مقالاتمقالات مختارة

الإسلاميون في السودان وورطة الكيزان

الإسلاميون في السودان وورطة الكيزان

بقلم ممدوح إسماعيل

قام البشير بانقلابه على يافطة إسلامية يقودها مرشد سابق للإخوان في السودان حسن التراب ثم ما لبث أن طرده البشير من الحكم ليؤسس البشير دولته الجديدة معتمدا على قاعدتين الأولى إجادة اللعب في السيرك السياسي على كل الاحبال الثانية حاسة الذئب التي تشم الفريسة ولا تتركها تنعم ابدا وبالنسبة لقاعدة السيرك فقد كان اهم اساس لها التيار الإسلامي بكل تنوعاته فلعب البشير على الحالة الإسلامية التي تتنوع ما بين التيار الصوفي والإخواني والسلفي وحتى الجهادي وكل تيار به كم من التنوع والاختلافات.

نجح البشير خلال ٣٠ عام أن يحتوي الجميع فهو صوفي مع الصوفية وإخوانجى مع الإخوان وسلفي مع أنصار السنة والسلفيين وجهادي مع الجهاديين وحتى الشيعة فتح لهم الباب فلم يترك البشير رغم وزنه الثقيل حالة إسلامية إلا ولعب عليها برشاقة سياسية يحسد عليها كلاعب السيرك على الحبال وأيضا مع التيارات السياسية فهو قومي مع القوميين وبعثي وناصري وفي السياسة الدولية لعب الاكروبات مع كل التناقضات فهو مع الصين وروسيا ومع إيران ومع السعودية؟ ومع محور السعودية الإمارات مصر وأيضا مع قطر وتركيا فهو يحارب مع السعوديين ويتعاون مع قطر وتركيا؟ وفى أفريقيا مع إثيوبيا ومع مصر أما مع خصومه فكان كالذئب ما أن بشم رائحة خصم يتطلع للحكم إلا وأسرع بافتراسه بسرعة وخفة شديدة فأحبط تحركات الترابي والمهدى وأربعة انقلابات ضده.

أصبح حزب المؤتمر الوطني محسوبا على الحالة الإسلامية فهو يضم فريق من الإخوان لذلك شعرت الحالة الإسلامية عامة وتيار الإخوان خاصة بحالة من الاسترخاء مع حكم البشير ولم تفكر برؤية ولا تخطيط ما بعد البشير خاصة وهى تشاهد تحولات الربيع العربي وسقوط حكام عرب تباعا بن على ومبارك والقذافي وعلى صالح والأخطر أنها تغاضت عن المظالم والفساد المستشري في الحكم فقد تم تقسيم ثروات السودان بين نفر قليل من العسكر والساسة ورجال الأعمال المحسوبين على المؤتمر الوطني المحسوب على الحالة الإسلامية والمحاسيب واشتد الضنك والفقر حتى وصل أن لحس المواطن السوداني الكوع فقد ارتفعت الأسعار ووصل الدولار سبعين جنيها سودانيا وتجد المفارقة واضحة كضوء الشمس بين سيارات الدفع الرباعي وفلل في مناطق محددة وفقر وأكواخ وسيارات خردة تسير في معظم شوارع البلاد.

رغم صراخ الجماهير الذى ارتفع عدة مرات لكن الحالة الإسلامية كان كثير منها وليس الكل في كسل شديد في التفاعل مع الجماهير ورغم عدم وقوع غالبية الحالة الإسلامية في مفاسد كيزان المؤتمر الوطني إلا أن عدم معارضتهم كقوة حاسمة للفساد يجعل لغالبيتهم نصيب من اللوم والنقد وإن كان لا يخفى وجود طائفة من الإسلاميين عارضت البشير وتعرضت للاضطهاد والاعتقال ولكنها لا تمثل كل الحالة الإسلامية وقد استفحل الضنك حتى خرجت الجماهير تطالب بسقوط البشير والكيزان وتطورت المطالبات في الغلو حتى وصلت إلى المطالبة بإقصاء كل الإسلاميين وارتفع صوت الشيوعين ليطالب إلى إقصاء الإسلام والبعض في الحالة الإسلامية السودانية والعربية يترحم على البشير وخرج يتكلم عن صلاح البشير وأنه كان يصوم الإثنين والخميس ويتناسى هذا الشيخ أنه أن صح كلامه فالصيام لنفسه ولكن البشير مسؤول عن شعب ومسؤول عن فساد استشرى سنوات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.

البعض من الإسلاميين يستغرب ويقول ألم يكن من الأولى الصبر على البشير فهو أفضل من غيره وهؤلاء يتغافلون عن السنن وحالة التدافع التي لا تنتظر الكسالى  وحق الجماهير أن تثور ضد الفساد وهى ترى مليارات دولارات تدخل البلاد والسودان الواعد سلة العالم لا يرى الشعب غير الفقر والضنك والظلم وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول دبر كل صلاة اللهم أنى أعوذ بك من الكفر والفقر وفى الحديث النبي قرن الفقر بالكفر لأن الفقر بريد الكفر والنبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق وأشرفهم وأقربهم إلى الله استعاذ بالله من الفقر وعلم الاستعاذة لأمته عقب كل صلاة يعنى خمس مرات في اليوم لخطورة الفقر على النفس والفقر من الخطورة أن على بن أبى طالب قال لو كان الفقر رجلا لقتلته انظروا وتأملوا التعبير البليغ وجوب قتله لخطورته حتى يقول أبو ذر رضي الله عنه عجبت لمن لا يجد القوت في بيته، كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه إلى هذه الدرجة الفقر يوجب القتال نعم لأنه سيؤدى إلى الكفر والفساد ومن خطورته أيضا على الناس قال عز وجل العليم بعباده وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيرا

 

يبقى أن الحالة الإسلامية السودانية تضطرب الآن وتعلن غضبها بسبب سيطرة الخطاب العلماني على حالة ثورة الشعب السوداني والسؤال أين كنتم ولماذا لم تستعدوا لذلك وثورات الشعوب العربية وتجاربها تتحرك أمامكم صحيح أن قطاع من الإسلاميين مشارك في الثورة ولكن لا يوجد كيان قوى معبر عنه ولم يفرض نفسه بقوة في التوازنات السياسية رغم قوة شعبيته وتواجده بقوة داخل نسيج الحالة السودانية ولكن تؤخذ الدنيا والسياسة غلابا لذلك يجب عليهم بدلا من السكوت أو الترحم على البشير أو الصراخ من هجمة الشيوعين والعلمانيين أن يعملوا بسرعة أن تكونوا لهم قوة لها وزنها يحسب كل من يعادى الإسلام في السودان لها ألف حساب واللافت أن اخوان السودان سارعوا بالتوافق مع المجلس العسكري وقبول التعاون في الفترة الانتقالية وهو أن كان تحرك سياسي ولكنه يؤكد أن الإخوان في السودان لم يتعلموا من التجربة المرير للإخوان في مصر وأنهم بعيدين عن تحقيق أحلام الشعب في التغيير.

وأخيرا أن ترحيب محور الشر السعودية الإمارات مصر المناهض لحرية الشعوب بالمجلس العسكري الجديد بقيادة عبد الفتاح البرهان يلقى بظلال كئيبة غير مبشرة خاصة مصر العسكر التي لها مصلحة أن تحتوي السودان وكأن وادي النيل مغضوب عليه بحكم العسكري عبد الفتاح رع في مصر والسودان.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى