مقالاتمقالات مختارة

الفرح بقصم الظالمين والمجرمين منهج قرآني

الفرح بقصم الظالمين والمجرمين منهج قرآني

بقلم عبد العظيم عرنوس

الاحتفاء والفرح بأخذ الله للظالمين مسجل في القرآن الكريم في مواضع شتى، ويومئذ يفرح المؤمنون، وهذا فيه شفاء لما في الصدور من الغيظ جراء ما اقترفته أيديهم من محاربة لأولياء الله، وسفك الدماء، ويشف صدور قوم مؤمنين، وراحة للأرواح المرهقة من سفك دم الدماء البرئية، وتشريد الآمنين، وهذا الفرح فيه تجديد للعزم، وشحذ للأمل للمثابرة على الطريق إلى أن يتحقق النصر الأكبر بأخذ أكابر المجرمين.

والله قد توعد المجرمين بالأخذ الشديد، {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}، وهددهم بالانتقام، {إنا من المجرمين منتقمون}.

والباغي والمجرم يظن أنه بمنأى من إهلاك الله له، فإذا بأمر الله يأتيه بغتة، وما أمرنا إلا كلمحة واحدة كلمح بالبصر، لأنه يرى إمهال القدر له، فيظن أنه ناج، فإذا به في قبضة العدالة الإلهية، ورحم الله ابن الجوزي فقد أنار بصائرنا بتأملاته: لقد تأملت أمرًا عظيمًا ، أنه عز وجل يمهل حتى كأنه يهمل ، فترى أيدي العصاة مطلقة ، كأنه لا مانع ؛ فإذا زاد الانبساط ولم ترعو العقول أخذ أخذ جبار ؛ وإنما كان ذلك الإمهال ليبلو صبر الصابر ، وليملي في الإمهال للظالم.

نعم إن هلاك قاسم سليماني يستوجب الحمد وسجود الشكر، فقد أخذه الله أخذ جبار، قال تعالى في سورة الأنعام : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)}

‏قال العلّامة الزمخشري إن الآية الكريمة: (فقُطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) “إيذانٌ بوجوب الحمد عند هلاك الظلمة وأنه من أجلِّ النِّعم.”

وهل هناك أظلم من مجرمي الولي الفقيه وفي مقدمتهم الهالك قاسم سليماني ومن هو على ملته.

وقال تعالى في سورة المؤمنون: فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28)

وسيد الخلق صلى الله عليه وسلم كان يفرح بهلاك المجرمين، فقد فرح بمقتل أبي جهل، والصالحون من أمتنا كانت الفرحة تغمرهم عندما يموت المجرم الطاغي، روى ابن كثير في تاريخه أن عبيد الله بن عبد الله بن الحسين أبو القاسم الخفاف المعروف بابن النقيب، كان من أئمة السنة، وحين بلغه موت ابن المعلم فقيه الشيعة سجد لله شكرا.

وجلس للتهنئة وقال: ما أبالي أي وقت مت بعد أن شاهدت موت ابن المعلم

وروى عبد الرزاق عن طاووس: أنه أخبر بموت الحجاج مرارا، فلما تحقق وفاته قال: فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.

وروى غير واحد أن الحسن لما بشر بموت الحجاج سجد شكرا لله

وقال حماد بن أبي سليمان: لما أخبرت إبراهيم النخعي بموت الحجاج بكى من الفرح.

والإمام الزاهد بشر بن الحارث يؤثر عنه لما بلغة موت بشر المريسي الضال -وكان يقول بخلق القرآن- وكان في السوق، قال: فلولا أنه كان موضع شهرة لكان موضع شكر وسجود، والحمد لله الذي أماته.

ودعونا نردد مع الشاعر المبدع أحمد الكندري:

صدور المؤمنين لها شفاءُ * وقتلك أيها الباغي دواءُ

عليكَ لعائنٌ تترى وثأرٌ * وفيك اليوم قد حل القضاءُ

سليماني هلاكك فيهِ عرسٌ * بهِ الشهداءُ للأفراحِ جاؤوا

وقد غنّى الثكالى لحن عيدٍ * يصيرُ العيدُ إن مات البلاءُ

دموعُ الأمهاتِ غدت ورودا * فموت المجرمين لهم هناءُ

ألا إنه من موجبات الشكر أن نسجد شكرا لله على هلاكه وأخذه له أخذ عزيز مقتدر

(المصدر: رابطة العلماء السوريين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى