التوكّل علی الله (٢)
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
قال اللّه تعالی: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ أي: كن يا عبد اللّه في جميع أمورك متوكّلا على مولاك الحيّ القيّوم خالق كلّ شيء ومليكه في هذا الكون واجعله ذخرك وملجأك فإنّه عزّ وجلّ كافيك وناصرك ومؤيّدك وحين يوقن المظلوم أنّ اللّه ربّ العالمين مطّلع علی مكائد وبغي المجرمين فإنّه يعلم علم اليقين أنّه تعالی سيعاقب الظّالمين ولو بعد حين وسيعذّبهم في الدّارين
ولا جرم معشر الإخوة المسلمين الصّابرين أنّ اللّه أحكم الحاكمين لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون وقد يؤخّر ﷻ لحكمة لا يعلمها إلا هو هلاك المجرمين فليحذر عباد الرّحمن من استبطاء فرج مولانا المنّان لأنّ سنن اللّه في الأكوان تجري وفق علمه وإرادته وحكمته ومشيئته فلا رادّ لقضائه ولا معقّب لحكمه قال تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾
لقد جاء في الذّكر الحكيم أنّ لعذاب المجرمين أجلا محتوما وموعدا معلوما قدّره الخالق عزّ وجلّ في الأزل لا يتقدّم لرغبة المظلومين ولا يتأخّر لمصلحة الظّالمين قال تعالی: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا﴾ إنّ هذه السّنّة الإلهيّة في نصرة المظلومين وهلاك عتاة الفراعين وعد صادق من أحكم الحاكمين أوحى به إلى الأنبياء والمرسلين عليهم السّلام أجمعين يقول اللّه في الذّكر الحكيم: ﴿فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ﴾
ومعلوم أيّها المؤمنون المحتسبون أنّ الخالق العظيم يملي للمعتدين ويمدّهم في طغيانهم يعمهون ثمّ يديل الدّائرة عليهم فيهزمون وما من معتد أثيم إلا ومشی إلی حتفه برجليه وحاك أسباب هلاكه بيديه ليقع في شرّ أفعاله ويبكي على سوء أعماله ثمّ يندم ولات حين مندم! قال تعالى: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وقال الصّادق الأمين ﷺ: {إنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظّالِمِ حتَّى إذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ} ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾
اللّهمّ يا ربّ العرش المجيد ويا ذا البطش الشّديد ويا فعّال لما يريد اجعل انتقامك من أعدائك المجرمين قريبا غير بعيد
