الإرهاب غير المسلم
بقلم تولين طالب
صلاة الجمعة لم تمر كما تمر في كل جمعة عند مسلمي العالم، في نيوزلندا حيث استهدف يميني متطرف يدعى: (برينتون تارانت) مسجدين في (كرايست تشيرش) اليوم، وبعد تخطيط لشهور طويلة يفتح باب المسجد فيرحب به مسلم ويقول: «مرحبًا أخي»، وربما أراد أن ينبهه لأمر ما، كأن يخلع حذاءه قبل الدخول، لكن المقحتم لم ينتظرْ كثيرًا ولم يفكر حتى، ليباشره (تارانت) بعدة رصاصات ليفارق الحياة، أما هو فيستكمل خطواته متجهًا نحو المصلين فيه، ويستمر في إطلاق الرصاصات بشكل عشوائي على المصلين المتواجدين في المسجديْن، مستخدمًا بندقيته والتي كتب عليها بعض العبارات، مثل: «اللاجئين أهلا بكم في الجحيم» و«1683 فيينا» -والتي تمثل السنة التي خسرت الدولة العثمانية فيها وتوقف التوسع في أوروبا-.
إذًا فرجل مثله في الثامنة والعشرين من عمره، يعتبر المهاجرين خطرًا على أوروبا ولا سيما المسلمين «الغزاة»، وعلى أنغام الموسيقى يخرج كما دخل بكل برودة أعصاب كالمنتصر في معركة شرسة، ويغلق البث المباشر في (فيسبوك).
والسؤال الآن، هل سنسمع عن وقفة حداد حزنًا وألمًا على مجزرة بالمسلمين، لا أقصد الإدانة والاستنكار، فهذه سنسمعها كثيرًا وسنشاهدها أيضًا على (تويتر) من جميعهم بلا استثناء، فكتابة بضع كلمات مؤثرة أو اقتباس لشخصية مشهورة أوْ بيتيْن من قصيدة ما أو آية من القرآن الكريم ليس بالأمر العسير، وهل سيكون لهم دور واضح كما فعلوا عقب أحداث صحيفة (تشارلي إبدو) الفرنسية عام 2015، فقد تصدرت أسماء رؤساء كبار مقدمة المظاهرات إثر الاحتجاجات على مقتل 12 شخصًا، أم أن أحداث (تشارلي إبدو) أخذت زخمًا كبيرًا مما اضطرهم للمشاركة؟!
بعد أحداث (تشارلي إبدو) تصاعدت (الإسلاموفوبيا)، ونمتْ كالبذرة التي سقاها الإعلام الغربي، ولم يأكل من زقومها إلا المسلمون، هذا بالطبع شجع المتطرفين الجاهلين على استهداف أماكن العبادة الإسلامية بالقنابل والبندقيات وحتى بكتابة عبارات عنصرية استفزازية، لم تتشوه صورة المسلمين فقط، ولكن تشوه صورة الإسلام كدين أيضًا، لن يتخذ الإعلام العربي توجهًا واضحًا لمحاربة (الإسلاموفوبيا) ، فلا مجال للمقارنة بين إعلامنا وإعلامهم، فقد استطاعوا حقًا نشر أحقر شخصيات وجماعات مسلمة تحت راية الإسلام، ناسبين إياهم للإسلام، غاضين الطرف عن كل حدث و«عملية استنكارية» يقوم بها غير المسلمين، مستغلين ظهور (داعش)، فقتل وذبح من مسلمين ستكتب عنه كل الصحف وتتحدث بكثافة عنه القنوات الإخبارية لأشهر تحت عنوان واحد هو (الإرهاب)، ولكن إن كان المنفذ غير مسلم سيلصقون به آلاف الأعذار، ويتحدثون عنه لساعات معدودة، فلا وقت كاف لتغطية أحداث إرهاب المسلمين، فكأنهم يريدون القول أن إرهاب المسلمين داء لن يعالج إلا بقتلهم!
وكذلك الهجوم الإرهابي في (نيوزلندا) سيسمونه عملًا إجراميًا.. تطرفًا.. عنفًا.. عارًا، ولكن لن تسمع أحدًا -إلا قلة منهم- يدعونه بالإرهاب، فكي تصبح إرهابيًا لا يهم عدد القتلى الذين ستوقع بهم ولا الطريقة الوحشية التي ستقتل بها، يكفي فقط أن تكون مسلمًا، فكأنما مفهوم الإرهاب لصق بالمسليمن دون سواهم واختص فيهم، يذكرني هذا بالطفل المسلم الأمريكي ذي الأصول السودانية «أحمد محمد» الذي ألقي القبض عليه لاختراعه ساعة، ظنوا أنها قنبلة تفجيرية، ليس لضعف في النظر ولا لحد الشبه بين الساعة التي اخترعها والقنبلة، وإنما لأنه مسلم، بينما (تارانت) كان قد كتب العشرات من التغريدات والمنشورات العنصرية قبل أن يدخل المسجدين لقتل الأبرياء.
نعم، سيخدعونكم بظاهرهم :السلام والمحبة، أما الباطن فكله حقد وكراهية ولامحبة، يظهر هذا جليًا في التعليقات على البث المباشر للقاتل فبدل أن يدينوه، قاموا بتشجيعه والسخرية من الضحايا.
ضاقت الأرض بما رحبت على المسلمين، فلا عدالة إلا عند الله، يكرهون لقب مسلم، ويزعجهم صوت الأذان، ويخيفهم الحجاب، لكن الله سبحانه وتعالى يقول: «يريدون ليطْفئوا نور الله بأفْواههمْ والله متم نوره ولوْ كره الْكافرون».
أما نحن المسلمون فعلى العكس، لأن النفس الإنسانية غالية جدًا، فهذا جوهر ديننا الإسلام.
(المصدر: ساسة بوست)