هاجم نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني إيران، معتبرا أنها وصلت إلى مرحلة الزحف المسلح في علاقتها مع الشعوب والدول العربية الإسلامية، محذرا من توسيع إيران نفوذها بدماء الشعوب المستضعفة.
وتابع أحمد الريسوني في حوار مشترك مع “عربي21” و”العمق المغربي”، قائلا إنه على إيران “أن تكف عن اعتبار أن جميع الشيعة مواطنون لها وأتباع لها، التبعية المذهبية أو العلاقة المذهبية لا تسوغ لإيران أن تحشر أنفها في جميع القضايا الإسلامية في جميع العالم الإسلامي وخاصة كلما تعلق الأمر بأحد الشيعة”.
وأضاف الفقيه المقاصدي المغربي: “أنا لا أعلق على إعدام الشيخ النمر لأني لا أعلم حيثيات هذا الإعدام من الناحية القضائية، كما لا أعلم حيثيات إعدام الآخرين، وبالتالي فليس عندي تعليق قانوني أو فقهي أو شرعي على هذه الإعدامات، لكن التعليق هو حول إيران التي تجعل منها قضية كبرى وتهدد بإسقاط النظام السعودي لأن شخصا تعتبره تابعا لها قد تم إعدامه، هذه سياسة مفضوحة”.
وعن مستقبل الثورة السورية قال الريسوني إنه في الأمد القريب لا شيء يدعو إلى التفاؤل، لكن في النهاية الشعب السوري المقاوم هو من ينتصر.
وتحدث عن مصر معتبرا أن نظام الانقلاب يعاني من فساده الذاتي، كما يعاني من عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه الشعب المصري، مسجلا أنه لا وجود لحل جدي بمصر في الوقت القريب.
وفي مايلي نص الحوار:
1ـ كيف تقرؤون التوتر الحاصل بين إيران والسعودية؟ وإلى أي حد قد يتطور؟
ما حصل مؤخرا في العربية السعودية، وما تلاه من ردود أفعال إيرانية وشيعية بصفة عامة، هو حلقة جديدة من حلقات توتير الأوضاع في العالمين الإسلامي والعربي منه بصفة خاصة، يتصاعد بشكل فظيع منذ أحداث الربيع العربي ومنذ الثورة المضادة وبعض جوانبه قبل ذلك، وخاصة العلاقات السنية الشيعية.
الحقيقة أن من العناصر المشكلة لهذا المشهد أن إيران سلكت سياسة قطعية لا لبس بها، هي الإصرار الشديد على نشر التشيع في العالم الإسلامي العربي في أفريقيا وفي آسيا لترسيخ مذهبيتها ونفوذها ومذهبها، هذه سياسية كانت في وقت من الأوقات خافتة، وأصبحت صاخبة بل دموية، وأصبحت مسلحة، وأصبحت مزودة بالميليشيات والأذرع العسكرية المسلحة في العراق وفي لبنان وفي سوريا وفي اليمن، وبذور ذلك في عدد من الأقطار الإسلامية الأخرى.
هذا في الحقيقة جزء من الوضع الذي نعيشه، وهو الذي ينعكس حول الضجة على العلاقات السعودية الإيرانية.
2ـ كيف قرأتم رد فعل إيران عن إعدام النمر؟
للأسف إيران احتجت على إعدام شخص واحد، والحال أن الإعدام طبق على 47 شخصا، وكانت هناك إعدامات قبل ذلك في السعودية، بالمقابل كانت هناك عشرات الإعدامات في إيران لأهل السنة بصفة خاصة، والمعارضين بصفة عامة، ولكن شخصا واحدا هو الذي تتركز عليه الأنظار.
إيران يجب أن تكف عن اعتبار أن جميع الشيعة مواطنون لها وأتباع لها، التبعية المذهبية أو العلاقة المذهبية لا تسوغ لإيران أن تحشر أنفها في جميع القضايا الإسلامية في جميع العالم الإسلامي وخاصة كلما تعلق الأمر بأحد الشيعة.
أنا لا أعلق على إعدام الشيخ النمر لأني لا أعلم حيثيات هذا الإعدام من الناحية القضائية، كما لا أعلم حيثيات إعدام الآخرين، وبالتالي فليس عندي تعليق قانوني أو فقهي أو شرعي على هذه الإعدامات، لكن التعليق هو حول إيران التي تجعل منها قضية كبرى وتهدد بإسقاط النظام السعودي لأن شخصا تعتبره تابعا لها قد تم إعدامه، هذه سياسة مفضوحة.
3ـ ماذا عن التدخل الإيراني في المنطقة العربية الإسلامية؟
إيران يجب أن تحترم الدول والشعوب العربية والإسلامية، وأن تكف عن هذه التدخلات، وأن تكف عن هذا الزحف المسلح، لقد وصلنا إلى مرحلة الزحف الشيعي المسلح، عدد من الدول التي ذكرتها تعيش على وقع زحف شيعي مسلح.
لم نعد فقط أمام اختراق دعوي أو ثقافي أو دعائي أو سياسي، ولكن انتقلت إيران في السنين الأخيرة وخاصة منذ سقوط العراق أو تسليم أمريكا العراق إلى إيران، أصبحت تزحف عسكريا وتنشئ ميليشياتها في كل مكان.
وهذا يوجب مواجهته بكل حزم سواء من طرف السعودية أو من طرف المغرب، أو من طرف السودان، أو من قبل جميع الدول، فجميع الدول مدعوة إلى مواجهة هذا الزحف المسلح، الزحف المذهبي، الزحف الطائفي، الذي يعتبر خلال 30 أو 40 سنة الماضية، أكبر خطر أو أكبر فساد يهدد العالم الإسلامي، لأنه يهدد بإثارة حروب أهلية في معظم الدول الإسلامية، فلو استطاعت إيران إشعال حروب أهلية في دول العالم الإسلامي لفعلت، لا قدر الله.
4ـ هل هذه دعوة إلى الدفاع عن سياسات السعودية؟
نحن ضد إيران، السعودية لها سياستها ولها أخطاؤها التي قد نتفق أو نختلف معها، هي أيضا تدخلت في الشأن المصري، وساعدت على إسقاط مرسي، ولكن إيران تزحف زحفا شاملا على الدول الإسلامية، وهذا أصبح واقعا واضحا.
ترددنا في الجزم به لكن اليوم نجزم به دون تردد، لابد من مواجهة إيران، لابد أن تعرف إيران بأن العالم السني له كيانه وله شخصيته وله اختياره المذهبي منذ بعثة رسول الله، ولن نقبل هذا التشيع خاصة بعد أن تحول تشيعا بقوة السلاح.
5ـ كيف تردون على الدول التي تعتبر نفسها غير معنية بالخطر الشيعي كالمغرب مثلا؟
الخطر الشيعي، أعني به الفتنة وإثارة الحروب والصراعات، هذا ما أعنيه بالخطر الشيعي، وليس أن يتشيع فلان أو فلانة من الناس، وهذا الخطر ليس قريبا من المغرب، بل هو يسكن المغرب، أصبح يستقر في المغرب وينمو في المغرب، كما في كل دولة استطاعوا الوصول إليها من الدول الإسلامية أو الدول الأفريقية أو العربية، إذن فهو خطر حقيقي، خاصة بعدما أصبح خطرا مسلحا.
التحرك الشيعي والسياسة الشيعية في العالم الإسلامي، حركة طائفية بالدرجة الأولى وليست حركة سياسية أو اقتصادية، إيران خسرت المليارات في سوريا واليمن ونحن نعلم أنها لن تجني شيئا من اليمن، ماذا ستجني اقتصاديا من سوريا، من نيجيريا.
6ـ في نظركم ما الذي يغلب في السياسة الإيرانية، العقيدة أم الاقتصاد؟
هناك عقائد شيعية تحرك كل هذا، هناك عقيدة الإمام المغيب، الذي يوشك أن يرجع حسب نظرياتهم، وهم يهيؤون له من القتل والفوضى والميليشيات، ما يليق باستقباله استقبالا دمويا للأسف وهذه عقلية خرافية جاهلة هي التي تحرك السياسة الإيرانية، هي التي تحرك الجيوش الإيرانية في المنطقة، وهي التي تحرك الحرس الثوري، الذي يتحرك بضباطه وأحيانا بميليشياته استقبالا للمهدي للأسف، وكأن المهدي متعطش للدماء لكي يأتي.
تحرك إيران في العالم الإسلامي تحرك طائفي مذهبي خرافي، وليس تحركا سياس، فإيران تخسر سياسيا وتخسر اقتصاديا، لأجل دعم هذا التوجه.
7ـ ماذا عن الوضع في سوريا؟
في الوقت الراهن والمستقبل القريب لا أستطيع أن أتنبأ بشيء، وربما لا أحد يستطيع حقيقة التنبؤ بمستقبل الصراع على أشده في سوريا، إيران وأتباعها من العراقيين واللبنانيين ومن الشيعة الذين جاؤوا من كل مكان حتى أفغانستان باكستان، بل حتى من دول آسيا الوسطى، يقاتلون الآن في سوريا، وهناك التدخل الروسي الوحشي.
وهناك الشعب السوري بكل فئاته وفصائله الكثيرة والمتعددة، الصراع كبير جدا وعميق جدا والحل بعيد جدا، ولا أنتظر شيئا بتاتا من المفاوضات المرتقب بدايتها، ليس هناك إلا مزيد من الصراع ولا أستطيع التنبؤ في الأمد القريب.
في الأمد البعيد أؤمن وعلى يقين دائما بأن الشعوب إذا قاتلت وناضلت وإذا تحركت في النهاية ستنتصر، لأنها في الأخير هي صاحبة الأرض والحق، وشعوب العالم بما في ذلك العالم الإسلامي هي مع الشعب السوري، رغم أن مساندتها له ضعيفة جدا، لكن في النهاية لابد أن ينتصر الشعب السوري، لكني أكرر في الأمد القريب لا أستطيع التنبؤ.
8ـ أي أفق للأزمة المصرية؟
مصر أيضا بحسب رأيي المتواضع ليس هناك شيء قريب، هذا الوضع مازال يحتاج وقتا، النظام يعاني من فساده أولا، يعاني من تناقضاته الداخلية، يعاني من الأعباء التي التزم بها أمام الشعب المصري،، فالنظام في حالة مزرية تماما، والمعارضون أيضا أنهكوا بالقتل وبالسجن وبالنفي وبالتشريد، والشعب مازال صامدا، والشباب على الخصوص لكن مع كل هذا ليس هناك أي تهيؤ واضح للتلاقي والتصالح بين الطرفين، ولم يبلغ إلى علمي وجود شيء جدي.
المصدر: عربي 21.