مقالاتمقالات مختارة

البروباغندا الرقمية.. كيف يعمل الذباب الإلكتروني؟

البروباغندا الرقمية.. كيف يعمل الذباب الإلكتروني؟

بقلم بوعلام برزيق

الذباب الإلكتروني أو اللجان الإلكترونية، أحد أهم أسلحة الحرب الإلكترونية الحديثة على مواقع التواصل الاجتماعي، لا تحتاج إلى تكاليف مالية كبيرة وترسانة فتاكة من الأسلحة، بل مجرد حواسيب وروبوتات مبرمجة وفيروسات تكفي لإلحاق أضرار وتأجيج صراعات، فالذباب الإلكتروني هو عبارة عن حسابات وهمية مبرمجة وموجهة باتجاه معين، وبطرق ممنهجة تدار عن طريق برمجيات ومواقع تقوم بكتابة التعليقات والإعجابات وإعادة التغريد تلقائياً، حيث تعمل على إنشاء وسوم (هاشتاغات Hashtags واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي للدفاع عن وجهة نظر معينة، أو الهجوم على وجهة نظر مخالفة ، ضد أشخاص أو دول بهدف التأثير على الرأي العام. كذلك تستخدمه الشركات العالمية للترويج لمنتوجاتها لرفع مستوى المبيعات والتفوق عل منافسيها مقابل تقديم مبلغ مالي لصانعي الروبوتات.

برز الذباب الالكتروني بشكل لافت في الصراعات والأزمات السياسية، خاصة في منطقة الخليج العربي أثناء الأزمة الخليجية الحالية بين قطر والسعودية والامارات العربية المتحدة، كذلك الجدل الذي أحدثه الاشتباه في تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016، واتهامها بالتلاعب بالرأي العام الأمريكي وتوجيهه أثناء الحملة الانتخابية من خلال اختراق الشبكة الخاصة للجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، وتسريب معلومات على شبكة الإنترنت للتأثير عل السلوك الانتخابي للمواطن الأمريكي ، أيضا أثر الذباب الالكتروني في الأزمة السورية فحول مواقع التواصل الإجتماعي إلى منبر للتعبة وتغذية الطائفية والكراهية وميدان معركة افتراضية يقودها داعمي النظام السوري ومعارضيه.

تسميم الهاشتاغات (Hastags) وصناعة التريند (Trend):

التريند (Trend) هو الذي يشكل أعلى الوسوم (هاشتاغات Hashtags ) تفاعلا وأكثرها تداولا على مواقع التواصل الاجتماعي، فهي تطرح أهم الاحداث السياسية والاجتماعية المهمة والروابط المشتركة التي تكون محل اجماع ونقاش أو صراع في رقعة جغرافية محلية أو دولية، يتم صناعة التريند والهاشتاغ بطريقتين الأولى تتم عبر الكتائب الإلكترونية برفع معدل التفاعل، النشر واعادة النشر وتكرار المحتوى على أوسع نطاق ،أما الثانية عن طريق دفع اموال للذباب الالكتروني مقابل برمجة روبوتات تقوم بالإشهار والترويج لمؤسسات اقتصادية وشركات لتحقيق مكاسب مالية، أو تدعم أحزاب وشخصيات سياسية خاصة أثناء فترة الحملات الانتخابية.

يقوم الذباب الإلكتروني بتسميم الهاشتاق حيث يتم مهاجمة الهاشتاق النشط وانشاء آخر معاكس له بعدد من الحسابات التي تقوم بتكرار نشر تغريدات موازية من خلال اغراق مواقع التواصل بمحتوى وأفكار معارضة ليتفوق على الأصلي من حيث النشاط وعدد المنشورات، وشن حملة اشاعات منظمة مع استبدال القضية الرئيسية بإثارة قضايا ثانوية، بمعنى خلق أزمة للقضاء عل أزمة وجعلها تبدو وكأنها قضية رأي عام وتمثل رأي الأغلبية، وأن مطالب القضية الرئيسية هم مجرد ـأقلية ،الى أنه في الحقيقة تم تسميم الهاشتاغ الذي بدوره يفقد المستخدمين العاديين القدرة على العثور والتفاعل مع المعلومات المتداولة الحقيقية التي نشرها مستخدمون عاديون.

ميكانيزمات عمل الذباب الإلكتروني للبروباغندا الرقمية:

1- الانتشار بقوة في مختلف المواقع الاخبارية العالمية وفي صفحات الشخصيات المؤثرة التي لديها صدى دولي ومنتديات ومنصات التواصل التابعة لدولة معادية بانتحال صفات واسماء مرتبطة بالدولة المعادية، كذلك استغلال الكونفورميا الاجتماعية السائدة للدولة المستهدفة (الأعراف ،التقاليد، العقائد والأفكار) والتواصل معهم بلهجتهم المحلية لعدم لفت الانتباه ونشر الإشاعات والدعوة الى إسقاط نظام الحكم والتحريض عل الأعمال التخريبية لخلق بيئة غير مستقرة وتوسيع فجوة الاغتراب بين الدولة وشعبها.

2- تجنيد أشخاص ذوي التأثير العالي من رجال دين، إعلاميين، أكاديميين ورياضيين.. اللذين لديهم الآلاف وبعضهم لديه الملايين من المتابعين والزج بهم في حرب التغريدات لأن وجهة نظرهم تحظى بقبول جماهيري ولهم صدى اعلامي واسع، منهم من يتم استيعابه عن طريق التهديد ومنهم بالأموال والمناصب وتضم هذه الفئة كذلك شبكات دولية منظمة متعددة الجنسيات (لوبيات) تقودها دولة ما (الدولة المشغلة لهؤلاء الشخصيات) لكي تدافع عنها بالوكالة وتروج لتوجهاتها ومصالحها الداخلية والخارجية.

3- التلاعب بالصور والفيديوهات بإظهار صور وفيديوهات مفبركة لأحداث غير حقيقية أو وقعت مثلا في الدولة -أ- والدعاية لها عل أنها ملتقطة في الدولة -ب- خاصة القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والصراعات والتي عادة ما تثير تفاعل كبير في الأوساط الإعلامية.

4- النشر والتعليق عن طريق حساب شخصية حقيقية أو موثقة موالية حتى تعطى مصداقية للمنشور ثم تقوم الكتائب الالكترونية بدعمه ورفع مستوى التفاعل فيه بإبداء الاعجاب والترويج له في أكبر عدد ممكن من المواقع ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي.

5- مهاجمة الرأي أو الجهة المعارضة بالشتم، الابتزاز، التخوين (الاتهام بخيانة الوطن والعمالة لقوى أجنبية) والشخصنة بتحويل النقاش من فكري حول قضية سياسية أو اجتماعية الى أمور شخصية متعلقة بصاحب المنشور أو الفئة المخالفة.

6- شن حملات التبليغ بشكل جماعي في نفس الوقت أو عبر دفعات ضد الأشخاص والحسابات المعارضة واتهامها مثلا بالمساس بالمؤسسات الرسمية والأشخاص أو المقدسات، فعند كثرة التبليغات يقوم موقع التواصل الاجتماعي بحظر واخفاء المنشور المبلغ عنه، الذي هو في الأصل مجرد رأي عادي أو نقد لسياسات الحكومات ولا يحتوي على التجريح او اساءة للأديان والمقدسات وانما تم التبليغ عنه لكي لا ينتشر ويقوم بالتأثير على الرأي العام والتفافه حولها ما ينتج عنه ظهور هاشتاغ غير مرغوب فيه.

7- برمجة منشورات وتعليقات تعمل بشكل آلي هدفها الأساسي هو تكرار الشائعات والتعليقات في نفس القضية، فمن كثرة تكرار المحتوى حتى تدخل في لاوعي المتلقي وتصبح مؤثرة عليه، في هذا الصدد يقول يوزف غوبلز وهو وزير الدعاية في ألمانيا النازية: “الدعاية الناجحة يجب أن تحتوي على نقاط قليلة وتعتمد التكرار”.

عدم وجود مؤشرات الهوية الإلكترونية الواقعية وذلك بعدم إدراج المعلومات الشخصية الحقيقية في الحسابات بعدم توفر صورة حقيقية، رقم الهاتف والعنوان الشخصي أو البريد الإلكتروني يشير إلى أن هذا حساب وهمي

كيفية تحديد الحسابات الوهمية:

1- عدم وجود مؤشرات الهوية الإلكترونية الواقعية وذلك بعدم إدراج المعلومات الشخصية الحقيقية في الحسابات بعدم توفر صورة حقيقية، رقم الهاتف والعنوان الشخصي أو البريد الإلكتروني.

2- النشاط بأسماء مستعارة وحسابات وهمية، أي استخدام أسماء مرتبطة برموز وطنية وشخصيات واجتماعية.

3- إعادة انشاء الحسابات بشكل روتيني خاصة بعد حذف أو تجميد نشاطهم نتيجة التبليغ أو اكتشاف حسابهم الوهمي من طرف مسيري مواقع التواصل الاجتماعي.
4- المتابعة والتشويش على حسابات الشخصيات المناوئة لتوجه الذباب الالكتروني، من معارضين محليين ودوليين.

5- حسابات حديثة النشأة بفارق زمني قصير بين حساب وآخر، لا تحظى بعدد كبير من المتابعين.

6- سرعة النشر والتغريد (منشورات كثيرة في وقت واحد).

7- حسابات خالية من المنشورات ولا يتم التفاعل بينه وبين متابعيه في حالة وجودهم.

8- تعمل الحسابات في أوقات معينة فقط بغرض دعم هاشتاغ أو الترويج لقضية رأي عام.

9- تكرار محتوى وموضوع معين في منصات اجتماعية مختلفة.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى