مقالات

التطاولات الإيرانية في تصاعد.. والدول العربية لا ترد!

 

التطاولات الإيرانية في تصاعد.. والدول العربية لا ترد!

لم ينس العالم العربي تصريحات مستشار الرئيس الايراني محمد يونسي التي اعتبر فيها ان ايران إمبراطورية عاصمتها العراق، حتى خرجت لنا تصريحات جديدة مكملة لخطاب يونسي وكأنه مهد لها الطريق، وكان أبرز هذه الخطابات التي تكشف “غيضاً من فيض” للحقد الفارسي الدفين على الأمة العربية والاسلامية، هو مقال رئيس تحرير “وكالة أنباء مهر” حسن هاني زاده، الذي صدق في وصف ما تخفيه صدور الفرس من حقد وكراهية للعروبة والاسلام ومن أطماع توسعية للهيمنة على المنطقة ونشر التشيع.

الحقد الدفين

فقد هاجم زاده بقسوة الدول العربية ومن وصفهم بـ”العربان”، ودعا العراق للوحدة مع إيران لأسباب طائفية وتاريخية، وحض العراقيين على ترك “العروبة المزيفة الجاهلية وتراب الذل العربي” وتغيير ملابسهم بعيدا عن “الدشداشة والكوفية والعقال”.

ولفت زاده في مقاله إلى أن “الإرهاب” يضرب العراق بسبب “الحقد العربي الدفين إزاء أتباع أهل البيت” أي الشيعة، كما اتهم الجنرالات العرب بالتوجه إلى “ملاهي لاس فيغاس” في حين “هب القادة العسكريون الإيرانيون لنصرة الشعب العراقي” في إشارة إلى الجنرال قاسم سليماني ومن معه من مجموعات عسكرية إيرانية وشيعية.

وخاطب الشعب الجار بلغة لئيمة محاولاً تجريدهم من عروبتهم والانقلاب على أصلهم قائلاً:

“على الشعب العراقي أن يتجه نحو الوحدة مع أصدقائه الحقيقيين وينسلخ من ثوب العروبة المزيفة لأن كل ويلات العراق سببها وجود العربان”.

القادة العرب صامتون!

لاقت التصريحات الايرانية الأخيرة رفضاً واسعاً واستهجاناً في العالم العربي والاسلامي لكن ليس من قبل قادة وحكام العرب، بل كانت كالعادة من قبل طبقة المثقفين والكتاب والصحفيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين لم يجدوا غير القلم للتعبير عما وصل اليه المسؤولين الايرانيين من وقاحة في تدخلاتهم في الشؤون العربية وخطر ذلك على الأمة الاسلامية، كما أكدوا أنه ليس من المستغرب صمت الرؤساء والمسؤولين العرب الذين لم نرى منهم أي موقف أو تصريح لوضع حد لهذه التصريحات الاستفزازية المتكررة، فهذا الموقف حاله حال المواقف السابقة التي لم يقف فيها أي قائد عربي موقف الشجاع المواجه لهذه الخطابات بالمثل، ولو كانت هناك أي دولة عربية تخيف ايران لما أطلقت هذه الاستفزازت المتكررة لكنها تعلم جيداً واقع الطبقة الحاكمة التي أصبحت ذيلاً في العمالة للدول الغربية واسرائيل.

من جهة أخرى لم يجد السياسيون السنة “المستضعفون” في العراق وسيلةً للرد غير “الاستنكار” فهم في موقف ضعيف لأنهم في حكومة “شيعية” موالية ولاءاً تاماً لايران، فقد انتقدت الكتل السنية الرئيسية التصريحات الأخيرة حيث رد رئيس كتلة اتحاد القوى العراقية في البرلمان أحمد المساري في مؤتمر صحفي بقوله

“اننا نقول للمتصيدين بالماء العكر والعراق يمر بمحنته الحالية يكفي العرب فخراً ان فيهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وانهم مادة الاسلام وأصله، وعلي والحسين (رضي الله عنهما) وابناؤهم كلهم عرباً اقحاحاً كابراً عن كابر.

كما انتقد رئيس حركة الحل جمال الكربولي في بيانه صدر عنه، خجولة الردود الحكومية وغيابها في أغلب اﻷحيان وقال ان “هذا دليل ﻻ يقبل الشك على أن الحكومة العراقية وممثليها الرسميين غير حريصين على صون سيادة العراق، أذا لم نكن نريد أعتبار صمتهم (موافقة ضمنية) لسلخ العراق من محيطه العربي”.

توقيت التصريحات

لعل توقيت التصريحات الأخيرة في هذه الأيام جاء بسبب شعور القادة الايرانيين بالفرح لـ”تحقيقهم انتصارات” وسير مخططاتهم بشكل صحيح كما يعتقدون، وهذا ما أكده الجنرال حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري الإيراني قائلاً:

“إن المسؤولين في إيران لم يكونوا يتوقعون هذا الانتشار السريع لما أسماها “الثورة الإسلامية” خارج الحدود لتمتد من العراق إلى سوريا ولبنان وفلسطين والبحرين واليمن وأفغانستان

مضيفاً: “إن شعبي اليمن والبحرين وعبر تسلحهم بمبادئ الثورة الإسلامية استطاعوا إبطال مفعول كل السياسات السعودية فضلا عن هزيمة “كل مخططات الاستكبار” على حد وصفه.

كما أن التدخل الصريح والعلني في معركة تكريت يمثل نقطة التحول من الاحتلال الخفي الى الاحتلال العلني للعراق، حيث تسعى ايران لتشييع المحافظات السنية وتهجير أبناءها منها، كما تمثل معركة تكريت الفرصة السانحة للنظام الايراني للثأر من “معركة القادسية” التي ذاقت ايران فيها الخسائر والهزائم أمام النظام السابق.

وما نشهده من استمرار نظام بشار الأسد في جرائمه ضد المدنيين، وانتشار المليشيات الشيعية والحرس الثوري الايراني بأعداد كبيرة في سوريا، وتقدم الحوثيين في اليمن وتهديدهم للحدود مع السعودية، كل هذه الأزمات التي صنعتها ايران بطابع الدم والقتل يعد “انتصاراً لديها”، ولكنه انتصار متخلف رجعي غير حضاري قائم على الأشلاء والدمار والخراب، وهذا واضح من خلال الجرائم البشعة التي تقوم بها مليشياتها في العراق وسوريا ولبنان وحتى اليمن، ولم يعد يخفى على أحد قذارة هذا النظام الذي لم يفلح سوى بنشر الخراب والدمار في كل بلد يتدخل فيه ويسعى للهيمنة عليه.

وأمام هذه التحديات الأخيرة وبعد استشعار الخطر الصفوي الطامع بالمنطقة، تسعى الدول الاسلامية الكبرى مثل السعودية وتركيا وقطر وباكستان لتقوية العلاقات الاستراتيجية وبناء التحالفات وزيادة التعاون في كافة المجالات المدنية والعسكرية لوقف تقدم النفوذ الايراني في المنطقة، فالمرحلة التي نمر بها مرحلة حساسة تستوجب ترك الخلافات الجانبية والسعي لوحدة الصف الاسلامي وبناء العلاقات القوية بين الدول الاسلامية لوقف المد الصفوي الزاحف والذي يمثل خطراً حضارياً وفكرياً وعقائدياً وثقافياً وسياسياً واقتصادياً وجغرافياً على الدول الاسلامية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى