مقالاتمقالات المنتدى

الحوثيون وصناعة التبلّد الاجتماعي!

الحوثيون وصناعة التبلّد الاجتماعي!

بقلم أ. د. فؤاد البنا

لقد أنجز الحوثيون عشرات الكوارث في الشعب اليمني خلال زمن قصير وباقتدار بالغ، ومن أخطر الكوارث التي صنعوها في ما يخص الوجدان الجَمعي لليمنيين، هو إصابة المشاعر الجَمعية بالتبلّد إزاء ما يتم ارتكابه من جرائم وفظائع في حق أعداد كبيرة من أهل اليمن!

لقد أصابت جماعة الحوثي أتباعها بالقسوة القلبية والتبلد المشاعري؛ نتيجة التأصيل الديني لهذه الجرائم باعتبارها قربات يتم التوسل بها لنيل الرضى الإلهي، وبسبب التكثيف التعبوي والقصف الإعلامي في التحريض على ارتكاب تلك الجرائم كجهاد في سبيل الله يمهد لتحرير فلسطين والقضاء على الاستعمار الغربي، ووصل الأمر إلى حد أن ارتكاب الجرائم التي تنال من ضروريات الناس ومقاصد الشريعة، أسهل من شرب الماء عند تلك العناصر التي تم تفخيخ عقولها وقلوبها!
أما بالنسبة لعامة الناس فقد أدى تتابع جرائم القتل واغتصاب الأموال وانتهاك الحرمات ضد عشرات الآلاف من اليمنيين بصورة يومية، وفي ظل ضعف الإعلام الذي يفضح ويحرض ويعبئ، أدى إلى جعلها أمرا اعتياديا لا يثير ٥% مما يستحق من استنكار جماعي ممنهج يُفضي إلى الانفجار الجماعي والثورة ضد المجرمين، وما كانت في عهود سابقة جريمة بشعة يهتز لها الضمير الجَمعي غدَت في عصر المليشيات الحوثية أمرا اعتياديا يمر من غير استبشاع وتثوير، حتى أن تفجير مئات المساجد ومدارس تحفيظ القرآن والمنازل لم يحرك ساكنا ولم يُذكِ أوار الثورة ضد الفاعلين في بلد يمثل قلب العروبة التي تمثل الحاضنة الأولى للإسلام وفي شعب وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان والحكمة وبرقّة القلوب ولين الأفئدة!

إن فقدان أي مجتمع لعواطف التعجب والاستغراب ومشاعر الاستنكار والانصدام، يدل على أن هذا المجتمع في خطر عظيم. ولا يدرك خطورة هذا الأمر غير علماء الاجتماع والخبراء بالناس أيا كانت تخصصاتهم.
ومن عجيب ما يروى في هذا الشأن أن المغيرة بن شعبة، وهو من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقول: “لا يزالُ الناس بخير ما تعجّبوا من العجَب”!

ذلك أن فقدان هذا الإحساس يعني الوصول إلى التبلد التام، ويدل على انعدام المشاعر الإنسانية، فالصدق في انبعاث المشاعر يمثل أضعف درجات الإيمان، وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان بل يكون هناك مجتمع قد تودع منه وصار يعاني من موت سريري إن لم تتداركه رحمة الله بتهيئة عوامل التغيير وإنضاج شروطه!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى