مقالاتمقالات مختارة

الشيخ وحيد الزمان الكيرانوي ودوره في إعداد القواميس

الشيخ وحيد الزمان الكيرانوي ودوره في إعداد القواميس

بقلم د. محمد طارق القاسمي  (*)

يرجع تاريخ العلاقات الهندية – العربية  إلى ماقبل الإسلام  من خلال التجار العرب(1) فالمواني والسواحل الهندية الغربية والجنوبية كانت معروفة لدى تجار العرب قبل فجرالإسلام منذ قرون وهم كانوا يصدرون خيرات الهند و إنتاجاتها إلى اليمن وبلاد الشام(2) ولكنها ظلت في ارتباط أوثق و أوطد منذ فجر الإسلام، إذ وفد الصحابة البررة كدعاة إلى الهند ثم بدأ نطاقها يتسع على مرور العصور والأزمان.

     إسهامات الهنود في اللغة العربية تبدأ على أيدي أولئك الذين كانوا من الأصل العربي وجاءوا إلى هذه البلاد في عهد الفتوح الإسلامية العربية واستوطنوها، وفي مقدمتهم أبو الحفص المحدث البصري وهو من أتباع التابعين ومات بأرض الهند في 160هـ-776م(3) ثم من أولئك الذين ولدوا ونشأوا في الهند ونالوا سمعة بإسهاماتهم في الآداب العربية والعلوم الإسلامية قرنا بعد قرن عن طريق آثارهم ومؤلفاتهم. وما زال الهنود يعتنون اعتناء كبيرًا بالعلوم اللغوية أيضا مثل النحو والصرف والاشتقاق والبلاغة والإنشاء إلى جانب عدد من مجالات اللغة العربية فألفوا كتبا عديدة وتركوا آثارهم العلمية و الأدبية الوافرة فيها كما  أسهم  العلماء الهنود  بقسط كبير  في تسهيل الدراسة و  تعلم  اللغة العربية عن  طريق إعداد قواميس ومعاجم ولاسيما بالنسبة للمواطنين الهنود من العربية إلى الأردية وبالعكس. وكان معلم اللغة العربية العبقري الشيخ وحيد الزمان الكيرانوي -رحمه الله- من بين هوْلاء الأعلام البارزين الذين خدموا اللغة العربية خلال القرن العشرين الميلادي ويعرف الشيخ في أوساط المثقفين الهنود و العرب بفضل مؤلفاته القيمة وتصنيفاته المفيدة لطلبة اللغة العربية وأساتيذها، كما ألف الشيخ عدة قواميس للمواطنين الهنود من العربية إلى الأردية وبالعكس. وسوف تكون مقالتي مركزة على تحليل قواميسه بعد إلقاء الضوء على نبذة من حياته.

حياة الشيخ الكيرانوي:

     ولادة الشيخ ونشأته: ولد الأستاذ وحيدالزمان الكيرانوي في17 من فبراير عام 1930 من الميلاد في بلدة «كيرانه» بمديرية «مظفر نجر» آنذاك وبمديرية «شاملي» حاليا على مسافة حوالي 100 كم من العاصمة الهندية نيودلهي، بولاية أترابراديش في الهند في أسرة علمية دينية يوجد بها سلسلة من العلماء، ووالده مولانا مسيح الزمان الكيرانوي كان عالما معروفا ببلده، متميزا بمكانته الفريدة في مجال العلوم الدينية في أعمال حياته اليومية  وتمسكه الشديد بأصول الشريعة الإسلامية في حياته اليومية وكان حريصا على أن يرى هذا التمسك  في حياة أبنائه وبناته. وكان الشيخ مسيح الزمان خريج دارالعلوم بديوبند ومن تلاميذ العلامة أنور شاه الكشميرى والعلامة شبير أحمد العثماني. واشتغل بعد التخرج في دارالعلوم داعيًا لمدة قليلة  لدى جمعية حماية الإسلام في مدينة «أمرتسر»، ثم انتقل إلى مسقط رأسه «كيرانه» بعد وفاة أبيه.

     وتعد «كيرانه» من البلدات التي قدمت تضحيات كبيرة في سبيل تحرير البلاد من سيطرة الحكم الاستعماري البريطاني، ويعود تاريخ هذه البلدة إلى زمن قديم، وتدل الشواهد التاريخية  على أنه قد قام ببنائها وتعميرها إمبراطور من أسرة الباندو، وكان اسمه المهاراجه «كرن» فسميت هذه البلدة بِكيرانه، فأصبحت فيما بعد عاصمة ملوك تشوهان و راجفوت. ومن الوقائع التاريخية  التي ترتبط بهذه البلدة أن القائد الإسلامي المعروف سيد سالار الغازي هجم على هذه البلدة مع عدد كبير من الغزاة، وما زالت آثار هذا الهجوم  موجودة حتى الآن في هذه البلدة، وقد أنجبت عددا من شخصيات بارزة لها دور كبير في معركة تحرير هذه البلاد وفي مجال العلم والدعوة(4).

     سلسلة النسب: هو الشيخ وحيد الزمان بن المولموي مسيح الزمان بن القاضي المولوي محمد إسماعيل بن القاضي غلام حسين بن القاضي قلندر بخش حتى تصل سلسلة نسبه إلى أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه، وأما والدته فكانت نجلة العالم المعروف عبد الحميد الجهنجهانوي وحفيدة مولانا قطب الدين صاحب «مظاهرالحق». هذا ومعنى ذلك أن في أسرته من قبل كل من الأم والأب سلسلة من علماء الدين.

          تحصيل العلم: بعد حفظ القرآن الكريم على عادة الأسرة بأن تبدأ تعليم الطفل بالقرآن الكريم عيّن والده مدرسا لتعليم اللغة الأردية وعلم الرياضي وغير ذلك، وبعد تكميل حفظ القرآن الكريم نال التعاليم الابتدائية فقرأ بعض الكتب الفارسية كـ«كلستان» و «بوستان» من مؤلفات الشيخ سعدي الشيرازي، وقرأ بعض الكتب العربية الابتدائية من الصرف والنحو والفقه على الأستاذ محمدخالد ثم ذهب إلى مدينة حيدرآباد حيث تعلم اللغة العربية من عالم عربي دمشقي، ثم رجع الأستاذ الكيرانوي إلى بلدته «كيرانه» بعد تقسيم الهند، والتحق بالجامعة الإسلامية بديوبند عام 1948من الميلاد لينهل من مناهله العلمية الصافية: فقرأ علوم الحديث والفقه والتفسير وما عدا ذلك على كبار أساتذتها ومن بينهم الشيخ حسين أحمد المدني وتخرج فيها عام 1952 من الميلاد. وكان رئيس اتحاد الطلاب بالجامعة الإسلامية دارالعلوم/ ديوبند أيام تحصيل العلم هناك.

     علاقته بالأستاذ الدمشقي:ِ شاء القدر أن يلتقي بأستاذ عربي دمشقي  حيث سافر خاله من مدينة «حيدرآباد» إلى بلدة «كيرانه» وذلك  أثناء دراسة الشيخ الكيرانوي الابتدائية للدراسات الإسلامية والعربية، فذهب خاله به إلى مدينة «حيدرآباد»؛ لأنه كان يشتغل بوظيفة رسمية هناك، والتقى هناك مع العلامة مامون الدمشقي في جامع نابلي فأصبح يزوره للاستفادة منه خاصة فيما يتعلق بإجادة اللغة العربية والتعبير بها نطقا وكتابة وكان لإقامته بمدينة حيدرآباد خلال الفترة ما بين 1946 -1948 من الميلاد. لم يتعرف الأستاذ الكيرانوي على اللغة العربية فحسب فكانت إقامته في هذه المدينة سعيدة جدا، وكان من سعادته أنه تعلم على العالم العربي العلامة مامون الدمشقي مما أحدث في حياته ثورةً للعلم والأدب.

     أسفاره ووظائفه: سافر الشيخ الكيرانوي بعد التخرج في دارالعلوم بديوبند عام 1952م إلى دلهي وعمل كسكرتير للشيخ حبيب الرحمان اللدهيانوي المعروف برئيس الأحرار، فكان يزور وزارة الخارجية الهندية بتوسط رئيس الأحرار عندما زار رئيس مجلس الشعب في مصر «أنور السادات» الهند عام 1953 من الميلاد تم تعيينه مترجمًا له. أثناء اللقاء مع أنور السادات، ذكر الكيرانوي أهمية تبادل الثقافة والحضارة بين الهند ومصر، فوافقه أنور السادات على هذه الاقتراحات. بعد هذه المحادثة أرسل الشيخ عبد المنعم النمر إلى الهند، وقام الشيخ الكيرانوي بزيارة للمملكة العربية السعودية مع وفد ودي مكون من تسعة أشخاص بقيادة رئيس الأحرار الشيخ حبيب الرحمان، فلقي الوفد المسؤولين السعوديين والشيخ الكيرانوي كان مترجما لذلك الوفد. هذا إلى أنه قام بعدة زيارات لدول أوروبا وإفريقيا.

     علاقته بالمجلات والجمعيات والمؤسسات: أسس عام 1957 من الميلاد في ديوبند  مؤسسة ثقافية بإسم «دارالفكر» و نسق تحت إدارتها تعليم العربية والإنجليزية وأصدر الشيخ عن الجامعة الإسلامية مجلة «دعوة الحق» العربية التي كانت تصدر أربع مرات في السنة واستمر نشرها بالمواظبة إلى أن أوقفها مسؤول دارالعلوم لمصلحة خاصة فعندما احتجبت مجلة «دعوة الحق» قام الأستاذ برئاسة مجلة «الداعي». وإلى جانب هذه المسؤوليات في الجامعة  الإسلامية دارالعلوم أسس الشيخ خلال تدريسه فيها «النادي الأدبي» عام 1967 من الميلاد لتمرين الطلاب على الخطابة والكتابة العربية وكان هو مشرفا عاما على هذا النادي الأدبي، والمسؤوليات الأخرى كانت على أكتاف الطلاب. وأقام مؤسسة أخرى بإسم «دارالمؤلفين» عام 1988 من الميلاد. وأصدر لسان حال جمعية علماء الهند بالعربية باسم «الكفاح» التي ظلت تصدر طوال 15 عاما ثم احتجبت عام 1980 من الميلاد. وقد تم تعيينه أيضا عضوًا للجنة التنفيذية لجمعية علماء الهند. وله صلة قديمة مع هذه الجمعية فكان والده المولوي مسيح الزمان عضوا نشيطا لجمعية علماء الهند وحزب الكونجرس، ولعب دورا بارزا في حركة تحرير الهند ضد الاستعمار الإنجليزي كما ألقي القبض عليه فذهب إلى السجن. وعين الشيخ وحيدالزمان رئيسا لجمعية علماء الهند الملية عام 1988 من الميلاد. وأصبح رئيسا لجمعية العلماء المركزية عام 1992 من الميلاد وظل رئيسا لها حتى انتقل إلى ربه الكريم.

     خدماته في التعليم والتربية: عين أستاذا للأدب العربي لمادتي التفسير والحديث بالجامعة الإسلامية دارالعلوم – ديوبند  عام 1963 من الميلاد وظل يخدم هذه الجامعة حتى عام 1990 من الميلاد. وخلال هذه الفترة في عام 1983 من الميلاد عينته الجامعة مديرا لمجلسها التعليمي وفي عام 1985 من الميلاد رئيسا مساعدا لها. و استقال عام 1987 من الميلاد من هذا المنصب.

     وفاته: إن الطفل الذي يولد في بلدة صغيرة «كيرانه» يتعلم من بلدته إلى الجامعة الإسلامية دارالعلوم – ديوبند  ويصبح أستاذا معروفا فيها ويقوم بزيارات للدول العربية والأوروبية والإفريقية وينتشر تلاميذه في شبه القارة الهندية وخارجها من البلاد العربية والإسلامية والأوروبية والإفريقية ويكتب عدة كتب ذات أثر بالغ يواجه في آواخر أيام من حياته داء السكري الشديد، وينتقل إلى ربه الأعلى في منتصف شهر إبريل عام 1995 من الميلاد بعد ما عاش معظم مدة الشهورالأربعة الأخيرة من حياته في المستشفى لعلاج داء السكري الشديد الذي أدى إلى وفاته رحمه الله تعالى.

     آثاره: عكف الشيخ على تأليف عدة كتب وقواميس ومن بين مصنفاتٍ مطبوعة وغير مطبوعة في كل من العربيـــة والأرديــــــــــة، و نذكر ههنا مصنفاته المطبوعة الشهيرة في العربية ولاغير. وذلك فيما يلي:

     القراءة الواضحة في ثلاثة أجزاء

     نفحة الأدب

     نظرة على جمعية علماء الهند

     القاموس الجديد (من الأردية إلى العربية)

     القاموس الجديد (من العربية إلى الأردية)

     القاموس الاصطلاحي(من العربية إلى الأردية)

     القاموس الاصطلاحي (من الأردية إلى العربية)

     القاموس الوحيد (من العربية إلى الأردية)

نظرة عابرة على القواميس في الهند

     يحسن بنا أن نتحدث عن تطور إعداد القواميس وجهود علماء الهنود بهذا الصدد. إن العلماء الهنود ألفوا عدة  كتب باللغة العربية في علوم  شتى كالتفسير والحديث والفقه والمنطق والأدب واللغة وأدب الأطفال، واعتنوا اعتناءً خاصًّا بترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الهندية، فإنهم إذ عنوا بهذه الأعمال الجليلة كانوا طبعا محتاجين إلى معاجم عربية تغطي حاجاتهم اللغوية في ألسنتهم المحلية، فقد أنجبت الهند منذ قديم معجميين كبارا، ومن بينهم رضي الدين الحسن بن محمد الصاغاني (ت650هـ) مؤلف «العباب الزاخر واللباب الفاخر» ومحمد طاهر(ت 986هـ) صاحب «مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل  ولطائف الأخبار» والعلامة مرتضى الحسيني الزبيدي (ت1205هـ) مؤلف «تاج العروس من جواهر القاموس» والقاضي محمد أعلى التهانوي  (ت1191هـ) صاحب «كشاف اصطلاحات الفنون» وهناك طائفة من العلماء الذين ساهموا في الصناعة المعجمية العربية وهم معروفون على المستوى الدولي.

     وإلى جانب هولاء المعجميين الكبار، لعب بعض المعجميين الهنود دورًا هاما في إعداد القواميس ومعاجم عربية – عربية، ومعاجم عربية –إنجليزية، ومعاجم عربية – أردية وغيرها من المعاجم العربية التي جاءت في حيز الوجود في  عدة لغات محلية. وأما معاجم عربية – أردية، فبيان اللسان لزين العابدين سجاد الميرتهي، وقاموس القرآن لزين العابدين سجاد الميرتهي، و مصباح اللغات لعبد الحفيظ البلياوي و القاموس الجديد لوحيد الزمان الكيرانوي و القاموس الاصطلاحي والقاموس الوحيد لنفس المؤلف، ومن المعاجم من الأردية إلى العربية التي جاءت في حيز الوجود في شبه القارة الهندية هي: القاموس الجديد لوحيد الزمان الكيرانوي و القاموس الاصطلاحي لنفس المؤلف، وأركز دراستي الآن حسب موضوعي على تحليل القواميس للشيخ الكيرانوي وذلك بداية من القاموس الجديد من الأردية إلى العربية.

قواميس الشيخ الكيرانوي

     لعب الشيخ الكيرانوي دورًا هامًّا في تسهيل الدراسة وتعلم اللغة العربية بالنسبة للمواطنين الهنود عن طريق إعداد القواميس من الأردية إلى العربية وبالعكس، وألف عدة قواميس في هذا المجال، ولا سيما أن الشيخ قد اعتنى اعتناء كبيرا بشأن الألفاظ الجديدة والمصطلحات الحديثة للناطقين باللغة الأردية ومواطني شبه القارة الهندية الذين يرغبون في الحصول على اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم والسنة، فكان الشيخ يشعر في زمن تحصيل العلم بفراغ المعاجم التي تغطي  هذه الحاجة، فأجاب الشيخ عن طريق إعداد هذه القواميس لحل المشاكل التي يواجهها الطلاب والأساتذة وجميع من يرغبون في التمكن من هذه اللغة وذلك فيما يلي:

     القاموس الجديد (من الأردية إلى العربية)(6): إن نسخة هذا القاموس التي بين يدي طبعت بديوبند، من أترابرديش عام1417هـ/1997من الميلاد، مع المزيد من الألفاظ والمعاني الرائجة بالنسبة إلى النسخ التي طبعت من قبل، وتشتمل هذه النسخة على 1136 صفحة. والجدير بالذكر أن المؤلف الكيرانوي يعرف مشاكل طلبة اللغة العربية منذ بداية دراسته هذه اللغة، فمن ثم كان يقرأ كل صحيفة عربية أو مجلة عربية يحصل عليها حرفا حرفا، ويرسم الخط تحت جميع الألفاظ الجديدة أو التعبيرات الحديثة وبعد تيقن تام من معانيها عن طريق تكرار قراءته في عدة أمكنة، يضبط على طريقته الخاصة وفقا للترتيب الألفبائي، حيث إنه يحصل عن طريق هذا المنهج على الألفاظ الحديثة العديدة التي تستخدم في الدول العربية في المجالات السياسية والاقتصادية والدراسية والعسكرية والرسمية وغير الرسمية والألفاظ المتعلقة بالمنظمات الدولية والمنظمات غير الرسمية.

     كتب الشيخ الكيرانوي عن هذه الطبعة الجديدة التي تم إصدارها بعد 26 عاما من الطبعة الأولى أن المصطلحات والتعبيرات تتغير وتتطور. فمن ثم بذل أقصى جهوده ليملأ هذا الفراغ بتقديم هذه الطبعة الجديدة لهذا القاموس بزيادة حوالي عشرين ألفا من الألفاظ الجديدة إلى جانب تعديلات في عدة أماكن ومراجعة الألفاظ المشتبهة(7).

     هذا إلى أنه كان يستفيد من المعاجم القديمة إلى جانب منهجه المذكور. وذلك لخدمة لغة الكتاب والسنة وتحصيل الوظائف لحل المشاكل الاقتصادية لطلبة اللغة العربية كما أن هناك عديدًا من الفرص في الدول العربية وسفاراتها بسبب تطوير وتعزيز العلاقات العربية – الهندية.

     ويشير الأستاذ الكيرانوي في مقدمة الطبعة القديمة لهذا القاموس إلى أنه راجع المعاجم والقواميس والمؤلفات العربية والصحف والمجلات القيمة للحصول على الألفاظ والمصطلحات والتعبيرات لإعداد هذا القاموس(8).

     وقد أشار إلى ميزة هذا القاموس وانفراده عن المعاجم الأخرى البروفيسور زبير أحمد الفاروقي: «هذا قاموس قصير الحجم ألفه صاحبه الأستاذ وحيد الزمان الكيرانوي لطلبة المدارس والجامعات ليكون لهم مساعدا في فهم المصطلحات العصرية والمعاني الرائجة  للكلمات القديمة في العصر الحاضر»(9).

     و هناك بعض الميزات لهذا القاموس منها ما يلي:

     1- اعتنى الشيخ الكيرانوي في ترجمة التعبيرات بسياقها ومحل استعمالها بغض النظر عن الترجمة اللفظية.

     2- تناول جميع ألفاظ اللغة العربية والإنجليزية التي أصبحت جزءًا لايتجزأ من اللغة الأردية ولا بديل لها فيها تحت فهرس اللغة الأردية.

     3- لم يكتب مصدرا عربيا فقط؛ بل كتب جملة عربية تامة في صورة الفعل الماضي للحصول على المعنى المصدري في الأردية، وذلك لاستخدام اللفظ في الجملة صحيحا كما ذكر الصلات بجنب الأفعال؛ لأن المعاني تتغير بتغيير الصلات في هذا القاموس(10).

     4- وضع الشيخ جدولا للرموز التي استخدمها في إعداد هذا القاموس(11).

     القاموس الجديد (من العربية إلى الأردية)(12): إن نسخة هذا القاموس التي بين يدي طبعت بديوبند، من أترابرديش عام 2011م، مع المزيد من الألفاظ والمصطلحات الرائجة  بالنسبة إلى النسخ التي طبعت من قبل، وتشتمل هذه النسخة على 975  صفحة، إلى جانب تعديلات وتنقيحات. يحمل هذا المعجم الألفاظ العربية مع شرحها بالأردية، في العلوم المختلفة من الطب والهندسة والسياحة والصحافة وعلوم الطبيعة وغير ذلك. كما اعترف الشيخ الكيرانوي بأنه ألف هذا القاموس على أساس القاموس العصري من العربية إلى الإنجليزية؛ بل هو ملخص هذا القاموس العصري مع تعديلات لازمة واستفاد من المعجم الإنجليزي الأردي لعبد الحق في تعيين المصطلحات والكلمات ومدلولاتها المختلفة، وانتهل من المنجد في تحديد الصلات والصيغ الصرفية والاشتقاقات المختلفة للمادة(13)؛ ولكن لم يعتن ببيان القواعد المعجمية والصرفية في بداية الكتاب تمهيدا وتسهيلا كما هي عادة المعجميين في معاجمهم، إذ هم يكثرون الكلام في ذلك. هذا هو المنهج في القامـــــوس الجـــــديــــــد له من الأردية إلى العربية. و وضع جدولا في هذا القاموس للرموز التي استخدمها  فيه تيسيرا على القارئ.

     رتب الشيخ المعجم الترتيب الألفبائي برد الكلمة إلى الأصل وتجريدها من الزوائد وقد اعتنى المعجم بالأسماء والمصطلحات اعتناء خاصاإلى جانب اعتنائه بالأفعال. ولا شك أنها محاولة يجب تقديرها حيث يستفيد منه الطلاب والمترجمون الناطقون بالأردية.

     القاموس الاصطلاحي(من العربية إلى الأردية)(14): ألف الشيخ الكيرانوي هذا القاموس في صورة معجم صغير تشتمل على 527 صفحة، تناول فيه المصطلحات الجديدة التي طالما تستخدم في حياة الإنسان العامة بالإضافة إلى الكلمات التي تستخدم في الصحافة المعاصرة والكتب الأدبية العربية وترجم معانيها إلى اللغة الأردية والكتب الأدبية. وقد رتب المعجم الترتيب الألفبائي. ومن ميزات الكتاب أنه اعتنى اعتناء كبيرا بتشكيل كل حرف من حروف الكلمة.

     والجدير بالذكر أنه أعاد كثيرا من المصطلحات التي جاءت في القاموس الجديد لنفس المؤلف، ولكن لهذا القاموس اختصاص بالمصطلحات العربية التي تستخدم في الدول العربية ومن بينها المصطلحات السياسية والاقتصادية والرسمية وغير الرسمية وغير ذلك.

     القاموس الاصطلاحي ( من الأردية إلى العربية)(15):  بعد إصدار القاموس الإصطلاحي من العربية إلى الأردية تحقيقا لرغبة الطلبة والأساتيذ بإصدار قاموس من الأردية إلى العربية  على المنهج السابق(16)، ألف الشيخ الكيرانوي هذا القاموس المشتمل على 430 صفحة من الأردية إلى العربية تناول فيه المصطلحات الجديدة التي تستخدم كثيرا في حياة الإنسان العامة والعلمية بالإضافة إلى الكلمات التي تستخدم في الصحافة المعاصرة، والكتب الأدبية الأردية وترجم معانيها إلى العربية الحديثة الفصحى لا العربية المحلية أو الدارجة. أخذ المؤلف كلمة أردية في الجانب الأيمن ثم جاء بكلمة عربية إزاءها تشرح معنى الكلمة الأردية مع بيان صيغها المختلفة من الماضي والمضارع والمصدر وللمؤلف يد طولى في ذكر الصلات خلال بيان معنى الكلمة. أما الأسماء فإنه لم يكتف بذكر معانيها فحسب؛ بل ذكر المفرد ثم الجمع وإن كان للكلمة عدة جموع اعتنى بذكرها.

     وبالجملة هذا القاموس محاولة مشكورة مفيدة للناطقين باللغة الأردية ولا يزال يستفيد منه الطلبة والأساتذة والمترجمون في شبه القارة الهندية في المدارس الإسلامية والجامعات العصرية والسفارات العربية في شبه القارة الهندية.

     القاموس الوحيد (من العربية إلى الأردية)(17): هذا قاموس ضخم مشتمل على مجلدين حوالي 1900صفحة  من العربية إلى الأردية. ألّف الشيخ الكيرانوي هذا المعجم في أواخر الأيام من حياته على أساس المعجم الوسيط إلى جانب الاستفادة من المعاجم المتداولة، ولكن لم يتم إصداره في حياته حيث تم إصداره على يد شقيقه مولانا عميد الزمان الكيرانوي(18) مع مقدمة شاملة من قبله تحتوي على أهمية اللغة ومعناها اصطلاحا ولغة، ونقل رأي صاحب القاموس المحيط مجدالدين الفيروزآبادي وآراء عدد من كبار المعجميين، وألقى الضوء على اللغة العربية واللغات السامية، كما أنه أشار إلى تفوق قريش اقتصاديا وسياسيا، وأحاط بأهم المعاجم بذكر معلومات بشأنها ككتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، و التهذيب لأبي المنصور محمد بن أحمد الأزهري، و البارع لأبي علي إسماعيل القالي، و المحكم لأبي الحسن علي بن إسماعيل، و الجمهرة لأبي بكر بن محمد الحسن بن دريد الأزدي، و تاج اللغة وصحاح العربية لأبي النصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي، و لسان العرب لابن منظور، و القاموس المحيط لمجد الدين الفيروزآبادي، و تاج العروس لمحمد مرتضى الزبيدي، و أساس البلاغة لأبي القاسم محمود الزمخشري، و مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر الرازي، و المصباح المنير لأبي العباس أحمد بن محمد، و محيط المحيط لبطرس البستاني، و أقرب الموارد في فصيح العربية والشوارد للشيخ سعيد الشرتوني، و المنجد للويس المعلوف اليسوعي، و المعجم الوسيط تحت إشراف مجمع اللغة العربية بمصر، وأخيرا صاحب هذا القاموس الوحيد الشيخ وحيد الزمان الكيرانوي بالبسط(19).

     ومن أهم ميزات هذا القاموس أنه يشتمل على مئة ألف لفظ، و هو أحسن من المنجد (المعجم العربي المعروف) من حيث خلوه من الأخطاء بالنسبة للمنجد، ويشتمل على جميع المصطلحات المتداولة اللازمة.

     ومن مميزات هذا القاموس أنه يوضح الكتاب والسنة والمصطلحات للعلوم الإسلامية، و يشرح مفاهيمها الخاصة، ويستدل صاحبه بالكتاب والسنة حيث استفاد المؤلف الشيخ الكيرانوي من المعجم الوسيط والقاموس العصري من العربية إلى الإنجليزية والقاموس الاقتصادي والقاموس الطبي وقاموس القرآن ولغات القرآن، و ألف هذا القاموس على الترتيب الألفبائي وقدم الأفعال على الأسماء والفعل المجرد على المزيد والمعنى الحسي على المعنى العقلي، والمعنى الحقيقي على المعنى المجازي، والفعل اللازم على الفعل المتعدي في ترتيب الأفعال.

     وبالجملة إنه كان أديبا كاتبا، خطيبا خطاطا، مهندسا إداريا وعلى رأس هذه الصفات كان عالما لغويا حالفته العبقرية في هذا المجال، قد احتل مكانة مرموقة بين الطلبة والمدرسين والمترجمين معا وإسهاماته في إعداد القواميس لا تنسى أبدا.

*  *  *

المراجع والمصادر:

(1)      ‎راجع للتفصيل، مساهمة دارالعلوم بديوبند في الأدب العربي، البروفيسور زبير أحمد الفاروقي، دار الفاروق نيو دلهي، الطبعة الأولى1990، ص: 7.

(2)      الصحافة العربية في الهند: نشأتها وتطورها، أايوب تاج الدين الندوي، الطبعة الأولى، 1997 م دارالهجرة – جامو، ص :8 .

(3)      راجع للتفصيل سبحة المرجان في آثار هندستان للغلام على آزاد البلغرامي، ج1  ص :62-63.

(4)      وه كوه كن كي بات، للأستاذ نور عالم الأميني (تلميذ الشيخ الكيرانوي)، الطبعة الثالثة، ديسمبر 2000، ص: 237.

(5)      المستدرك على تتمة الأعلام للزركلي(الأول والثاني)، محمد خسير رمضان يوسف، دار إبن حزم ، بيروت،الطبعة الاولي،2002، ص116 ).

(6)      تم إصدار هذا القاموس الجديد من الأردية إلى العربية مع زيادة نحو عشرين ألفا من الألفاظ والمصطلاحات المفيدة للشيخ الكيرانوي من «كتب خانه حسينيه» بديوبند، أترابرديش، عام 1997.

(7)      القاموس الجديد من الأردية إلى العربية للشيخ الكيرانوي، كتب خانه حسينيه، ديوبند، أترابرديش، 1997، ص:5.

(8)      نفس المصدر، ص:8 .

(9)      مساهمة دارالعلوم بديوبند في الأدب العربي، البروفيسور زبير أحمد الفاروقي، دار الفاروق نيو دلهي، الطبعة الأولى1990، ص: 168.

(10) راجع للتفصيل، القاموس الجديد من الأردية إلى العربية، ص: 9-10.

(11) نفس المصدر، ص: 11.

(12) تم إصدار هذا القاموس الجديد من العربية إلى الأردية مع زيادة نحو خمسة عشر  ألفا من الألفاظ والمصطلاحات المفيدة للشيخ الكيرانوي من «كتب خانه حسينيه» بديوبند، أترابرديش، عام 2011م.

(13)  نفس المصدر، ص5 .

 (14) تم إصدار هذا القاموس الاصطلاحي من العربية إلى الأردية للشيخ الكــيرانوي، دار المؤلفين  بديوبند، أترابرديش، عام 1987م.

 (15) تم إصدار هذا القاموس الاصطلاحي من الأردية إلى العربية للشيخ الكــيرانوي، دار المؤلفين  بديوبند، أترابرديش، عام 2007م.

(16) نفس المصدر، ص: 3.

(17) تم إصدار هذا القاموس الوحيد من العربية إلى الأردية للشيخ الكيرانوي في المجلدين من «كتب خانه حسينيه» بديوبند أترابرديش، عام 2003.

(18) هو الشقيق الأوسط لمعلم العربية الشيخ وحيد الزمان الكيرانوي،  وتوفي يوم الجمعة 2010م الموافق 14 شوال 1431هـ، وكان موظفا في المكتب الإعلامي لسفارة ا لمملكة العربية السعودية لدى نيودلهي.

(19) راجع للتفصيل القاموس الوحيد، ص:5-101.

*  *  *

(*)    جامعة لكناؤ، قسم اللغة العربية وآدابها.

(المصدر: مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى