مقالاتمقالات مختارة

الحروب الناعمة

بقلم د. مالك الأحمد

الحرب الإعلامية تسمى أحيانا بالحرب الناعمة لأنها لا تعتمد على القوة بل على تسويق الخبر والمعلومة والإشاعة وهي من أدوات الصراع بين القوى.. ‏‏هي من أخطر أنواع الحروب لتأثيرها الكبير في نفسية المتلقي وقد تسبب له غسيل دماغ كامل، و‏يصعب التنبؤ بنتائجها وأحيانا يستحيل معرفة القائم عليها.

‏والحرب الإعلاميّة، هي ‏عملية بث أفكار ومعلومات وأخبار مغلوطة من خلال وسائل الإعلام بهدف بناء اتجاهات للرأي العام وتضليل الجماهير تجاه قضايا محددة.

‏‏قد تكون مرافقة للحرب العسكرية أو ممهدة لها وقد تكون مدعومة بحرب اقتصادية وغالبا ما تسبب الارتباك لدى العدو وتخلخل صفوفه وتسلب عزيمته.. و‏قد تكون نتائجها ايجابية في رفع معنويات المواطنين وقد تكون سلبية إذا اتضح للناس حجم التضليل الذي تعرضوا وكم الأكاذيب التي ملأت بها عقولهم.

‏‏استخدم الأمريكان الحرب الإعلامية كمقدمة لكافة حروبهم يروجون الإشاعات ويختلقون المبررات والإعلام وسيلتهم والصحفيون جنودهم وقد نجحوا في ذلك.

‏‏التضليل جزء من الحرب الإعلامية

‏قد يتم تصوير مقاطع لأطفال تحت الأنقاض في استوديوهات في أماكن بعيدة عن أرض المعركة لاتهام العدو وتشويه سمعته.

‏‏يقول ‏المستشرق فياتشيسلاف ماتوزوف “إن الحرب الإعلامية هي واحدة من الحروب المتنوعة التي يخوضها الغرب ضد روسيا وضد دول أخرى لا تخضع لأوامر أمريكية، ‏ ويقول جوزيف ناي الخبير العسكري ‏”هي مرادف للحرب الناعمة ‏استخدام كل الوسائل المتاحة للتأثير في الآخرين باستثناء الاستخدام المباشر للقوة العسكرية”.. فالحرب الناعمة هي القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية وليس الإرغام والقدرة على التأثير في سلوك الآخرين والإعلام أداتها الرئيسة. ويقول الباحث جون كوللينز ‏‏”الحرب الناعمة عبارة عن استخدام الإعلام والتخطيط للتأثير على ثقافة العدو وفكره بما يخدم حماية الأمن القومي وكسر إرادة العدو”

‏في الحرب الإعلامية تغيب الأخلاقيات والمبادئ من أجل تغيير الأفكار وتوجيه العقول وقيادة الرأي وهي نتاج طبيعي لتطور وسائل الإعلام وتقنياته.. ‏صارت شاشات التلفزيون والانترنت والإعلام الاجتماعي منصات الحروب الإعلامية وهي متاحة لكل الناس في كل مكان وزمان لكنها تحتاج محتوى فعال مؤثر.

‏ويقول جوزيف ناي، مؤلف القوة الناعمة ‏”دولار ينفق لشراء قرص يحمله شاب إيراني في معركة حرب الأفكار أجدى من دفع 100دولار لشراء أسلحة للمواجهة العسكرية مع إيران”

‏القوة الذكية مصطلح مشابه للقوة الناعمة ويتضمن الاحتواء عبر العزل والحصار إضافة إلى القوة الإعلامية مع الترهيب بالقوة العسكرية لأجل الردع.‏

‏الحروب الإعلامية تتضمن خلخلة الأسس الفكرية وإسقاط رموز الخصم الدينية والوطنية وبلبلة أفكار جماهيره، ‏وعمليات تضليل للوعي بهدف أنهاك القوى.. ‏في الحديث “نصرت بالرعب مسيرة شهر”

‏يقول خبير صيني: “الحرب الإعلامية هي فن النصر دون حرب”، ‏والهزيمة النفسية مقدمة طبيعية للهزيمة العسكرية.. فالمعلومات والأخبار تعتبر “الرصاصة الأولى” التي يمكن أن تؤدي إلى الحرب، ‏وعمليات الدعاية السوداء تسبب من الخسائر النفسية أكثر من العسكرية.

‏‏تهدف الحروب الإعلامية إلى تمرير المخططات السياسية والتخريب الاجتماعي من خلال مراكز متخصصة (في روسيا مصانع الترول وهم كتاب شبكات التواصل).

‏و‏من الكتب المهمة  “حروب العقل: تاريخ سيطرة الحكومات والإعلام والجمعيات السرية على العقل ومراقبته وإدارة شؤون الناس” تاليف جونز وفلاكسمان 2017.

‏حروب الإعلام أقوى واخطر من حروب القوة وأحيانا تكون بديلا عنها في تحقيق الأهداف، لكن الأمر ليس هينا؛ ‏فهو يحتاج موارد بشرية خبيرة ومحتوى مقنع ورؤية صائبة وبوصلة محددة.

(المصدر: موقع الأمة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى