بقلم د. عثمان العاني
المنارة الحدباء مئذنة الجامع النوري الكبير في الموصل وهي من أقدم المآذن الإسلامية في العالم.
تمثل هذه المئذنة روح الوقوف أمام الباطنية من جهة وأمام الصليبيين من جهة اخرى ..
الناظر إليها يراها راكعة لربها في وقار وجلال وهيبة رحيمة بانحنائها عزيزتة بكبريائها تختلف عن جميع مآذن في العالم.
ولأول مرة في شهر رمضان لهذا العام ومنذ ما يقرب من الف عام لا تردد الأذان في ليلة السابع والعشرين من رمضان ..
*إنها تاريخ وقصة جهاد*
منبر جامعها الذي هو أقدم منها يرجع إلى زمن الخلافة الأموية شاهد على عراقة الموصل ..
من جامعها خرج المجاهدون مع أمراء آل الزنكي فحرروا الأرض واستردوا مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأقصى المبارك ومدينة القدس ..
ومن جامعها تخرجت جموع العلماء، ومن حرمها خرج نور العلم الكبير فهي بحق الجامع النوري الكبير.. وفيها عرفت أسانيد الإجازات في القراءات السبعة والعشرة، وعلى سواريها أسند المحدثون رواياتهم ودرسوا الحديث الشريف وفي جنباتها تصدر الفقهاء للإفتاء وتعليم الفقه واللغة، ففوق كل عمود من أعمدة مسجد الحدباء نقشت أبيات شعر تدل على عراقتها..
ومن جامعها خرج المجهادون ضد الإنكليز.. ومن جامعها خطب الشيخ محمد محمود الصواف وأخرج جموع المجاهدين لصد الهجمة الصهيونية على فلسطين .
خاف منها الفرنجة (فرنسا) فتطوعت زوجة نابليون الثالث (جوزفين) لتبني برج الساعة في كنيسة اللاتين حتى تقاسم الحدباء جمال المدينة ولكن هيهات هيهات..!! كيف يتساوى صوت (التكبير) الذي يخرج من قلب روح صافية، وصوت (الناقوس) الذي يخرج من حديد ..!! وكيف يتساوى أحفاد المتعة مع أحفاد نور الدين وصلاح الدين، ستبقى الحدباء رمز العزة والعلم والرحمة، فإن استشهدت فلأنها رفضت أن يعلوها غاصب جديد …!!
إنا لله وإنا إليه راجعون