مقالاتمقالات مختارة

الاستبداد عقلية فرعونية

بقلم د. ناصر العمر

استوقفتني آيات كثيرة من القرآن الكريم تتناول موضوعاً كثر طرقه وعرضه، فيذكر أحياناً في معرض الأمر به وأخرى في سياق الإخبار عنه أوالتنويه به، وذلكم هو موضوع الاستشارة، وقد كتبت عن الشورى في القرآن الكريم رسالة ربت صفحاتها على المائة وفيها من الشواهد ما تحسن مراجعته.
ثم تأملت السنة النبوية فوجدتها كذلك مليئة بالأمثلة الدالة على حرصه -صلى الله عليه وسلم- على استشارة أصحابه وأزواجه في دقيق الأمور وجليلها.
ورغم كل هذا الإرث النبوي الضخم الذي أمرنا بالتأسي به، وعلى الرغم من الإشادة بالشورى في القرآن الكريم، على الرغم من ذلك كله إذا تأملت مجالس الشورى في جل البلاد الإسلامية وجدتها صورية لا تستجلب آتياً ولا تذهب مقضياً.
والأدهى من ذلك أن ظاهرة الاستبداد تعدت لتقتحم الحركات الإسلامية، والمؤسسات الخيرية، التي ربما عانى كثير من الحادبين عليها من الاستبداد وانفراد شرذمة بالرأي، وربما عدم قبول النصح والمشورة، ولسان حال الملأ يقول مخاطباً المشير مردداً قول الهالكين: (..وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ) [هود:27]. ثم نتساءل: لماذا لم تكن القرارات رشيدة!

إن ما ينبغي هو أن تكون الشورى ديدن كل مؤسسة تريد أن يكتب لها النجاح، ابتداء من الأسرة وانتهاء بالدولة. أما العقلية الفرعونية: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ فهي التي ضيعت العباد، وأضلت الناس عن سبيل الرشاد.
وقد قيل من استقل بعقله ضل، ومن أعجب برأيه زل.
جنبنا الله وإياكم الزلل، والانسياق في طرق الضلالة، ووفقنا للصواب، وللأخذ بأسبابه، وهو المستعان.

(المصدر: موقع المسلم)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى