيرات ولا غير ذلك من المصادر السطحية للماء، ولذلك قال: …فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ…، ونسبة عملية تخزين جزء من ماء المطر في بعض صخور الأرض لا دور للإنسان فيها، بل كلها من عمل الله تعالى الذي لا شريك له، وللتأكيد على هذه الحقيقة ختمت هذه الآية الكريمة بقول ربنا تبارك وتعالى: …وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ، وذلك لأن هذا الماء المخزون يحتاج إلى الإرادة الإلهية في الحفاظ عليه في مكامنه، فأية هزة أرضية، أو ثورة بركانية يمكنها أن تدمر هذا المخزون المائي بالكامل.

ولولا دورة الماء حول الأرض وإنزاله على هيئة المطر، ما أنبتت الأرض، ولا أمكن للإنسان أن يعيش على سطحها، ولذلك قال تعالى: فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ.

وخص ربنا تبارك وتعالى من بين كل نباتات الأرض شجرة الزيتون فقال في حقها: وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ، وشجرة الزيتون هي شجرة مباركة، معمرة، دائمة الخضرة، وثمارها تمثل المصدر الرئيسي لأفضل أنواع الزيوت النباتية، ويشكل زيت الزيتون ما بين (٢٠٪؜ – ٤٠٪؜) في المتوسط من وزن الثمرة، ويحتوي هذا الزيت على عدد من المركبات الكيميائية الهامة التي ثبت علمياً أن لها فوائد عديدة كمادة غذائية تداوي العديد من الأمراض، وذلك لأن زيت الزيتون هو زيت غير مشبع فإن تناوله يخفض من نسبة الدهون الضارة في الدم، ويعمل على رفع نسبة الدهون المفيدة، لذلك قال رسول الله ﷺ: “كلوا الزيت وادهنوا به فإنه طيب مبارك”، وقال ﷺ: “ائتدموا بالزيت وادهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة“.

ومن المعجزات العلمية في هذه الآية الكريمة ما يلي:

١ نسبة شجرة الزيتون إلى شبه جزيرة سيناء، وإلى منطقة جبل الطور فيها – بصفة خاصة -، تأكيداً على أن أصل أشجار الزيتون في العالم هي تلك المنطقة، والتي انتشر منها هذا النبات إلى منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط الذي يحتوي على ٩٨٪؜ من مجموع أشجار الزيتون في العالم، ثم انتقل من هذه المنطقة إلى بقية أجزاء العالم.

٢ لفظة (الدهن) في الآية الكريمة تشير إلى زيت الزيتون، وتعبير (صبغ للآكلين) يشير إلى ما يصاحب هذا الزيت من مركبات كيميائية عضوية في هذا الزيت وتعتبر جزءاً من إدامه، وهذا الإدام هو الذي يقوم بصبغ الخبز بلون داكن إذا غمس في زيت الزيتون.

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى