مقالاتمقالات مختارة

التكتلات في الإسلام (1 – 3)

التكتلات في الإسلام (1 – 3)

بقلم سامي راضي العنزي

نعم، التكتلات في الإسلام أو الأحزاب، أو التيارات، وحتى القبائل؛ في حال وجود دستور قائم على “دين الدولة الإسلام” ومواده لا تخرج عن ذلك أو العكس!

ما الضير من وجودها؟!

مع الأسف، مجرد أن تذكر التكتلات والتيارات عند البعض سرعان ما يتقافز هذا البعض بتحريمها وتجريمها، إما جهلاً وإما حقداً أو نفاقاً! ومن ثم تبديعها وتخوين من ينادي بها في أقل الأحوال! نسأل الله السلامة والعفو والعافية، ويستشهد بقول الله تعالى: (أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة: 22)؛ أي: الأمة حزب واحد! وهكذا يكون الخلط على الشعوب، حيث لن تفرق الشعوب بين الأمة وطيوفها الشعبية والفكرية والعرقية والمهنية التي تتكون منها الأمة، وهذه كارثة تزيد الجهل تفاقماً بشكل ممقوت ومقزز بكل معنى الكلمة، فهذا يحمل ضمناً بشكل خطير أحادية التوجه وإقصاء المخالف، ويصر هذا البعض على عدم التحزب، وأن الأمة يجب أن تكون أمة واحدة! ويبدأ بالحديث حول الوحدة وبُغض الفرقة، ويحدثك بقضية الولاء والبراء وأنها لا تجوز إلا إلى الله تعالى والدين، وكأنما من طلب التيار أو الحزب أو التكتل للعمل الجماعي كأنه طلب إلهاً غير الله تعالى والعياذ بالله، والغريب أن البعض يستشهد بحادثة وقعت بين المسلمين في المدينة (المهاجرين والأنصار) على أساس أنها دعوة حزبية جاهلية، وذلك لجهل أكل عقولهم وعلومهم!

يدعون حزبيتها -الحادثة- وذلك يوم أن وقع الخلاف بين المهاجري والأنصاري، فقال المهاجري: “يا للمهاجرين”، وقال الأنصاري: “يا للأنصار”، فقال النبي صلى الله علبه وسلم: “أجاهلية وأنا بين ظهرانيكم؟!”.

طبعاً ليس المعنيّ هنا بالجاهلية يا أدعياء العلم و”الفذلكة” “الأنصار والمهاجرين” كمسميات فقط بعينهما، ولو كان الأمر كما تسعون لترويجه لما ذكرهم الله تعالى بهذه الصفة في كتابه دائماً في المدح والثناء.

كان القصد من “وأنا بين ظهرانيكم” ترجعون إلى أمر عرقي أو كُتلي دون الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك بمعنى ضمني دقيق لقوله تعالى: (فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ) (النساء: 59)، وللعلم؛ حتى لو تنادوا: “يا للمسلمين قبل الفتح”، وقال الآخر: “يا للمسلمين بعد الفتح” لكانت أيضاً جاهلية يا أدعياء العلم والمعرفة! لأن الأصل والمرجع أصبح ليس الله ورسوله كما أمر الله تعالى، نعم هي جاهلية لأنها دعوة لنصرة القريب دون الرجوع إلى الأصل والدستور الحق الذي ينصف القريب والبعيد حتى وإن كان صاحبه كافراً بالله تعالى، الذي يقول الله تعالى مبيناً فيه: (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (النساء: 58).

الدستور الذي ينظر للجميع كأسنان المشط، الذي يترجمه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “والذي نفس محمد بيده، لو فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

يجب أن نعلم أن الأحزاب والتكتلات لا يمكن أن تستغني عنها الإنسانية، وهي كالشعوب والقبائل، نعم كالشعوب والقبائل التي أقرها كتاب الله كما أقر المهاجرين والأنصار، ومن أسلم قبل الفتح وبعد الفتح؛ فهي وضع اجتماعي يفرض نفسه، من حيث نوع العرق، والفكر سياسياً كان أم غيره، وأحياناً تكون المسميات من منط

لق تجاري ومهني، فهناك مجاميع وكتل يفرضها الوضع الاجتماعي أنهم أهل الصفة الفلانية، أو الصنعة الفلانية، وهناك أسباب أخرى، مثل “أهل الصفة”، “المهاجرين والأنصار”، “أهل بدر”، والمهاجرون والأنصار بالذات أثنى عليهم الله في كتابه بمواقع عديدة، ولكن حينما يخرج النداء عن المسطرة “الدستور الإسلامي” تكون جاهلية، وإلا لو كان بمجرد النداء بها هي بحد ذاتها جاهلية، لما كان كتاب الله تعالى يدعو أنهم على خير وبنفس المسمى “المهاجرين والأنصار”، فلو كان جاهلية لكان هذا أمر جد خطير، والعياذ بالله، ولا يمكن أن يكون.

(المصدر: مجلة المجتمع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى