مقالاتمقالات مختارة

الإرث بالتعصيب … هل هو وحي من الله أم رأي من الفقهاء؟

بقلم د. رشيد بن كيران

سبب كتابة هذا المقال هو ما روجه بعض الموقعين على ورقة النداء بإلغاء الإرث بالتعصيب، إذ زعموا أن الإرث بالتعصيب هو مسألة اجتهادية ورأي قابل للتغيير والتبديل، ومرادهم بهذا الكلام أن يهونوا من شناعة مطلب النداء وأن يعطوه جواز المرور،كما لو أنه ليس فيه مصادمة لكلام الله سبحانه، أو معارضة لكلام المعصوم عليه الصلاة والسلام، وإنما هو مطلب أو نداء في مقابل آراء الرجال وإن كانوا فقهاء.

ولهذا يحسن بنا أن نبين لعموم الناس ما معنى الإرث بالتعصيب أو الإرث بالعصبة بأسلوب ميسر، وهل مبناه كان على الاجتهاد والرأي أم على نصوص الوحيين.

التعصيب: هو الإرث بغير تقدير، والعصبة في المواريث هم الذكور الذين يرثون بلا تقدير، وهم كل من يأخذ جميع المال عند الانفراد،أويأخذ الباقي بعد أخذ أصحاب الفروض فروضهم وحقوقهم، وقد لا يبقى له شيء.وجهات العصوبة بنوّة، ثم أبوة، ثم أخوة وبنوهم، ثم أعمام وبنوهم.والدليل على توريث العصبة مستمد من كتاب اللهوسنة نبيه وإجماع الأمة.

1- الأدلة العامة التي دلت على التوريث بالتعصيب

  • السنة النبوية المحكمة

روى الإمامان البخاري ومسلم وغيرهما عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا تَرَكَتِ الْفَرَائِضُ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ».

وفي رواية واللفظ لمسلم: «اقْسِمُوا الْمَالَ بَيْنَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَمَا تَرَكَتِ الْفَرَائِضُ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ».

يعدّ هذا الحديث جامعاً لقواعد علم الفرائض التي هي نصف العلم،وهويبين بأسلوب شامل وواضح:

ـ كيفية قسمة المواريث المذكورة في كتاب الله لمن يستحقها؛

ـ كيفية قسمة ما فضل من المال عن تلك القسمة مما لم يصرح به في القرآن من أحوال أولئك الورثة، ومراتبهم؛

ـكيفية توريث بقية العصبات الذين لم يصرح بتسميتهم في القرآن.

وذلك بأن يعطى أصحاب الفروض المقدرة فروضهم في كتاب الله«أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا». وهى: الثلثان، والثلث، والسدس، والنصف، والربع، والثمن.

فما بقى بعدها، فإنه يعطى إلى من هو أقرب إلى الميت من الرجال لأنهم الأصل في التعصيب«فَمَا تَرَكَتِ الْفَرَائِضُ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ»، وهو مقتضى عموم كلام النبي عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. فيتم تقديم العصبة على ترتيب منازلهم وقربهم من الميت.

وهذا الحكم محل إجماع بين أهل العلم، وقد نقل هذا الإجماع غير واحد من العلماء، من بينهم:

ـ أبو الحسنابن بطال المالكي (ت449) في كتابه شرح صحيح البخاري،فقال: “وأجمعوا أن ما فضل من المال عن أصحاب الفرائض فهو للعصبة”. اهـ

ـ أبو الحسن ابن القطان الفاسي المالكي (ت 628) فيالإقناع في مسائل الإجماع، فقال:”وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها، وما بقي فلأولى رجل ذكر»، وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل المال للعصبة.وأجمع أهل العلم على القول به”.اهـ

ـ أبو زكريا يحيىالنووي الشافعي (ت 676) في شرح مسلم، فقال : “وقد أجمع المسلمون على أن ما بقي بعد الفروض فهو للعصبات يقدم الأقرب فالأقرب،فلا يرث عاصب بعيد مع وجود قريب”. اهـ

وبناء عليه، فحكم توريث بالتعصيب كان مبناه على أدلة نقلية عامة منالسنة والإجماع الذي كان مستنده النص، ولم يكن مبناهعلى الرأي والاستحسان كما يروجه الموقعون على نداء الإلغاء للتوريث بالتعصيب، وسيأتي تأكيد هذا الأمر بالأدلة التفصيلية.

2- الأدلة الخاصة التي دلت على التوريث بالتعصيب

  • أب الميت يرث بالتعصيب وحيا من الله ورسوله وليس رأيا من الفقهاء.

ـ قوله تعالى: ﴿وَلأَبَوَيْهِ لَكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ…﴾. الآية.

نصت الآية الكريمة على نصيب مفروض بالتساويلكل من الأبوين (الأب والأم)عند وجود أولاد الميت؛ وهو السدس: }وَلأَبَوَيْهِ لَكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ{.

وأما إذا لم يكن للميت أولاد، وله أبوان، فإن ثلث المال يكون من نصيب الأم بالفرض كما نصت الآية{فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ{، وباقي المال الذي هو الثلثان يكون من نصيب الأب بالتعصيب، ولا يتصور في الآية معنى آخر سوى ما ذُكر. وقد قرر جميع المفسرين هذا المعنى، ومنهم ابن جرير الطبري، قال في التفسير:

“فإن قال قائل: فمن الذي له الثلثان الآخران؟

قيل له:الأب.

فإن قال:بماذا؟

قلت: بأنه أقرب أهل الميت إليه،ولذلك ترك ذكر تسمية من له الثلثان الباقيان، إذ كان قد بيَّن على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبادهأن كل ميِّت فأقربُ عصبته بهأولى بميراثه، بعد إعطاء ذوي السهام المفروضة سهامهم من ميراثه”. اهـ

– عم الميت يرث بالتعصيب وحيا من الله ورسوله وليس رأيا من الفقهاء.

قوله تعالى: }يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ{ [جزء من آية النساء:11].

نصت الآية الكريمة على نصيب البنات عند عدم وجود الابن وهو الثلثان، وهن يشتركن فيه}فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ{، ويبقى ثلث مال التركة، والذي قد يكون من نصيب العم بالتعصيب إما كاملا أو جزءا منه عند انعدام من يحجبه، وقد بينت السنة النبوية صورة كانت هي سبب نزول هذه الآية، ورث العم فيها بالتعصيب بعد أخذ أصحاب الفرائض حقوقهم، وكما هو مقرر في علم أصول الفقه أن سبب النزول قطعي في الدخول؛ أي تدل عليه الآية الكريمة دلالة قطعية لا يقبل التأويل.

روى أبو عيسى الترمذي وغيره عن جابر رضي الله عنه قال: جَاءَتِ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِابْنَتَيْهَا مِنْ سَعْدٍ.فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَكَ فِي أُحُدٍ شَهِيداً، وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا، فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالاً، وَلاَ يُنْكَحَانِ إِلاَّ وَلَهُمَا مَالٌ.

قَالَ جابر: فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «يَقْضِى اللَّهُ فِي ذَلِكَ».

قَالَ جابر رضي الله عنه:فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ.فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى عَمِّهِمَا، فَقَالَ: «أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ، وَأُمَّهُمَا الثُّمُنَ، وَمَا بَقِىَ فَهُوَ لَكَ».

فكان قضاء الله الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم هو توريث العم بالتعصيب بعد ما أخذ أصحاب الفروض حقوقهم. فلم يكن توريث العم رأيا رآه الفقهاء.

وحديث جابر صححه الحاكم في المستدرك، وفي سنده ابن عقيل وهو متكلم فيه، وقد قبِل جماعة من أهل العلم بالحديث حديثه واحتجوا به وخالفهم في ذلك آخرون،ولكن الشاهد منه محفوظ، فقدقال أبو عمر ابن عبد البر المالكي (ت 463) في الاستذكارعند حديث جابر:هذه سنة مجتمع عليها لا خلاف فيها والحمد لله.

– أخت الميت ترث بالتعصيب وحيا من الله ورسوله وليس رأيا من الفقهاء.

بداية، المرأة لا تكون عصبة، فالعصبة كل ذكر يدلي بنفسه بالقرابة ليس بينه وبين الميت أنثى، ولكن جرى على لسان الفقهاء تسمية الأخت مع بنت الميت عصبة،وقد بين القرطبي -نقلا من فتح الباري لابن حجر-سبب ذلك فقال رحمه الله:”وأما تسمية الفقهاء الأخت مع البنت عصبة فعلى سبيل التجوز؛ لأنها لما كانت في هذه المسألة تأخذ ما فضل عن البنت أشبهتالعاصب”. اهـ.

ـ رواه البخاري في الصحيح وغيره أنه سُئِلَ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عَنِ ابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ؟ فَقَالَ: أَقْضِى فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- «لِلاِبْنَةِ النِّصْفُ، وَلاِبْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِىَ فَلِلأُخْتِ».

يدل هذا الحديث أن الأخت ورثت بالتعصيب قضاء من رسول الله كما شهد به ابن مسعود وأكده بقولهلأَقْضِيَنَّ فِيهَا بِقَضَاءِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-. كما في صحيح البخاري.

وقد استقرالفقه الإسلامي على ما قضى بها النبي صلى الله عليه وسلمفي هذا الحديث، يقول الشوكاني في نيل الأوطار: وفيه دليل على أن الأخت مع البنت عصبة، تأخذ الباقي بعد فرضها إن لم يكن معها ابنة ابن، كما في حديث معاذ، وتأخذ الباقي بعد فرضها وفرض بنت الابن كما في حديث هزيل (أي حديث ابن مسعود)، وهذا مجمع عليه.

قلت: وحديث معاذ الذي ذكره الشوكاني ينقل صورة أخرى التي ترث فيها أخت الميت مع البنت وتصير الأخت عصبة، روى أبو دواد بسند صحيح عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَرَّثَ أُخْتًا وَابْنَةً فَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ وَهُوَ بِالْيَمَنِ وَنَبِىُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَئِذٍ حيّ.

ومما يجدر التنبيه عليه، أن ميراث أخت الميت بالتعصيب هو مثال واضح يبطل مزاعم الموقعين على النداء؛وهي أن علة الإرث بالتعصيب هي الواجبات المالية التي أوجبها الله على العصبة -أي على الذكور من جهة عصبة الرجل-مثل ثمن الدية على عصبة القاتل أي على العاقلة، أو واجبات النفقة على الرجال من جهة العصبةللمرأة، وغيرها من الواجبات المالية التي هي على الرجال دون النساء، ولكن في هذين المثالين قد تخلفت تلك العلة المزعومة أو الدعوى المزعومة ، وهذا يدل على أن ما عللوا به ليس صحيحا، وهو سبب كاف بإبطال مزاعم الموقعين على النداء.

وحري بنا كذلك أن نشير إشارة خفيفة أن لكل حكم من أحكام الشريعة حكمة وغاية، قد تظهر في بعض الأحكام جلية وقد تكون في أخرى خفية، والجلي منها لا ينضبط فضلا عن الخفي منها، وأمثل لكم بمثال واحد يتضمن حكمُه حكمةً جلية لتقريب المقصود:

الصلاة في السفر تصلى بالتقصير وهي رخصة من الله سبحانه، والحكمة من ذلك هو رفع المشقة على المسافر، وهي حكمة جلية لا يختلف فيها اثنان، ولو علقنا الحكم بحكمته وهي المشقة في هذا المثال لجاز أن نقصر الصلاة في الحضر حينمانشعربالمشقة، بل قد يتأتى لنا في بعض الأسفار راحة معينة تنفي عنا المشقة، ويكون إتمام الصلاة هو المطلوب في ذلك السفر، وبالتالي نقع في مخالفة مراد الله وحكمتهوسوء تطبيق لحكمه.

ولهذا أجمع العلماء على تعليق الحكم بالعلة التي هي وصف ظاهر منضبط، ولم يعلقوا الحكم على الحكمة لعدم انضباطها وإن كانت جلية. وفي المثال الذي ضربت كانت علة الحكم هي السفر، فالسفر وصف ظاهر منضبط، فحيث وجد السفر تكون رخصة التقصير وحيث غاب لم يشرع التقصير، كما أن السفر مظنة الحكمة التي هي المشقة؛ لأن غالب الأسفار فيها مشاق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: »السفر قطعة من العذاب»، وبهذا تتحقق حكمة الشارع وانضباط أحكامه.

والغرض من هذا الكلام أن نصل إلى أنّ أقصى ما يتشبث به أصحاب نداء الإلغاء هو تعليق حكم التعصيب بالحكمة التي ظنوا أنها حكمة وهيهات هيهات؛ وهي أن الإرث بالتعصيب كان لحكمة في زمن التشريع وهي كثرة مسؤوليات المالية على الرجل دون المرأة، ولهذا استحق هذا التمييز، وبما أن المرأة أصبحت تعمل وتشتغل في وقتنا المعاصر فلابد أن نغير حكم الإرث بالتعصيب.

وهذه الحكمة التي زعموا أنها حكمة غير ظاهرة ولا منضبطة تماما، فقد كانت النساء في زمن الأول تشتغلن -وإن كنا قلة- ولهن أموال ترصد للتجارة أو الزراعة أو غيرهما، ولا تخفى على الجميع حال أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها صاحبة التجارة الكبيرة، ورغم ذلك شرع الله أحكام الإرث بالتعصيب، بل قدّم المرأة دون الرجل في حالة وجود بنت الميت وأخته وعمه، فأعطى للبنت النصف وللأخت النصف ولم يؤخذ العم شيئا، بل حتى أخ الميت غير الشقيق لا يؤخذ شيئا وتأخذ الأخت الشقيقة ما بقي من التركة، وهذا بيان واضح لعدم ظهور الحكمة المزعومة.

أما عدم انضباطها فلأن تعليق الحكم بهذه الحكمة المزعومة وهو المشاركة في العمل، والتي تقتضي أن نعطي المرأة العاملة ونمنع المرأة غير العاملة، فترث بنت لأنها كانت تساعد أباها في النفقة، ونمنع أختها لأنها لم تساعد أباها في النفقة، وهذا المقتضي يسري كذلك حتى على الرجال، فنعطي من يعمل ونمنع من لا يعمل، ونعيش في فوضى عدم انضباط الحكم كما مثلنا في المثال السابق بتقصير الصلاة وإن كانت الحكمة فيه جلية، فكيف بحكمة وهمية ليس لهاأساس ولا أزِمّة ولا خطام.

وما يصادفنا أحيانا من محاولة بعض العلماء أو الباحثين تلمس السر في التفرقة بين الذكر والأنثى في الميراث حينما تكون الأفضلية للذكر بسب التعصيب أو غيره،ما هي إلا محاولة منهم لمقاربة حكمة الحكم والباعث عليه،وليس لأجل تعليق الحكم به؛ لأن ما قيل من كلام في الموضوع غير ظاهر ولا منضبط ولا مؤثر في الحكم، والعاقل يجزم بكل اطمئنان وتسليم أن أنصبة الإرث من حيث هي نسب غير معقولة المعنى، ولا إمكانية لمعرفةعللها بالمعنى الأصولي، ولا مجال لتغييرها، فحقيقتها أمر تعبدي لا مجال للاجتهاد فيه… {فَرِيضَةًمِنَاللَّهِإِنَّاللَّهَكَانَعَلِيمًاحَكِيمًا}.

وإذ كنا نقرر في هذا المقال أن الإرث بالتعصيب كان مبناه على القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع، وليس على مجرد الرأي والاجتهاد كما يدعيه أصحاب النداء، فإن الخلاف الحاصل في بعض مسائل الإرث بالتعصيب -وهي قليلةـ مرده إلى فهم النصوص الشرعية، وليس في أصل الدليل المتبع، كما أن اختلاف العلماء في مسألة ما ليس مسوغا للقفز على الأدلة الشرعية المحكمة أو على منظومة الإرث الثابتة بالأدلة القطعية،والذي جاء موضوع مقالنا ليبرهن عليها.

هذا المقال-الذي هو في حقيقة الأمر-موجه بالأساس إلى المغاربة المتشبثين بدينهم حتى يعلموا الأسس التي قامت عليها أحكام الإرث التي فرضها الله بعلمه وحكمته، والتي هي عدل كلها ومصلحة كلها، عَلِمها مَن علمها أو جهلها مَن جهلها.

أما أصحاب النداء بإلغاء الإرث بالتعصيب فنحن على يقين أنهم لا يتحاكمون معنا إلى مقتضى الأدلة الشرعية، بل عنها متنكبون مستهزئون، وخير دليل على ذلك الشعار الذي يرفعونه ويرمزون به إلى تخطئة الله سبحانه (1+1=3)، ولكنهميموهون بشبه لئيمة حتى تخفى على الناسمرجعيتهم العلمانية “الحداثية”.

(المصدر: هوية بريس)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى