مقالاتمقالات مختارة

الذكورية والنسوية أضواءٌ في عتمة معركةٍ كاذبةٍ

الذكورية والنسوية أضواءٌ في عتمة معركةٍ كاذبةٍ

بقلم حمزة أبو زهرة

 بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

قال الله: “وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى”، وقال رسوله: “إنما النساء شقائق الرجال”.

– ليس الذي بين الذكر وبين الأنثى بأكبر مما بين الليل وبين النهار، ولعل هذا من أسرار عطف الله خلْق الذكر والأنثى على خلْق الليل والنهار، فقال: “وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى”، ولئن ساغ إيثار الليل على النهار أو النهار على الليل من كل وجهٍ؛ ساغ ذلك بين الذكر وبين الأنثى، وما بقي الليل والنهار يتساندان لا يتعاندان قدَرًا؛ بقي الذكر والأنثى كذلك شرعًا.

– الفروق النفسية والحِسية بين الرجال والنساء ثابتةٌ بالقدَر والشرع جميعًا، وإنكارها مُحادَّةٌ للعقل ومكابرةٌ للحِس ومُشاقَّةٌ لشرائع النبيين كلها، ومِن ورائه خسفٌ مقصودٌ للفِطَر والعقول؛ لِتستهجن بنفسها أحكام الله والرسول.

– جنس الرجال مفضَّلٌ على جنس النساء في أمورٍ معينةٍ كونيةٍ وشرعيةٍ.

– هذا التفضيل في الإسلام مسبَّبٌ بأسبابٍ مُركَّبةٍ؛ فإذا زالت (جميعًا) -وقلَّ ما تزول جميعًا- فلا تفضيل، وإذا زال بعضها زال من التفضيل بقدْر ذلك.

– الأفضلية تشريفٌ من وجهٍ وتكليفٌ من وجهٍ آخر، فإذا زال التكليف زال التشريف؛ بل لحقت الرجلَ وضاعةٌ حتى يرتفع إلى رُتبته التي أعلاه الله إليها تارةً أخرى، وهي سنةٌ جاريةٌ لله في القدَر والشرع؛ “الغُنم بالغُرم”.

– لا يستلزم هذا التفضيلُ العامُّ فضلَ كل رجلٍ على كل امرأةٍ؛ بل المشاهَد فضلُ بعض النساء على كثيرٍ من الرجال؛ إذا هن سَمَون إلى وظائف رجالهن التي زالوا عنها؛ فإن العبرة عند الإله الحق بحقائق الأمور لا بِصُوَرها.

– لم يعرف تاريخ البشرية -مع رسوخ هذه الفروق الطبيعية بين الرجال وبين النساء مُذْ خُلقوا بها- هذه الحرب الكاذبة الخاطئة بينهما؛ كاذبةٌ خَلَّقت الجاهلية الآخِرة وَقودَها خلال ثغرات الضعف الأنثوي تخليقًا، وخاطئةٌ أُريد بها تصريف طاقات العداوة الإنسانية في غير مجاريها التي خُلقت لها، فهي عَوْراء التصنيف حَوْلاء التصريف، وما بين ناقضها وبين نقضها إلا إيقاظُ الفِطَر إلى زيفها.

– إذا اجتمع كيد ذكران الإسلام وإناثه على ما يستحق الكيد من أعدائه؛ لم يبق منه فيما بينهم إلا ما يؤكد وجودهم في هذه الحياة الدنيا، ويَشهد للمسافة الطبيعية بينهم، ويُقرِّر سنة الله في اختلافهم وآثاره السُّوأى والحِسان.

– الأصل مساواة الرجال والنساء في التكاليف العقدية والعملية، إلا ما اختُص به أحدهما من التكاليف العملية، وهذا إجماعٌ لا يماري فيه إلا جهولٌ أو زنديقٌ.

– لا طاعة على الرجل لامرأته في الإسلام، وكيفَ يكون في شريعة قومٍ يعقلون؛ حتى يُنسب إلى الرب الأعلى! بل غاية الأمر في الإسلام أن يوافق الرجل امرأته على ما تحب؛ ما لم يكن إثمًا أو ضررًا، وكان في مقدوره نفسًا وحِسًّا، وهو مقتضى المحبة الصادقة من جهةٍ، وداعي الأفضلية من جهةٍ أخرى.

– يجب على المرأة أن تطيع زوجها فيما أمرها به إذا كان على وجه الإلزام، ويُستحب إذا كان على وجه الندْب، إلا أن يكون حرامًا أو مكروهًا، أو غير مستطاعٍ لها نفسًا أو حِسًّا، والاستطاعة النفسية في شريعة الرب -جلَّ ثناؤه- كالحِسية.

– في الحقوق بين الرجل وبين المرأة أمورٌ متفقٌ عليها، وأمورٌ مختلفٌ فيها، والواجب عند التنازع الرجوع إلى أصول الشريعة وفروعها التي تُعَضِّدها الفِطَر القويمة والنفوس السوية والأعراف الصحيحة.

– ما يكلِّف الرجل به المرأة إن كان لا يقدر عليه هو؛ فأَنَّى تقدر عليه هي! إلا أن يكون من جنس ما تقدر عليه النساء دون الرجال.

– الرب الذي منه الحُكم وإليه الرُّجعى عليمٌ بالظواهر خبيرٌ بالبواطن؛ فأيُّما رجلٍ أو امرأةٍ أراد التحلل مما كلفه الله به، ثم ألبس ذلك لَبوس الشرع الأكرم ليجادل بالباطل؛ فجزاؤه عند الله هو جزاؤه، بئس ما جنى على نفسه في الحياة الدنيا، ثم ويلٌ له من نسبة فعله إلى شريعة الله القُدُّوسة يوم يقوم الحساب.

– النسوية بناءٌ تراكميٌّ جاهليٌّ بأصله، له أُسسه اللغوية والفلسفية وأركانه التشريعية والأخلاقية المُحادَّة كلُّها للإسلام بأصله، وما كان فيه من بعض الحق فالواجب تجريدُه منه ونزعُه عنه ليَخِرَّ سقفه على أهله.

– العنوان الذي يستحفظه النسويون دائمًا على هذه الحرب هو “حقوق المرأة”؛ لكن الحقيقة اليتيمة تحته هي حفظ الحرب ناشبةً دائمًا بينها وبين الرجل؛ تغفيلًا عن قُصودها تحصيلًا لحصادها.

– لا يعرف الإسلام “الذكورية” كما يزعم الأجرياء عليه بجهلهم وضَلالهم إذ يُناوؤون النسويين، كبُرت كلمةً يفترونها مكايَدةً عبثيةً، إن يقولون إلا دجلًا، وما تزيد هذه الدعاوى شريعة الإسلام إلا خرابًا، والنسوية الجاهلية إلا عمارًا.

– في النسوية الإسلامية المفتراة عليه من أنواع الشرور العقدية والعملية والأخلاقية؛ ما ليس في النسوية الجاهلية التي لا تصانع الإسلام في شيءٍ من ذلك بل تُحادُّه فيها وتُشاقُّه، وكلٌّ من وحي الشيطان وحزبه الخاسرين.

– في النسوية من نواقض الإسلام العقدية والعملية الصريحة ما لا يُحصى ولا يُستقصى؛ بل هي دعوةٌ إلحادية الغاية ظاهرٌ إلحادها، مهما تدثرت اضطرارًا بشيءٍ من الأديان في سُبل تحقيقها.

– ليست النسوية أفكارًا مجرَّدَةً في المدافعة عن النساء -بحقٍّ أو بباطلٍ- سَلبًا، ولا في مناصرتهن -بعدلٍ أو بظلمٍ- إيجابًا، لعل صورتها كانت كذلك أول ما استنبتها إبليس في نفوس أهلها استنباتًا، فأما اليوم فهي منهجٌ كاملٌ -في عقول معتقِدِيه- في الكونيات والشرعيات على السواء.

– يَنقص في الرجل من الذكورة بقدْر ما يزيد فيه من النسوية، ومن كانت بدايته النسوية كانت نهايته اللوطية، ولعل لوطيته الخفية هي البداية الحقيقية والنسوية الجَلية هي النهاية الصورية، ولا تكون امرأةٌ نسويةً إلا بقدْر الاسترجال النفسي فيها، ولا تزال النسوية بها حتى لا تُبقي من أنوثتها النفسية شيئًا ولا تذر، وقد تتسق فتُزيل أنوثتها الحِسية وتتحول جنسيًّا، أو تُقِرُّ السِّحاق قارفتْه أم لم تقارفه؛ لكنه يبقى صورةً من صور الاتساق النسوي لا تخفى على خبيرٍ.

– ما بقيت شريعة الإسلام مغيَّبةً عن المسلمين؛ فلا غَرْوَ أن يشيع الظلم فيما بينهم حتى يكون على توالي الدهور صِبغة نفوسهم، إلا قليلًا ممن أنجى الله وعصم كالشعرة البيضاء في مَتْن ثورٍ أسود، ظُلم الكافَّة للكافَّة؛ لكن يبقى ظلم النساء أشنعَ في نفسه لضعفها وعجزها غالبًا، ثم في تَدَسُّسِ شياطين الجن والإنس من ثغراتها لإيقاد النار، وما شايَع باطلًا في الأرض مُذْ نبت فيها باطلٌ على استحياءٍ إلى قيام شيخ الباطل المسيح الدجال مِثلُ النساء؛ كيف إذا كان باطلًا موهِمًا بحمايتها مضلِّلًا بنصرتها مزيِّفًا بحقوقها!

– في كثيرٍ من الدعاة إلى الإسلام كثيرٌ من الظلم لا تخفى آثاره؛ للرجال وللنساء، ولأنفسهم، وللإسلام في عقائده وشرائعه وأخلاقه، وهو ظلمٌ قبيحٌ من جهة إسلامية أهله التي يفيء إليها الناس آمنين مطمئنين؛ غير أن أظلم الظلم أن يُقايَس كل ظلم النساء من هؤلاء الدعاة ببعض ظلم العلمانيين والليبراليين لهن، في التصورات الشيطانية والتصرفات السَّبعية على السواء، ولا تلوذ امرأةٌ من الإسلاميين بالعلمانيين إلا لاذت من الحر بالنار، وكل الظلم حرامٌ.

– لَمَوْضِعٌ عزيزٌ كريمٌ وضعه الله للمرأة أول يومٍ في الإسلام؛ خيرٌ لها من كل موضعٍ وضعته لها الجاهلية لو كانت تفقه، ولئن أسعد نفْسَ امرأةٍ في دين النسوية أنها علة الأحكام التي تُدار عليها وجودًا وعدمًا؛ فإن طمأنينة قلب المسلمة في دين الإسلام بحكمة ربها مقدِّمًا مؤخِّرًا أشدُّ وأكفى.

– ليست المرأة النسوية حين تتوهم نفسها كبيرةً؛ إلا أصغر من طفلٍ قعيدٍ لا يمرُّ به ذو رحمةٍ إلا رَثَى له وأشفق عليه؛ بَيْدَ أن هذا الطفل لا يستجدي هؤلاء الرُّحماء رحمتهم، وهذه النسوية تَقطع العمر كله في الاستجداء، ومِن قُساةٍ لا يرحمون، وليست حين تتوهم نفسها حرةً؛ إلا أمَةً لا تدري كل يومٍ أين المستقَر! وليست حين تتوهم نفسها واسعة العقل؛ إلا بلهاءَ متناقضةً يضحك منها المجانين.

– ما رضيت امرأةٌ بالنسوية دينًا ابتغاء الحرية والكرامة والرِّفعة؛ إلا عاملها الله بنقيض قصدها فذلَّت وهانت ووُضِعت؛ فإن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته، وليس بعد قِسطاس الإسلام إلا جَوْر الجاهلية.

– لا تَقرُّ عينُ امرأةٍ بدساتير الجاهلية الباغية وقوانينها الطاغية على الرجال، بدعوى “حقوق المرأة” ومناصرتها؛ إلا وفي قلبها نفاقٌ، لا يشفع لها ظُلم ظالمٍ من الرجال، وإنما استقواء المؤمن بحُكم ربه لا بحُكم الطاغوت.

– ما أبغض النسوية عبدٌ يَشهد ظلم امرأةٍ قد أقدَره الله على حمايتها، ثم هو لا يُسْعِفُها بكل ما قدَر، أما الظالمون النساء بأنفسهم فأولئك أعْونُ الناس على النسوية وإن لعنوها بكل قلمٍ ولسانٍ؛ فإن العبرة عند الله بالحقائق لا بالصور، ليس الظلمَ الجزئي العارض اليسير الذي يغشاه أكثرُ الخُلطاء أعني؛ فإنه لا يكاد يسلم منه رجلٌ ولا امرأةٌ، إنما هو الظلم الكلي الدائم العظيم.

– ليس وراء كل منقلِبةٍ من شريعة الإسلام إلى شريعة النسوية ظُلم ظالمٍ من الرجال؛ بل وراء أكثرهن شهواتٌ ظاهرةٌ أو باطنةٌ، وما عوقب ذو شهوةٍ يُصِرُّ عليها بمِثل شبهةٍ يصير إليها، ولئن انتكسن بالظلم جميعًا؛ فما هو عند الله بعذرٍ لهن حتى يَلِجَ الجمل في سَمِّ الخِياط؛ فأشفقوا على الخلق بإحقاق الحق.

– ظُلم الوالد والأخ والزوج والولد وسائر ذكران الإنس والجن، لو اجتمع على امرأةٍ واحدةٍ يكيدون لها كيدًا، ويمكرون بها الليل والنهار؛ لا منتصِر لها منهم إلا بالله ورسوله ودينه، لا يكون غيرُ الله والنبي والإسلام نصيرًا.

– حركة كلٍّ من الزوجين في اتجاه كلٍّ؛ هي الصراط المستقيم والتوفيق العظيم، الذي يبارك به الله ما بينهما بَطنًا وظَهرًا، ويعصمهما به من الوَكْس والشَّطط عملًا ونظرًا، ويُبطل به كيد أعداء الإسلام عَينًا وأثرًا.

– ما جمَع الزوجين إسلامٌ وعقلٌ ومودةٌ ورحمةٌ يتقلَّبان بينها، إذا ضعُف سببٌ منها قوِي آخر، وعرف كلٌّ منهما حدود الله وسعى في أدائها؛ حفظهما الله بين ستره وبين جبره لقاءَ ذلك، وأغاثهما برأفته ورحمته كلَّ جفوةٍ بينهما وجفافٍ؛ إلا بلاءًً منه يقدِّره بينهما لحكمةٍ بالغةٍ قضاها، وهو العليم الحكيم.

– نصوص الإسلام لا تغازل الإناث، وفقهه لا ينحاز للذكور، ورجال السلف الصالح ليسوا صبيانًا في حواري العلمانية المظلمة، ولا فتياتٍ في زنقات الليبرالية المتسخة. الإسلام نصوصًا وفقهًا ورجالًا في شغلٍ عن عِراكاتٍ تفرضها الجاهلية بعِراكاتٍ يفرضها هو، كفى بشمس الإسلام وقمره وتبًّا لشُموع السُّكارى.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

المصدر: موقع مداد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى