الحذر! مِن صيّاد زماننا .. المدارس الاسلامية الهندية أمام تحديات تشوّه سمعتها
بقلم برهان أحمد الصديقي (خاص بالمنتدى)
وما أصدق الشيخ رشيد رضا حين قال قد مضت سنة الاجتماع في تقليد الناس لأمرائهم وكبرائهم، فكل ما راج في سوقهم يروج في أسواق الأمة. وفي أسواق دولة علمانية يروج كل ما يختارها ‘الأغلبية’. والهند دولة علمانية يهيمن عليها الهندوس عددًا وسياسيًا ولذا تكتسب الهندوسية آفاقا واسعا أمامها لترويج أفكارها وتقاليدها وحتى يشعر المفكرون من الأقليات أن ثقافتهم ستفقد بهاءها وجمالها وستغلب عليها ثقافة الأغلبية.
ولذا أدرك علماء المسلمين الحاجة الملحة لتربية أجيالهم في ضوء تعليمات إسلامية بانشاء مدارس إسلامية ومعاهد علمية مستقلة حتى لا تتدخل فيها الحكومات بسياساتها. والمدارس الاسلامية والمؤسسات الاسلامية الدعوية لها دور مهمة في السعي للحفاظ على الهوية الإسلامية وبقاء الأقلية المسلمة على كيانها الفكري وتشخصها الديني في الهند.
ولكن توحي التقارير أن هذه المدارس والمؤسسات دائمًا تتعرض لاتهامات وادعاءات مزعومة من قبل الأعلام الهندية أو الأحزاب السياسية أو المنظمات الهندوسية المتشددة وبعض الأحيان تُداول الأكاذيب ضدها أوضد أعضاءها على وسائل التواصل الاجتماعي كأنهم ارتكبوا جريمة شنيعة. ولذا تُطرح الأسئلة عندما تتخذ الحكومة أي إجراءات في المدارس والمؤسسات للمسلمين.
كما، أصدرت حكومة ولاية أترابراديش أوامر عملية المسح للمدارس الاسلامية قائلة: “الحكومة تجري عمليات المسح لتحقيق جوانب معينة ومنها سجلات الأراضي والمناهج والنظافة وإسكان الطلاب وما إلى ذلك”.
وقال دانش آزاد أنصاري، وزير شؤون الأقليات للولاية: “أن المسح ليس بتدخلٍ، بل هو سعي للدعم كما نريد مساعدة هذه المدارس من خلال مخططات مختلفة لها ولكن من الصعب، القيام بها بدون حصول على بياناتها”.
ولكن تصريحات الحكومة لم تقنع قادة المسلمين و زعماء من الأحزاب المخالفة فيعرّبون عن قلقهم كما طرح أسد الدين أويسي، رئيس حزب ‘آل انديا مجلس اتحاد المسلمين’ سؤالا “لماذا لا تقيم حكومة ولاية اُترابراديش بعملية المسح لأوقاف الهندوس ومؤسساتهم أيضًا، ولا شك فيه بأن عملية المسح للمدارس الاسلامية هي استهداف منهجي للمسلمين ونحن ندينها”. وأضاف قائلا “أن الحكومة تستهدف ممتلكات ‘الوقف’ تختص بالمسلمين.
ويوم الثلاثاء ، قالت ‘جمعية علماء الهند’: “أن هذه الخطوة تعكس “العقلية الرجعية” لحكومة ولاية اُترا براديش. كما ذكرت صحيفة هندية اسكرول ان.
وقال منوج سِنغ، المتحدث باسم حزب سماج وادي للصحفيين: “المسئلة ليست متعلقة بتحديث المدارس الاسلامية بل يتعلق الأمر بكيفية تشويه سمعة مجتمع واستهدافه وهم يعيشون معنا منذ مئات السنين”.
إن المسلمين الهنود مروا بأوقات عصيبة من قبل ولكن هذه المرة يكابدون النوازل والمحن، الواحدة تلو الأخري التى تزهق فيها الارواح كما نشاهد أن خطابات الكراهية تتصاعد ضدهم، وقانون تعديل المواطنة سيُنفذ كما يفيد به وزير الداخلية للبلاد وحظر الحجاب في مراكز تعليمية تواصل في بعض الولايات ومؤسساتهم الدينية ومراكزهم التعليمية تواجه من التحقيقات المتعددة من قبل الحكومة و التهميش السياسي تُبعدهم من شِراكتهم في الحكومة ومطالبات مقاطعة اقتصادية أيضا تتعاقبهم، حتى مظهرهم ولباسهم يؤدي إلى التحريش والمضايقات بعض الأحيان ولعل الهجمات الجماعية أقسي من كل المحن يتعرض لها المسلمون الهنود والأقليات الأخري في البلاد.
في أيامنا الراهنة، حقّق العالم كله العديد من الإنجازات والنجاحات في المجال الطبي والتعليمي والتكنولوجي والاجتماعي وغيرها من المجالات ولكن في جوفه يغمد سياسات ماكرة ومؤامراة خادعة للآخرين كما تري أن القوي عندما يعزم على انتهاكات حقوق الضعيف وسرق أمواله واختطاف ممتلكاته، يبسط أياديه السوداء ويرسم بها رسمه الذي يخوّف الناظرين، فيشردون منه، وبدون إرتكاب أي جريمة هو يهبط من منزله الشريف الذي يستحق به جميع الإنسان، فيعده المجتمعُ شوكة تؤذي من يصاحبها، أو يقترب منها فلا يهتم لهم إذ يظلم عليه أحدٌ بل يصدّقون كل ما يسمعون عنه. وهكذا يتمكن القوي على تحقيق أهدافه الخفية وفي وقت نفسه، يتمتع بالمدح والاحترام في المجتمع، لأنهم يزعمون بأنه أحسن ما صنع وأبعد عنهم ما كان يؤذيهم ويفسد خواطرهم.
وهذه الحيلة تسمي بـ ‘تشويه سمعة الآخرين’ ومن كيدها بأن الصياد أولًا يشوّه سمعة صيده (الانسان الذي يستهدفه القوي) وبعد يطارده ويلحقه والناس يصفقون له.
وفي العالم كله، تحيط بالمسلمين هذه الحيلة فيتعرضون للنوازل والفتن، ومن سبب تشويه سمعة تلاحق بهم قبل كل نازل لا يتقدم أحد لدعمهم بل يصدقون ما يسمعون عنهم.
وحتى في القضية المدارس الاسلامية التي تهيمن على جرائد الهندية، في الاسبوع الماضي، لاحظنا بأن التصريحات والتعليقات التي تزرع حبوب الشبهات وتشوّه سمعة المدارس، تُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي واسعة النطاق بما فيها تعليقات أدلي بها سنجاي نيشاد زعيم حزب NISHAD حليف حزب بهارتيا جانتا الحاكم، قال فيها “كل مرة، عندما يتم القبض على إرهابي، فانظر أين كان يسكن، فيتبين بأن له كان صلات بالمدارس الدينية ويجب أن تفعل هذه المدارس شيئًا لتحسينها وعملية مسح المدارس الدينية في ولاية أترابراديش تستهدف تثقيف الطلاب لحفاظ عليهم من تعليمات الكراهية الدينية”.
فهل زار سنجاي إلى أي مدرسة أو شرب شربة واحدة من مناهل العلم تنبع من المدارس الإسلامية، كلا بل توهم شيئًا وقال أمام الحشود لكي يشوّه سمعة المدارس ويبدأ سيره إلى هدفه.
الحذر ! مِن صياد زماننا وهل يطارد الصيّاد أحدا حولكم وسهمه ملوث بالحيلة التي تسمي بـ ‘ تشويه سمعة الآخرين’؟