مقالاتمقالات مختارة

الخلافة الشرعية وتطبيقها العملي في ضوء التاريخ

الخلافة الشرعية وتطبيقها العملي في ضوء التاريخ

بقلم الأستاذ أسعد قاسم السنبهلي القاسمي (*)

الخلافة نيابة عن خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم في کل من تلاوة الكتاب، وتعليم الحکمة، وتزکية النفوس، وإقامة الجهاد في سبيل الله، تبليغا للدعوة إلى الشعوب وإظهارا لدینه علی جمیع الأدیان. فيحل الخلیفة محله، ویسیر مساره؛ لیحافظ علی النظام الشرعي، ویوسع حدوده ونطاقه، إلی ماتمتد الأرض من شاسع الأمکنة وأقاصي البلدان، وبالتالي یشع النور، ویتبدد الظلام، ویتذوق الأمم بیضا وسودا حلاوة الإیمان، و یدخلون في دین الله أفواجا، وقد أخبر نا النبي –صلى الله عليه وسلم- عن ظهور الخلافة بعد وفاته، وقیام الخلفاء بحمل أعباء النبوة نیابة عنه في مختلف الصور والأشکال، فالصورة الأولی ما أشار إليه الحدیث الذي رواه الإمام الترمذي في سننه.

     «عن سعید بن جمهان قال ثني سفينة قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك. ثم قال لي سفينة: أمسك خلافة أبي بکر، ثم قال: خلافة عمر،وخلافة عثمان، ثم قال: أمسك خلافة علي، فوجدناها ثلثین سنة»(1).

     حقا، فقد حدث ما أخبر عنه النبي –صلى الله عليه وسلم- فما إن لحق بالرفيق الأعلی حتی بایعه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعین أبا بکر علی السمع والطاعة، ثم خلفه نوبة بعد نوبة عمر، و عثمان، وعلي، وابنه الحسن علی قول بعض کبار العلماء. وذلك بفترة تمتد على ثلاثین سنة حسبما ورد في الحدیث. ویقول رئیس الفقهاء والمحدثین العلامة أنور شاه الکشمیري -رحمه الله- في شرحه علی سنن الترمذي «العرف الشذي»:

خلافة أبي بکر ثنتان مع بعض الأشهر
وخلافة عمر الفاروق عشر سنین مع
بعض الشهور، وخلافة ذي النورىن
اثنتا عشرة سنــــة، وخلافــــــة علي
أمىر المومنىن أربع سنىن، وخلافة حسن
سبط النبي – صلى الله عليه وسلم- عدة أشهر(2).

     وقد اتفق الأئمة والأعلام على أن الخلافة الراشدة الأولى عهد نموذجى مثالي بىن الحکومات والإمارات التي قامت بعدُ على أساس العقىدة والشرىعة، ولا تزال تقوم إلى أن تطلع الشمس من مغربها، فلا تساويه حکومة في الماضي إیمانا وبركة، ولا یضارعه عصر في المستقبل قسطا وعدلا، وسعادة وتوفيقا، وعملا ومعرفة، انتهى ذلك العهد الرائع العظیم في بداية العقد الخامس من القرن الأول بتنازل الحسن بن علي -رضي الله عنه- عن منصب الحکم في حق الأمیر معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-.

     ومما تجدر إليه الإشارة أن ذلك الحدیث یدل عند العلماء الأجلة علی انقطاع الخلافة الراشدة استمرارا وتتابعا بعد وفاته بثلاثين سنة، ولا یستلزم أنها انقطعت کليا مطلقا حیث لاتقوم أبدا ولا یوجد بعدها أحد من الخلفاء الراشدین فيما یأتي من القرون والدهور، صرح بذلك الحافظ ابن کثیر الدمشقي في مؤلفه الشهیر «البداية والنهاية»:

وبیان أن الخلافة قد انقطعت بعد الثلاثین
سنة لامطلقا؛ بل انقطع تتابعها، ولا
ینفي وجود خلفاء راشدین بعد ذلك
کما دل عليه حدیث  جابر بن سمرة(3).

     ولما تولی الأمیر معاوية منصب الخلافة والإمارة سنة 41 من هجرة المدینة بدا لها العصر الثاني المدید، الذي أشار إليه النبي –صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الشیخان:

     «عن أبي هریرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم کانت بنو إسرائیل تسوسهم الأنبیاء کلما هلك نبي، خلفه نبي، وأنه لا نبي بعدي، وسیکون خلفاء، فيکثرون، قالوا: فما تأمرنا یا رسول الله؟ قال: فوا بیعة الأول فالأول، أعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم»(4).

     وقال الإمام النووي: فالنبي –صلى الله عليه وسلم- هوخاتم الأنبیاء، ولكن جعل الله له خلفاء، خلفاء في العلم، وخلفاء في السلطة، والمراد بالخلفاء في هذا الحدیث خلفاء السلطة.

     وبما أخبرالنبي –صلى الله عليه وسلم- عن کثرة الخلفاء، طال ذلك العهد، واجتاز من عمره 13 قرنا فصا عدا، وظهر فيه من یربو عدده على 100 من الخلفاء الأمويین، والعباسیین، والأتراك العثمانيین، وغیرهم من الأمراء والسلاطین، الذین کانوا یحکمون الأندلس، والبلاد الإسلامية الأخری علی الدستور الإسلامي، مستقلین عن بغداد، عاصمة العباسيین وانتهی ذلك العهد الثاني من الخلافة الإسلامية عندما برز في ترکیا الدکتاتور العلماني مصطفی کمال باشا، الذي قام بتنحية السلطان عبد الحمید عن الحکم، وإسقاط النظام الشرعي الموروث، بسنة 1342هـ المصادف 1924من میلاد المسیح.

     ولا یفوتنا أن نؤکد أن العهد الثاني، عهد الخلافة الإسلامية غیر أنه لم یصل إلی ماوصل الأول في اتباع خطوات النبي صلى الله عليه وسلم، وتطبیق الكتاب والسنة کل التطبیق؛ بل انحطت بذلك الخلافة لدرجة بالنسبة إلی عهدها الأول، الذي لایختلف عنه العصر الثاني إلا في اختیار الخلفاء، وتولیتهم لمناصب الحکم، فکانوا یتولونه في الخلافة الراشدة الأولی بالمشورة  فيما بین السابقین والأولین، وبیعة أهل الرأي، وأعیان الأمة، وعامة المسلمین، ثم انحازت الخلافة إلی عائلة خاصة، وجری التوارث بین أبنائها في الاستواء علی منصب الحکم أبا عن جد، بما لایسع أحدًا من غیر الأسرة الحاکمة في فترة من الفترات، وأما النظام الإسلامي القدیم، فلم یزل قائما متأسسا إلی حد کبیر علی ما کان عليه في العهد الأول من تطبیق الشریعة، وإقامة الجهاد، وتبلیغ الدعوة إلی كافة الأقطار والأمصار، وتوحید صفوف المسلمین وحمایتهم عن الغارات والحملات التي شنها اليهود والنصاری في مجالات الثقافة والحضارة، وجبهات الغزو والقتال.

     فبدا لكل ذي عین وقلب سليم أن الخلافة الإسلامية الكبری کانت مع تغیرها وانحطاطها دوحة باسقة، تجمع شمل المسلمین، وتظلهم في رحابها، وتعید الثقة فيهم بأنهم بعثوا في الدنیا لقیادة العالم، وسیادة الشعوب والأمم، فلا یتجرأ عدو من أعدائها علی أن یدمر البلاد، ویُقوض المقدسات، ویسفك الدماء، ویرمل النساء، وییتم الصبیان، کما نشهد ذلك بعد سقوطها في کل من فلسطین والشام، والعراق والجزائر، والهند والیمن، والبوسنة والشیشان، وبلاد الأفغان، نذوق کل یوم عذاب الخوف والجوع، حینًا بأیدی الإمبرا طورية الملحدة، وآخر بالدیمقراطية الخبیثة، فکانت هي حقا خلافة إسلامية، ونعمة عظيمة کبری، یشعر بها المسلمون شعورًا دقیقًا بعد أن حرموا خیرها وبرکاتها، فلیس الأمر کما زعم بعض الغلاة المعاصرین، الذین یصفون العهد الثاني بالنظام الجاهلي، الذي لایمتّ بصلة إلی الشریعة والدین، ویطلقون علی ولاته قوارص الكلم من الجبابرة الظلمة، والفراعنة الطواغیت، وذلك ولا شك غلو وانحراف؛ فإن الرسول –صلى الله عليه وسلم- وصفهم بالخلفاء، وأکد علی بیعتهم وطاعتهم في حدیثه، وحذّرهم من الخروج عليهم ما حافظوا علی الشریعة والدین، ولو کان ذلك العهد جاهلیا أسود لما خضع له النوابغ والأعلام، وما عاشوا في رحابهم مطیعین منقادین، هاهي صورة ثانية من خلافة النبي صلى الله عليه وسلم.

     وأما الصورة الثالثة من الخلافة الإسلامية الكبری فقد أخبر عنها الرسول –صلى الله عليه وسلم- في الحدیث الذي رواه الإمام أبو داود عن جابر بن سمرة قال:

     سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- یقول: «لایزال هذا الدین قائما حتی یکون عليهم اثناعشر خلیفة کلهم تجتمع عليهم الأمة الخ»(5).

     اختلف المحدثون في تحدید هم شخصیا، فذهب الإمام البيهقي والنووي والحافظ العسقلاني وغیرهم من کبار العلماء إلی أن الحدیث یشیر إلی الخلفاء والسلاطین الذین أجمعت عليهم الأمة، ولم یختلف أمرهم فيما بین المسلمین، وهم بعد الخلفاء الأربعة، معاوية بن أبي سفيان، وابنه یزید، ومروان ابن الحکم، وعبد الملك بن مروان، والولید بن عبد الملك، وسلیمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزیز، ویزید بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك إلی الولید بن یزید بن عبد الملك.

     وإذا قمنا بالمقارنة الدقیقة الأمینة بین الأدلة ودعاوي الإجماع، توصلنا إلی أن الخلفاء ازداد عددهم علی اثني عشر، ولم یجمع المسلمون علی الخلیفة الرابع علي بن أبي طالب، والحاکم الأموي یزید بن معاوية، اختلف مع الأول معاوية بن أبي سفيان وأتباعه من الصحابة والتابعین، ولم یرضوا بأمره حتی قتل شهیدًا عام 41هـ، وأما الثاني فلم یکد یحتل الخلافة حتی ثار النزاع، واشتد الخلاف في العالم الإسلامي، فقد مات هو، وکان المسلمون یجاهدون العساکر الأموية في البلد الأمین فکیف أجمعت عليه الأمة، إذ هو خطل في الرأي، وضعف في التقدیر، کما حقق المحدث الشهیر ابن کثیر -رحمه الله- في البداية والنهاية:

     «فهذا الذي سلكه البيهقي، وقد وافقه عليه جماعة من أن المراد بالخلفاء الاثني عشر المذکورین في هذا الحدیث هم المتتابعون إلی زمن الولید بن یزید بن عبد الملك الفاسق الذي قدمنا الحدیث فيه بالذم والوعید، فإنه مسلك، فيه نظر، وبیان ذلك أن الخلفاء إلی زمن الولید بن یزید هذا أکثر من اثني عشر علی کل تقدیر، وبرهانه أن الخلفاء الأربعة أبوبکر، وعمر وعثمان، وعلي، خلافتهم محققة بنفس حدیث سفينة: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم بعدهم الحسن بن علي کما وقع لأن علیا أوصی إليه، وبایعه أهل العراق، ورکب ورکبوا معه لقتال أهل الشام، حتی اصطلح هو ومعاوية، کما دل عليه حدیث أبي بکرة في صحیح  البخاري، ثم معاوية، ثم ابنه یزید بن معاوية، ثم مروان بن الحکم، ثم ابنه عبد الملك بن مروان، ثم ابنه الولید بن عبد الملك، ثم سلیمان بن عبد الملك، ثم عمر بن عبد العزیز، ثم یزید بن عبد الملك، ثم هشام بن عبد الملك، فهؤلاء خمسة عشر، وعلی کل تقدیر فهم اثنا عشر قبل عمر بن عبد العزیز، فهذا الذي سلكه علی هذا التقدیر یُدخل في الاثني عشر یزید بن معاوية، ویُخرج منهم عمر بن عبد العزیز، الذي أطبق الأئمة علی شکره وعلی مدحه وعده من الخلفاء الراشدین، وأجمع الناس قاطبة علی عدله، وأن أیامه کانت من أعدل الأیام، حتی الرافضة یعترفون بذلك فإن قال: أنا لا أعتبر إلا من اجتمعت الأمة عليه، لزمه علی هذا القول أن لایعدّ علي بن أبي طالب ولا ابنه؛ لأن الناس لم یجتمعوا عليهما وذلك أن أهل الشام بکمالهم لم یبایعوها، وعد حبیب معاوية وابنه یزید وابن ابنه معاوية بن یزید ولم یقید بأیام مروان ولا ابن الزبیر کأن الأمة لم تجتمع علی واحد منهما، فعلی هذا نقول في مسلكه هذا عادًّا للخلفاء أبا بکر، وعمر، وعثمان، ثم معاوية، ثم یزید بن معاوية، ثم عبد الملك، ثم الولید بن سلیمان، ثم عمر بن عبد العزیز، ثم یزید، ثم هشام، فهؤلاء عشرة ثم من بعدهم الولید بن یزید بن عبد الملك الفاسق، ولكن هذا لایمکن أن یسلك؛ لأنه یلزم منه إخراج علي وابنه الحسن من هؤلاء الاثني عشر، وهو خلاف ما نص عليه أئمة السنة؛ بل والشیعة(6).

     هذا، ومن جهة أخری مال بعض المحدثین الأجلة إلى أن الحدیث یشیر إلی ولاة الأمور، الذین یتمسكون في الحکم بأسوة النبي –صلى الله عليه وسلم- بالنواجذ ویقودون المسلمین علی منهاج النبوة، قیادة رشیدة أمینة، لایشوبها انحراف ولا تغیر، فيتحقق في عهدهم ما تحقق في عهد النبوة والرسالة من المجتمع الإسلامي العظیم، الذي یمتاز بغلبة الإسلام، واستئصال الكفر، ویمتلئ برسوخ الإیمان، وعظمة العبادة، و وفور القسط، واستقرار السعادة وکثرة الأمن، واستتباب الرغادة، فهم حقا خلفاء راشدون یبرزون حینا بعد حین في مختلف الأمکنة والأزمنة، کما نقله ابن كثیر في البداية والنهاية عن الإمام الهمام شیخ الإسلام العلامة ابن تیمية الحراني رحمه الله.

     «قال شیخنا العلامة أبو العباس ابن تیمية: وهؤلاء المبشر بهم في حدیث جابر بن سمرة، وقرر أنهم یکونون مفرقین في الأمة، ولا تقوم الساعة حتی یوجدوا»(7).

     وعلی رأسهم الخلفاء الراشدون الأولون، أبوبکر، وعمر، وعثمان وعلي، والحسن، وأما غیرهم من السبعة الآخرین فلا یمکننا أن نحدد هم تحدیدا شخصیا؛ بل یکفينا الإشارة إلی الأمراء والسلاطین، الذین حکموا في عهدهم علی طریقة النبي –صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدین المهدیین، مثل عمر بن عبد العزیز، ومحمد المهدي العباسي، والسلطان نور الدین الزنكی، وصلاح الدین الأیوبي، والملك الهندي عالمكیر(8) والسید أحمد بن عرفان الشهید، وغیرهم من الولاة الأتقیاء، الذین تلألأ کلهم في التاریخ نجما ثاقبا وبدرًا منیرًا، وأما الخلیفة الراشد الثاني عشر هو الإمام المهدي کما ذهب إليه الإمام أبو داود، والترمذي، والسیوطي، والسفاریني، والشیخ محمد إدریس الكاندهلوي فیقول المحدث الجلیل الشیخ خلیل أحمد السهارنفوري:

     المراد بهم الذین هم علی سیرة الخلفاء الراشدین رضي الله عنهم، وآخرهم الإمام المهدي، وعندي هذا هو الحق، والتفصیل في ذلك ذکره السیوطي في تاریخ الخلفاء ومولانا الشیخ ولي اللهالدهلوي في «قرة العینین في تفضیل الشیخین»(9).

     وتأکد مما تقدم أن الخليفة الراشد الأول بعد وفاة النبي –صلى الله عليه وسلم-، هو سیدنا أبو بکر الصدیق –رضي الله عنه- والخليفة الراشد الخاتم محمد بن عبد الله المهدي، الذي بشر النبي –صلى الله عليه وسلم- أمته بظهوره في آخر الزمان مع الفتح الرائع، والانتصار العظیم علی العالم کله ذلك. و هذا الموقف -کما نزعم- أکثر صحة واعتدالا من المواقف التي اختارها بعض الكتاب المعاصرین في شأن الخلافة الإسلامية الكبری، إذ یبعد ذلك عن الإفراط والتفریط، وینطبق عليه جمیع الأحادیث التي وردت في الإخبار عن ظهور الخلافة انطباقا دقیقا، حیث ینشرح به الصدر ویثلج الفؤاد.

*  *  *

الهوامش

1-      الجامع للترمذي، أبواب الفتن، باب ماجاء في الخلافة.

2-      العرف الشذي علی سنن الترمذي، أبواب الفتن، باب ماجاء في الخلافة.

3-      البداية والنهاية ج 6 ص 250.

4-      صحیح البخاري کتاب الانبیاء، باب ما ذکر عن بني إسرائیل.

5-      رواه الشیخان وغیرهما واللفظ لأبي داود ج 2 أول کتاب المهدي.

6-      البداية والنهاية ج 6 ص 249.

7-      البداية والنهاية ج 6 ص 251.

8-      وصفه بالخلیفة الراشد العالم العربي الكبیر الشیخ علي الطنطاوي في کتاب رجال من التاریخ.

9-      بذل المجهود ج 5 ص 101.

*  *  *

(*)    اُستاذ الفقه والأدب العربي بجامعة الشاه ولي الله مرادآباد.

(المصدر: مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى