الاعتداء على المساجد في تونس.. عمل ممنهج أم ممارسات معزولة؟
إعداد آمال الهلالي
ارتفعت وتيرة الاعتداء على المساجد في تونس خلال الأسابيع الماضية وسط غضب شعبي ومخاوف من تحوُّله من مجرد ممارسات فردية معزولة إلى عمل ممنهج، وسط دعوات لسَنّ قانون يجرّم الاعتداء على المقدسات.
تونس ـــ أكثر من خمسة مساجد تونسية وقع استهدافها سواء بالحرق أو بتمزيق الكتب الدينية وتدنيس المصاحف أو ببعثرة محتوياتها، خلال الأسابيع الماضية، فيما بقيت الأسباب مجهولة، مما دفع بثلة من شيوخ وعلماء وأئمة تونسيين لإطلاق صرخة فزع، وإصدار بيان مشترك موجه إلى الرئاسات الثلاث، الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية، بضرورة التعجيل بكشف الفاعلين وسنّ قانون يجرّم الاعتداء على المقدسات ويحمي بيوت الله.
عمل استفزازي
ونشرت “التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور والتنمية العادلة” منذ أيام بياناً شديد اللهجة موجَّهاً إلى السلطات في تونس، دعت خلاله الجهات المعنية والممثلة في وزارة الشؤون الدينية ووزارة الداخلية، إلى ضرورة الكشف عن الجهات التي تقف وراء هذه الأفعال الشنيعة التي تستهدف تقويض السلم الأهلي عبر استفزاز عقيدة التونسيين.
وعبّر رئيس التنسيقية شهاب الدين تليش، في تصريح لـTRT عربي، عن قلقه برفقة مجموعة من رؤساء جمعيات العلوم الشرعية وعلماء الدين أئمة في تونس، من تزايد وتيرة الاعتداء على المساجد بشكل غير مسبوق، محذّراً من محاولات بعض الأطراف التي تكنّ العداء الآيديولوجي لبعض الأحزاب ذات الخلفية الإسلامية، لجرّ تونس نحو مربَّع العنف والفوضى من خلال سياسة الاستفزاز.
تليش حذّر أيضاً من تكرار موجة الاعتداء على المساجد، التي تحولت، وفق تعبيره، من مجرد ممارسات فردية معزولة إلى عمل ممنهج، استهدف نحو 5 مساجد تونسية في أكثر من محافظة خلال الفترة الأخيرة، كما عبّر عن استغرابه لتعامل السلطات القضائية مع مرتكبي هذه الأفعال من خلال إصدار أحكام سجنية مخفَّفة بحقهم.
محدّثنا دعا البرلمان للإسراع إلى بلورة مشروع قانون ومبادرة تشريعية تستهدف تجريم أي اعتداء على بيوت الله بشكل خاصّ وجميع مقدسات التونسيين التي تمسّ دينهم وقرآنهم ونبيهم، وتكون منبثقة من روح الدستور التونسي ومن فصله السادس الذي يحمّل الدولة مسؤولية حماية المقدسات وعدم النيل منها.
الشؤون الدينية توضّح
تكرار الاعتداءات على بيوت الله في تونس دفع وزارة الشؤون الدينية إلى نشر بيان توضيحي، شدّدَت خلاله على اتخاذها جميع الإجراءات الإدارية اللازمة والتنسيق مع الجهات الأمنية لحماية دور العبادة وتتبُّع المعتدين، كما أكّدَت تَحوُّل وزير الشؤون الدينية لمعاينة جميع المساجد التي عرفت اقتحامات ومحاولات لتدنيس المصاحف.
وكان مجموعة من التونسيين وشيوخ دين عبّروا عن غضبهم عبر الشبكات الاجتماعية لتكرار حوادث الاعتداء على المساجد التي من بينها مسجدان بجهة المنيهلة المتاخمة لتونس العاصمة، وهي لا تبعد سوى أمتار قليلة عن منزل الرئيس التونسي قيس سعيد الذي يتردد على أحدهما للصلاة فيه.
ووصف النائب المستقل في البرلمان رضا الجوادي عبر تدوينة له على فيسبوك، الاعتداءات المتكررة على بيوت الله بأنها “مقصودة وتدخل ضمن خطة ممنهجة لاستفزاز المتدينين وجرّهم إلى ردود فعل منفلتة”، كما حذّر من خطط انقلابية تهدف، وفق تعبيره، إلى إقصاء كل توجُّه إسلامي وإفشال كل تجربة حكم فيها أصحاب مرجعية إسلامية ولو بنسبة ضئيلة.
مبادرة تشريعية
وغير بعيد عن الجوادي، يشدّد زميله في البرلمان والنائب عن ائتلاف الكرامة محمد العفاسي، في حديثه لـTRT عربي، على دور الدولة في حماية مقدسات التونسيين وحرية معتقدهم، لكنه عبّر في المقابل عن مخاوفه من استهداف أطراف لأمن واستقرار تونس وجرّهم للعنف ولمعركة “الهُوِيَّة” في فترة تعيش فيها البلاد على وقع تشكيل الحكومة.
وأكّد في ختام حديثه دعمه مبادرة تشريعية في البرلمان تهدف إلى تجريم الاعتداء على المقدسات الدينية للشعب التونسي المسلم، لافتاً إلى تقديمه مراسلات لوزير الشؤون الدينية يدعوه فيها لتوضيح الإجراءات التي اتخذتها الوزارة للحَدّ من تكرار جرائم الاعتداء على المساجد.
(المصدر: تي آر تي TRT العربية)