مقالاتمقالات مختارة

الإسلام السياسي ينتصر!

الإسلام السياسي ينتصر!

بقلم نعيم مصطفى

“الإسلام السياسي” هو مصطلح ظهرَ حديثًا بسبب انعزال الأقطاب الدينية في العالم الإسلامي عن السياسة، يمكن أن يشير المصطلح إلى مجموعة واسعة من الأفراد، أو الجماعات الذين يدافعون عن تشكيل الدولة، والمجتمع وفقًا لفهمهم للمبادئ الإسلامية، وللإشارة إلى النشاطات واسعة النطاق للأفراد، والمنظمات المؤيدة لتحويل الدولة والمجتمع ككل للاستناد لمرجعية من القوانين الإسلامية.

ظهور المصطلح

وظهر مصطلح الإسلام السياسي لتوصيف حركات تغيير سياسية تؤمن بالإسلام باعتباره نظاما سياسيا للحكم، وأن الإسلام ليس عبارة عن ديانة فقط ،وإنما عبارة عن نظام سياسي واجتماعي وقانوني ،واقتصادي يصلح لبناء مؤسسات دولة. ورغم ربط هذا المصطلح ببعض الأسماء بعينها -مثل حسن البنا- وبعض الجماعات -مثل الإخوان المسلمين- إلا أن للمصطلح تاريخاً أبعد من ذلك يقوم على رثاء مجد ضائع قديم .

ويستخدم المصطلح غالبًا في سياق الربط مع الحركات التي تمثل القوى السياسية الحالية باسم الإسلام، والتي نشأت في نهاية القرن العشرين.

ولو نظرنا بتأمل إلى التعريف السابق للإسلام السياسي ووازناه مع تعريف الدين الإسلامي الذي يدين به أكثر من مليار ونصف مسلم لوجدنا أن التعريف ذاته، إضافة إلى العبادات التي لم تذكر في التعريف، وهذا يعني أن مصطلح الإسلام السياسي – الذي ظهر حديثاً – الغاية الحقيقية منه هو الهجوم على الدين الحنيف والنيل منه بطريقة ناعمة ودبلوماسية، فلم يقل مروجو هذا المصطلح أنهم يحاربون الإسلام، وإنما أوحوا للناس أنهم يناهضون المتشددين والتكفيريين، حتى لا يؤلبوا الرأي العام الإسلامي من جانب وحتى يسيطروا على عقول العوام من المسلمين من جانب آخر، والواقع أن من ينظر إلى تاريخ الإسلام يجد بكل بساطة أن الإسلام تنصبّ اهتماماته الأولى على السياسة ثم يليها المناحي الأخرى، لأنه إذا لم يكن الحاكم مسلماً، فإن الإسلام يستحيل تطبيقه ومن هنا نجد أن الخلفاء الراشدين المبشرين بالجنة ، والذين يمثلون ذروة التقوى والتمسك بالدين بصريح الحديث الشريف” عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من  بعدي عضوا عليها بالنواجذ…) لم يعتزلوا الناس وينصرفوا إلى صومعتهم مكتفين بالتعبد والتهجد…وإنما آثروا أن يكونوا  في رأس الهرم ، فكانوا حكام الأمة السياسيين…

منذ عقود إن لم نقل منذ قرون يسعى أعداء الإسلام لمحاربته والقضاء عليه بشتى الوسائل ، لكنهم أدركوا أن حربهم المباشرة عليه تقوي شوكة المسلمين وتزيدهم تمسكاً بدينهم، مما دفعهم لتغيير الخطط وآليات الهجوم، فراحوا يزرعون الحكام الفاسدين في قلب البلدان الإسلامية ومن خلالهم يحاربون الإسلام، فيكون ذلك الكيد أنجع ، وقد نجحوا فعلاً في زرع الحكام لكنهم لم ينجحوا في خداع وتضليل المسلمين.

سخروا حكام خمس دول  (الإمارات – السعودية – مصر – البحرين  – سورية) تمتلك ترسانة ضخمة من المال والفكر والفن والثقافة…لمحاربة الإسلام وشيطنة ما سموه الإسلام السياسي، وراحت تلك الدول ليل نهار تضخ السموم وتنشر الفساد والرذيلة وتلوي عنق الفضائل  وتقوم بالتدليس في تفسير النصوص… لتشوش على المسلم دينه وتجعله يهجره، إلا أن النهاية كانت هزيمة تلك النظم واندحارهم وانكشاف عوراتهم ” يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ”.سورة التوبة

يقول الدكتور يوسف القرضاوي:

” إن الإسلام يشمل الحياة كلها بتوجيهه وتشريعه.. رأسياً: منذ يولد الإنسان حتى يتوفاه الله، بل من قبل أن يولد وبعد أن يموت حيث هناك أحكام شريعة تتعلق بالجنين وأحكام تتعلق بالإنسان بعد موته، وأفقياً: حيث يوجه الإسلام المسلم في حياته الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية من أدب الاستنجاء إلى إمامة الحكم وعلاقات السلم والحرب”.

ويقول المفكر مصطفى محمود في كتابه الإسلام السياسي والمعركة القادمة: “إن احتلال العقل وإفساد العقيدة مقدمة لاحتلال الأرض وفرض السيطرة …إنها حلقات يأخذ بعضها برقاب بعض”.

أعلنت الجزائر عن انتخابات تشريعية مبكرة تعتبر الأولى بعد الحراك الشعبي، وقد تمت الانتخابات، والآن تتواصل عملية فرز الناخبين، وقد أكدت حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي في البلاد) أنها تصدرت الانتخابات في معظم ولايات البلاد ومكاتب التصويت في الخارج، محذرة من محاولات تغيير النتائج.

وإذا ما أعلنت النتائج وفق توقعات حزب مجتمع سلم فإن الإسلام السياسي(الإخواني الإرهابي الشيطاني…) قد اكتسح أصوات الناخبين في دول المغرب ( الجزائر وتونس والمغرب) وتصدر المشهد السياسي (مجتمع سلم – حزب العدالة والتنمية – حزب النهضة).على الرغم من تحفظي على دولتي الجزائر والمغرب صاحبتي الحكم الشمولي.

ومن هنا نجد أن الأموال والبرامج والخطط التي قامت بها دول الشر ولاسيما الإمارات قد باءت بالفشل ”  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) سورة الأنفال

أريد أن أصل إلى نتيجة فحواها أن كل مسلم يمتلك قليلاً من الثقافة الإسلامية النقية، يجب أن يعلم علم اليقين أن الأحزاب الإسلامية تمثله وينبغي أن يدعمها، ولا يمكن لمسلم متنور أن يدعم الأحزاب الأخرى لأنها حكماً ضد المسلمين ، فالعلمانيون والقوميون والشيوعيون…إن لم يكونوا مناهضين للمسلمين فهم ليسوا معهم.

ولو قمنا بتحليل ظاهرة ادعاء بعض المسلمين أنهم ضد الإسلام السياسي ووصم الإسلاميين بالمتاجرة بالدين، وأنه يجب تحييد الدين عن السياسة حتى لا يتلوث بقذارتها، لوجدنا أنها ادعاءات ظاهرها  جاذب وجميل وباطنها هدم للدين.

إذا قلنا مثلاً إن حماس عندها أخطاء ولا تمثل الإسلام وقلنا عن الإخوان المسلمين كذلك عندها أخطاء ولا تمثل  الإسلام، وسحبنا هذا التحليل على النهضة والعدالة والتنمية ,…لكان حكمنا صحيح ولكن كل واحدة منهم خطأها يختلف عن الآخر وممكن أن تمثل 70 بالمئة من الإسلام، فإذا اجتمعوا جميعاً – فرضاً- على صياغة دستور إسلامي فإنهم ساعتئذ يمثلون الإسلام، لأن الإسلام جاء للدنيا والدين على خلاف جميع (الأديان) الأخرى، أما إذا أقصيت الأحزاب الإسلامية فحكماً ستفتح الساحة أمام الآخرين، الذين سيفتكون بالإسلاميين والعلماء كما وجدنا ذلك عند الحكام العلمانيين المستبدين، وكلنا يذكر ماحصل في سوريا في ثمانينيات القرن الفارط على يد السفاح العلماني حافظ أسد، وماحصل في تسعينيات القرن المنصرم من قتل وسفك لدماء المؤيدين لجبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر التي فازت عبر صناديق الاقتراع والأمثلة كثيرة ومعروفة لدينا جميعاً.

(المصدر: رسالة بوست)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى