مقالاتمقالات مختارة

البيان الشرعي للاقتداء بالإمام في صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت بسبب كورونا!؟

البيان الشرعي للاقتداء بالإمام في صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت بسبب كورونا!؟

بقلم د. فضل مراد

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ما البيان الشرعي في الجيران إن اقتدوا في صلاة التراويح بإمام منهم في شقته وهم في شققهم المتجاورة
عبر مكبر الصوت أو الصوت والصورة بسبب وباء كورونا؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ففي زمن جائحة كورونا الوبائية المعدية كثرت التساؤلات عن حكم صلاة شخص التروايح  من شقته  بجيرانه عبر مكبر الصوت أو الصوت والصورة في الشقق السكنية
فنقول :
أولا : حكم المسألة

إن كان هذا بدون أن يجتمعوا في بيت أحدهم
فيجوز أن يصلي الجيران بصلاة جارهم الحافظ للقرآن إن سمعوا صوته عبر مكبر الصوت أو عبر البث المباشر بالزووم ونحوه  صوتا وصورة.
والدليل على هذا ما جاء في صحيح البخاري (1/ 146)
عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي صلى الله عليه وسلم، فقام أناس يصلون بصلاته ….
وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 427)
عن عائشة، قالت: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرته، والناس يأتمون به من وراء الحجرة» هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه ”
وصلت عائشة وأسماء الكسوف مع رسول الله من حجرتها كما في صحيح البخاري (2/ 10)
وتعددت الروايات في ذلك لتعدد الأحوال كما قال ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح (6/ 618)
قال : وفي رواية يحيى بن سعيد عن عمرة عنها: صلى في حجرتي والناس يأتمون به من وراء الحجرة، يصلون بصلاته
قال : فلعلها كانت أحوالًا.
والحجرة: البيت وكل موضع حجر عليه فهو حجرة. انتهى كلامه
قلت ويجوز أن يكون الإمام مرتفاعا أو المأموم
ثانيا : أجاز مالك والشافعي في القديم  وأبو ثور وداود  التقدم على الامام وأجازها معهم أحمد في رواية  إن كان لعذر وهو ما اختاره  شيخ الاسلام

ثالثا:    لا يجوز لهم الاجتماع في بيت أحدهم  بسبب جائحة كورونا حفاظا على النفوس ودفعا لانتشار الوباء والتزاما بالتعليمات الصحية

رابعا : لا يجوز الاقتداء ان تباعدت المسافات عرفا  ولا عبر التلفاز  لان هذا خارج عن الاجتماع في محل واحد وما في معناه
والجماعة مشتقة من الاجتماع في مكان واحد وما كان له نفس المعنى شرعا عرفا  وليس كذلك الصلاة مع  التلفاز  والمذياع
او الاماكن المتباعدة..

خامسا : النقل عن العلماء في مثل المسألة
وقد جوز العلماء صورا كثيرة تدل على ما قلنا وهذه بعض نصوصهم
قال النووي المجموع شرح المهذب (4/ 309)
يشترط أن لا تطول المسافة بين الإمام والمأمومين إذا صلوا في غير المسجد وبه قال جماهير العلماء وقدر الشافعي القرب بثلثمائة ذراع وقال عطاء يصح مطلقا وإن طالت المسافة ميلا وأكثر إذا علم صلاته (الثانية) لو حال بينهما طريق صح الاقتداء عندنا وعند مالك والأكثرين: وقال أبو حنيفة لا يصح لحديث رووه مرفوعا ” من كان بينه وبين الإمام طريق فليس مع الإمام ” وهذا حديث باطل لا أصل له وإنما يروى عن عمر من رواية ليث بن أبي سليم عن تميم وليث ضعيف وتميم مجهول (الثالثة) لو صلى في دار أو نحوها بصلاة الإمام في المسجد وحال بينهما حائل لم يصح عندنا وبه قال أحمد وقال مالك تصح إلا في الجمعة وقال أبو حنيفة تصح مطلقا (الرابعة) يشترط لصحة الاقتداء علم المأموم بانتقالات الإمام سواء صليا في المسجد أو في غيره أو أحدهما فيه والآخر في غيره وهذا مجمع عليه قال أصحابنا ويحصل له العلم بذلك بسماع الإمام أو من خلفه أو مشاهدة فعله أو فعل من خلفه ونقلوا الإجماع في جواز اعتماد كل واحد من هذه الأمور فلو كان المأموم أعمى اشترط أن يصلي بجنب كامل ليعتمد موافقته مستدلا بها انتهى كلامه
قال ابن قدامة ” فصل : وإن كان بينهما طريق أو نهر تجري فيه السفن , أو كانا في سفينتين مفترقتين , ففيه وجهان : أحدهما , لا يصح أن يأتم به , وهو اختيار أصحابنا ومذهب أبي حنــيفــة , لأن الطريق ليست محلا للصلاة , فأشبه ما يمنع الاتصال .
والثاني : يصح , وهو الصحيح عندي , ومذهب مالك والشافعي , لأنه لا نص في منع ذلك , ولا إجماع , ولا هو في معنى ذلك , لأنه لا يمنع الاقتداء , فإن المؤثر في ذلك ما يمنع الرؤية أو سماع الصوت , وليس هذا بواحد منهما .. ” وقال وسواء كان المأموم في رحبة الجامع ، أو دار، أو على سطح ، والإمام على سطح آخر ، أو كانا في صحراء ، أو في سفينتين اهـ باختصار . من المغني [ 3 / 44 – 46 ]

وفي المدونة (1/ 175)
وقال مالك في القوم يكونون في السفن يصلي بعضهم بصلاة بعض وإمامهم في إحدى السفائن وهم يصلون بصلاته وهم في غير سفينته، قال: فإن كانت السفن بعضها قريبة من بعض فلا بأس بذلك.

قال: وقال مالك: لو أن دورا محجورا عليها صلى قوم فيها بصلاة الإمام في غير الجمعة فصلاتهم تامة إذا كان لتلك.
الدور كوى أو مقاصير يرون منها ما يصنع الناس والإمام، فيركعون بركوعه ويسجدون بسجوده فذلك جائز وإن لم يكن لها كوى ولا مقاصير يرون منها ما تصنع الناس والإمام إلا أنهم يسمعون الإمام فيركعون بركوعه ويسجدون بسجوده فذلك جائز.

قال: وسألنا مالكا عن النهر الصغير يكون بين الإمام وبين قوم وهم يصلون بصلاة الإمام؟ قال: لا بأس بذلك إذا كان النهر صغيرا، قال: وإذا صلى رجل بقوم فصلى بصلاة ذلك الرجل قوم آخرون بينهم وبين ذلك الإمام طريق فلا بأس بذلك، قال: وذلك أني سألته عن ذلك فقلت له: إن أصحاب الأسواق يفعلون ذلك عندنا في حوانيتهم، فقال: لا بأس بذلك.
قال سحنون وأخبرني ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب عن محمد بن عبد الرحمن: أن أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – كن يصلين في بيوتهن بصلاة أهل المسجد.
قال سحنون: وأخبرني ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وأبي هريرة وعمر بن عبد العزيز وزيد بن أسلم وربيعة مثله، إلا أن عمر بن الخطاب قال: ما لم تكن جمعة.
قال سحنون: وأخبرني ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة قال: صليت مع أبي هريرة فوق ظهر المسجد بصلاة الإمام وهو أسفل وقاله إبراهيم النخعي.

والله تعالى أعلم

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى