مقالات مختارة

الصحوة الإسلامية أذهلت الغرب

بقلم د. مصطفى حلمي

عندما ظهرت الصحوة الإسلامية ذُهِلَ العالم الغربي، وهو الذي ظن بعد كل ما اتبعه من أساليب شيطانية لمحو العقيدة وقتل المجاهدين المعارضين الواقفين في وجهه، وإخراس الأصوات، والزج في السجون بالأحرار، وإلغاء الشريعة الإسلامية، وإسقاط الخلافة العثمانية، والتلاعب بالعقول بالمناهج التعليمية، دعنا من نقل مفاسد الحضارة الغربية كالخمور والدعارة والاختلاط الفوضوي بين الرجال والنساء، والتبرج والعري على الشواطئ وتجنيد العملاء وتقريب الأتباع .. إلخ .. بعد كل هذا مما ظهر لنا وللباحثين -وربما ما خفي كان أعظم- ظن الغرب وعملاؤه أن العالم الإسلامي قد مات وأصبح جثة هامدة ، فلما اكتشفوا أن هذا المارد أخذ يتململ ثم تظهر عليه أمارات الصحوة ، كان ذلك بمثابة الصاعقة .

ولكن بالرغم من كل ما أُصيبَ به المسلمون من عِلَّةٍ وضعف فإنهم الأمة الوحيدة على وجه الأرض التي تُعَدُّ خصمَ الأمم الغربية وغريمتَها ومنافِستَها في قيادة الأمم، ومزاحِمتَها في وضع العالم، والتي يعزم عليها دينُها أن تراقبَ سيرَ العالم وتُحاسِبَ الأممَ على أخلاقِها وأعمالِها ونزاعاتِها، وأن تقودَها إلى الفضيلة والتقوى، وإلى السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، وتحولَ بينها وبين جهنم بما استطاعت من القوة، والتي يُحَرِّمُ عليها دينُها ويأبى وضعُها وفطرتُها أن تتحولَ أمة جاهلية.

هذه هي الأمة التي يمكن أن تعود في حينٍ من الأحيان خطرًا على النظام الجاهلي الذي بسطته أوروبا في الشرق والغرب وأن تُحبطَ مساعيها.

إن التجربة الاستعمارية الغربية اكتفت في محاربتها للإسلام بتحويل عقائده من هدفها الأساسي أي جعل كلمة الله هي العليا إلى عقيدة هامشية لا سلطان لها على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، فأصبحت كالنصرانية مجرد عاطفة قلبية بين العبد والرب.

وفي هذا المناخ ساعدت وشجعت الكتابات الدينية والأدبية التي تصور الدين في هذا الإطار. وعنيت في المناهج التعليمية بالجانب التعبدي والأخلاقي، وسمحت للطرق الصوفية بالتعدد والانتشار وبناء الأضرحة بالمساجد بما يصاحبها من موالد واحتفالات يختلط فيها الرجال بالنساء وتطغى فيها سلوكيات الشرك والوثنية على عقيدة التوحيد الإسلامية.

إن تاريخ الخلافة الإسلامية في الدول التي تفرعت عنها كانت سلسلة من أمجاد، وحلقات من انتصارات، ففي عهودها حدثت المواقع المجيدة، في اليرموك، والقادسية، ونهاوند، وأجنادين، وبابليون، والقيروان وغيرها، ثم مواقع حطين، وعين جالوت، والمنصورة، وأمثالها، فليت لنا اليوم جزءًا من قوة أو أمجاد الخلافة الإسلامية والدول الإسلامية التي كانت مرتبطة بها أو مماثلة لها.

المصدر: الأمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى