تقارير وإضاءات

استعمار بنكهة شرقية.. التاريخ المرعب للتطهير العرقي ضد المسلمين في الصين

استعمار بنكهة شرقية.. التاريخ المرعب للتطهير العرقي ضد المسلمين في الصين

إعداد فرح عصام

كثيرا ما نسمع عن انتهاكات الصين بحق الإيغور في شينجيانغ، لكن جذور القمع الصيني وسياقاته التاريخية تظل مطوية في الخلفية. تُقدِّم المقالة التالية من “فورين أفيرز” للكاتب سين آر. روبرتس، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة جورج تاون، مؤلف كتاب “الحرب على الإيغور: حملة الصين الداخلية ضد الأقلية المسلمة”، تُقدِّم شريطا زمنيا تاريخيا لقمع الإيغور ودوافعه الفعلية بحسب كل مرحلة من مراحل تقدُّم الدولة في الصين، وكيف تصاعد أو خبا هذا القمع بحسب الأحداث العالمية، وأهمها أحداث 11 سبتمبر/أيلول عام 2011.

 

في 19 يناير/كانون الثاني، قبل يوم واحد من مغادرة مكتبه، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن إجراءات الصين ضد أقلية الإيغور تُمثِّل “إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية”، لاحقا، سيتفقُّ معه خليفته في وزارة الخارجية أنتوني بلينكن في هذا التشخيص خلال جلسة تثبيته في المنصب. وعلى الرغم من أن تصوُّر وقوع إبادة جماعية في القرن الحادي والعشرين يُعَدُّ أمرا مُستغرَبا، لا سيما في بلد يُنتج غالبية المستلزمات في البيوت الأميركية، فإنّ، بغض النظر عن دلالات المصطلح، الأدلة على ارتكاب الصين فظاعات ضد الإيغور تبقى غير قابلة للإنكار.

 

بادئ ذي بدء، هناك أكثر من مليون من أبناء الإيغور وشعوب مسلمة أخرى في منطقة سنجان “شينجيانغ”، غرب الصين، محتجزون في معسكرات اعتقال وسجون جماعية، بجانب مؤسسات عقابية أخرى يُخضَعون فيها للضغط والتعذيب النفسي، وحتى الاغتصاب المنظم، كما أفادت “بي بي سي” مؤخرا. خارج هذه المؤسسات العقابية، تضع الحكومة الصينية الأهالي تحت مراقبة مستمرة باستخدام أحدث التقنيات، وتُعقِّم النساء قسريا، وتُجرِّد الأهالي من أطفالهم وترسلهم إلى مدارس نائية، بجانب إرسالها مئات الآلاف من الناس إلى برامج عمل قسرية داخل المصانع في أرجاء الصين. في غضون ذلك، تعمل الصين على إزالة الخصائص الإيغورية للمنطقة، فتُدمِّر المساجد ومواقع الحج (لغير المسلمين)، وتزيل الأحياء العريقة وتقمع لغة الإيغور.

يُعَدُّ الإيغور هم الجماعة السكانية الرئيسة في سنجان، وغالبيتهم من المسلمين، وهم يتحدثون بلسان تركي خاص، وحافظوا على ثقافة متمايزة عن تلك التي يمارسها غالبية الصينيين من المنتمين لإثنية الهان. وبحسب أرقام الحكومة الصينية، ثمة 12 مليونا من الإيغور في سنجان، وهم نقطة في بحر عند مقارنتهم بتعداد السكان الإجمالي للصين البالغ 1.4 مليار نسمة، لكن هذا المجتمع الصغير استلزم استخدام القوة المفرطة من جهاز المراقبة الصيني الذي يبدو عازما على تركيع الأقلية المسلمة.

 

سلوك الصين الوحشي في سنجان لا يعكس فقط توجُّه البلاد السلطوي المتزايد تحت حكم الرئيس شي جين بينغ أو أيديولوجية الحزب الشيوعي، وبالأحرى فإن قمع الإيغور يقوم على علاقة استعمارية قديمة بين بكين والمنطقة التي فتحتها قبل زمن طويل ولم تدمجها كليا في الصين الحديثة ولا هي سمحت لها بحكم ذاتي حقيقي. في ثمانينيات القرن الماضي، بدا لوهلة أن بكين يُمكن أن تتوصل إلى تسوية مؤقتة مع الإيغور، لكن الصين اختارت في النهاية محاولة سحق الهوية المتمايزة لسكان سنجان.

 

تستدعي إجراءات الصين ضد الإيغور على مدار السنوات الأربعة الماضية إلى الذاكرة الإبادات الثقافية التي نفّذتها قوى الاستعمار الاستيطاني الأخرى في حِقَب سابقة، فمثلهم مثل السكان الأصليين في أميركا وأستراليا، واجه الإيغور الاحتجاز والسجن الجماعي وتدمير المواقع والرموز الثقافية، والتشريد وقطع الأرحام والإدماج القسري. وفيما يبدو، فإن سياسات الصين الأخيرة في سنجان تُمثِّل تراكما لاستعمار طويل الأمد وتدريجي لموطن الإيغور.

سنجان التي يعتبرها الإيغور موطنهم الأم، ويعني اسمها “وجهة جديدة” بالصينية، فتحتها سلالة تشينغ عند منتصف القرن الثامن عشر وقامت بدمجها بوصفها مقاطعة داخل الإمبراطورية في أواخر القرن التاسع عشر. وعندما سقطت سلالة تشينغ في العام 1911، ورثت جمهورية الصين الجديدة هذه المنطقة بوصفها ملحقا استعماريا، ونصّبت عليها حُكّاما من إثنية الهان لكنها حافظت على اتصال هش بالسلطة المركزية للدولة، وفي محاكاة لأسلوب نظام الحكم السوفيتي القائم على الفدرالية الإثنية، أعادت بكين تسمية المنطقة بـ “منطقة الحكم الذاتي للإيغور في سنجان”.

 

ولكن على النقيض من الاتحاد السوفيتي، حيث أدرك الحزب الشيوعي أخطاء الكولونيالية القيصرية الروسية ومنح الشعوب المستعمرة سابقا فرصة حكم نفسها داخل الجمهوريات السوفيتية القومية عبر منح هذه الجمهوريات حق الانفصال -وإن كان رمزيا- عن الاتحاد، فإن الصين لم تتخذ أبدا الخطوات ذاتها في الأراضي التي حازتها إمبرياليّا في منغوليا والتبت وسنجان. وعلى عكس أندادهم السوفييت، لم تكن “المناطق الإثنية المستقلة ذاتيا” مستقلة حقا، حيث لم يكن لديها الحق النظري في الانفصال، ونادرا ما عُيِّن أعضاء الحزب الشيوعي الآتون من هذه المناطق في مناصب نافذة بالحكومة. علاوة على ذلك، بحلول العام 1959، كان الحزب الشيوعي قد تبنى الرأي القائل إن سنجان إنما هي جزء تاريخي من الصين، وهو موقف قائم حتى اليوم، في إنكار للطريقة الاستعمارية التي أُلحقت المنطقة عبرها بالصين.

 

بحلول العام 1960، كان هناك القليل من ملامح الحكم الذاتي في مناطق الإيغور في سنجان، فبعد أن تخلّصت الصين من القيادات الإقليمية للسكان الأصليين في أواخر الخمسينيات، فإنها بدأت تُشجِّع هجرة الصينيين من إثنية الهان إلى المنطقة، مما ساهم في حدوث تحوُّل ديموغرافي ملحوظ. ففي حين شكَّل الهان نسبة 6% فقط من النسيج السكاني في سنجان عام 1953، ارتفعت هذه النسبة إلى 38% عام 1982.

 

على الرغم من هذا التحوُّل الديموغرافي، ظلَّت أرض الإيغور على هامش حكم الصين الشيوعي طوال السبعينيات، حيث استقر معظم المهاجرين من أبناء الهان في شمال المنطقة بعيدا عن مراكز السكان الإيغور في الجنوب، في مدن مثل كاشغر وختن. وكان تأثير حملات الهندسة الاجتماعية العديدة التي شنَّها ماو تسي تونغ في المنطقة -كما هو الحال في أماكن أخرى من الصين- محدودا في تحويل الإيغور إلى ماويين مخلصين. وحتى ثمانينيات القرن الماضي، كانت سنجان لا تزال متباينة ثقافيا من ناحية اللسان والمظهر الخارجي عن بقية الصين، بالأخص في الواحات الجنوبية التي ظلَّت تقطنها أغلبية ضخمة من الإيغور.

 

بعد وفاة ماو في عام 1976، دخلت الصين فترة الإصلاح تحت حكم دنغ شياو بينغ، التي شهدت قدرا لا يُستهان به من الوعود للإيغور، وعلى رأسها وعد كبير بإنهاء الاستعمار في سنجان. تزعَّم “هو ياوبانغ”، المسؤول المُقرَّب من دينغ والنائب العام للحزب الشيوعي في الفترة ما بين عامَيْ 1982-1987 إصلاحات رفعت القيود في المنطقة مثلما فعل في أماكن أخرى في الصين، وقام بمناشدة المهاجرين الهان في سنجان للعودة إلى بلداتهم الأم، وحشد من أجل إصلاحات ثقافية ودينية وسياسية غير مسبوقة. كما سمحت الحكومة بإعادة فتح المساجد المغلقة سابقا وبناء المساجد الجديدة، وتفجَّر النشر باللغة الإيغورية والتعبير الفني الإيغوري، بل إن “ياوبانغ” اقترح منح مزيد من الاستقلالية للمنطقة داخل نظام الحكم الصيني، وأمر بأن يتحدّر قادة المنطقة من الجماعات الإثنية للسكان الأصليين، وأن يُسمح لهم بتنمية ثقافتهم ولغتهم الخاصتيْن في مؤسسات الدولة المحلية.

 

كان هذا التطلُّع لاحتواء أكبر للأقليات الإثنية يتماشى مع رؤية “ياوبانغ” الكلية للتحوُّل إلى الحرية والديمقراطية، لكن آماله بمنطقة ذات استقلالية أكبر للإيغور وبدولة صينية أكثر ديمقراطية لم ترَ النور أبدا. ففي عام 1987، أخرجَ المحافظون “هو ياوبانغ” من الحزب الشيوعي، وألقوا باللائمة على سياساته الأكثر ليبرالية في الغضب الطلابي المتأجج في أرجاء البلاد، ووضع قمع الاحتجاجات الطلابية في ميدان تيانانمين عام 1989 -التي اندلعت في جزء منها اعتراضا على فصل “هو” من الحزب- نهاية حقبة الإصلاح السياسي. لكن الحدث الذي رسم أقدار منطقة الإيغور بالفعل كان سقوط الاتحاد السوفيتي في عام 1991، حيث نظرت الصين خطأً إلى حملات تقرير المصير الإثنية بوصفها القوة الدافعة وراء انهيار الاتحاد السوفيتي، وتصرَّفت بما يضمن ألا تتجرَّع بكين الكأس نفسها مجددا.

 

خلال تسعينيات القرن الماضي، بثَّ الحزب الشيوعي الصيني العديد مما سُمِّي بحملات مناهضة الانفصالية التي هدفت إلى إخماد بوادر الاضطرابات. وبالتزامن مع ذلك، بدأت الدولة تنظر إلى التدين الإسلامي بوصفه شكلا من أشكال المطالبة بتقرير المصير، وأخذت تستهدف الملتزمين من الإيغور، ومضت أيضا إلى اعتقال العديد من الفنانين والكُتّاب العلمانيين. وقد تضمّنت هذه الحملات العنيفة قدرا هائلا من عنف الدولة -اعتقالات جماعية وتعذيب وإعدامات-، ما أشعل فتيل أعمال انتقامية عنيفة من قِبَل الإيغور، ولكن على الرغم هذا الصِّدام الدموي، لم تكن هناك حركة قتال منظم إيغوريّة واحدة في المنطقة، ولم يكن هناك تلويح بالانفصال أو أي سبب للاعتقاد بأن سنجان تستحق هذه المعاملة القاسية.

 

قدَّمت هجمات 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية في الولايات المتحدة وما تبعها من إعلان عالمي “للحرب على الإرهاب” لبكين فرصة لإعادة صياغة قمعها للإيغور، حيث زعمت الصين أنَّ إجراءاتها كانت محض استجابة لتهديد إرهابي مُستشرٍ، بل إنها، في محاولة لاحتواء الانتقادات الدولية لسياساتها في سنجان، زعمت أن هناك ارتباطات تجمع المناضلين الإيغور بتنظيم القاعدة. وفيما يبدو، التهمت الولايات المتحدة الطُّعم الصيني، وفي صيف عام 2002، زعمت واشنطن أن “حركة تركستان الشرقية الإسلامية” (ETIM)، متحالفة مع تنظيم القاعدة، وصنَّفتها تنظيما إرهابيا، مستشهدةً بالادعاءات الصينية التي كان المسؤولون الأميركيون ينكرونها قبل أشهر قليلة فقط.

 

أزالت الولايات المتحدة الحركة من قائمة المنظمات الإرهابية أخيرا في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لكن التصنيف السابق لها ألحق ضررا مستديما، وشجَّع القمع الصيني في سنجان. وتحت لافتة مكافحة الإرهاب، زادت الصين وتيرة قمع المعارضة وإخضاع الإيغور في موطنهم الأم، بالتزامن مع مضاعفة نشاطها الاستعماري عبر استثمار المليارات في تشييد بنية تحتية وصناعات جديدة في سنجان بهدف جذب المزيد من المهاجرين الهان إلى المنطقة.

 

لفترة من الوقت، واظب المسؤولون الصينيون على التودد إلى النخب الإيغورية بهدف دعم سياسات الحكومة مع التركيز على قمع المتدينين، لكن بكين اتخذت نهجا أقسى منذ عام 2017 أدَّى إلى الاشتباه بالسكان الأصليين جميعا بالتعاون مع الإرهاب أو النضال الانفصالي. كان هناك عدد من العوامل التي سرَّعت وتيرة هذه السياسة الصينية المتعنتة: الانعطاف الصينى المتزايد نحو الأوتوقراطية تحت حكم شيء جين بينغ، والحاجة إلى تطوير سنجان بوصفها محطة في برنامج البنية التحتية والتطوير الشاسع المعروف بمبادرة الحزام والطريق، بجانب مقاومة الإيغور لسياسات الدولة، وثقة الصين المتنامية بنفسها بوصفها قوة عالمية لا تعبأ بالانتقاد الدولي.

خلال السنوات الأربع الماضية، احتجزت الصين أو وضعت في معسكرات الاحتجاز الجماعية نحو عُشر السكان الأصليين في المنطقة، بينما أُخضع ما تبقى منهم لمراقبة غير مسبوقة، تتعقَّب سلوكياتهم وتعاملاتهم واتصالاتهم من أجل رصد أي إشارة على “الخيانة” يمكن أن تؤدي إلى احتجازهم. وكانت هذه المؤسسات العقابية مُجبرة على التعاون مع حملات الدولة المُصمَّمة لتغيير النسيج السكاني المحلي، بما فيها برامج العمل القسري، والتدريب الإلزامي على اللغة الصينية، والتعقيم القسري، وحملات الزواج الإجبارية من الهان، وتدمير النُّصُب الثقافية المحلية أو تغييرها لأغراض سياحية. تتضح معالم إستراتيجية الحزب الشيوعي في سنجان أشد الوضوح في وثيقة حكومية استعرضتها الوكالة الفرنسية عام 2018، وأوضحت صراحة أن الهدف البعيد لهذه السياسات ضد الإيغور هو “استئصال شأفتهم، وتقطيع جذورهم، وتدمير علاقاتهم، وتحطيم أصولهم [التي جاؤوا منها]”.

 

هذه الإستراتيجية لا تسعى لمواجهة تهديد إرهابي فعلي أو مُتوقَّع، لكن هدفها الحقيقي هو الإبادة الجماعية الثقافية، وتجريد هذه الأرض من طابعها الإيغوريّ، وتحطيم التعاضد بين أبناء الإثنية الإيغورية، وتحويل بلادهم إلى مركز تجاري، وإطار صغير في عجلة مبادرة الحزام والطريق. بعبارة أخرى، تريد الصين من سنجان أن تُمثِّل إقليما آخر يهيمن عليه الهان في البلاد، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، فإنها تنظر إلى الإيغور وهويتهم الثقافية في أفضل الأحوال بوصفها ترفا زائدا، وفي أسوأ الأحوال باعتبارها عقبات ينبغي إزالتها من الطريق.

 

يخبرنا هذا العرض التاريخي أن بكين لن تُغيِّر نهجها في سنجان بسهولة، ومن المرجح أنَّ إدارة الرئيس الحالي جو بايدن ستتابع سياسة الإدارة الأميركية السابقة بالانتقاد العلني لإجراءات الصين في المنطقة، وقد مَرَّر الكونغرس بالفعل تشريعا يضع عقوبات على مسؤولين وشركات صينية متورطة في سلوكيات قمعية في سنجان، بجانب نظره في تشريع إضافي لحظر المنتجات التي صُنِّعت عبر العمل القسري في المنطقة، وعلى الرغم من أن هذه الإجراءات تبقى مسوغةً بالنظر إلى حجم الأزمة الإنسانية، فإنها لا تُمثِّل ضغطا فعليا على بكين لأنها غالبا ما تُؤطَّر في سياق التنافس المحموم بين الصين والولايات المتحدة.

 

وكما برهنت بكين أمام مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة -حيث وقّعت 45 دولة عضوا في عام 2020 على رسالة تُدافِع عن الإجراءات الصينية في سنجان- فإنَّ العديد من الدول مُستعدِّة للانحياز إلى الصين في هذا النزاع. ويعني ذلك أن الدفع لإحداث أي تغيير في سياسات بكين ينبغي أن يحظى بدعم دولي واسع، وينطوي على ضغط اقتصادي مستديم. وبالنظر إلى أن أي تغيير حقيقي في الصين يجب أن يأتي من داخل الحزب الشيوعي، فإن الضغط الدولي يهدف في جوهره إلى إقناع صُنّاع القرار البارزين في الصين بأن إساءة معاملة الإيغور ستحمل عواقب اقتصادية ودبلوماسية هائلة.

 

وحتى وإن كان من المُستبعَد حدوث تغيير من داخل الحزب الشيوعي، فسوف يتعيَّن على المسؤولين الكبار، بمَن فيهم الرئيس شي، تقبُّل مسؤوليتهم عن الفظاعات المرتكبة، لا سيما تلك التي وقعت خلال السنوات الأربعة الماضية، وفي النهاية سيكون على بكين أن تتخذ خيارا مهما بين الاستمرار في سياستها الحالية، وبين السعي إلى التصالح مع التنوُّع الإثني الذي ورثته عن سلالة تشينغ. وفي هذا الصدد، ينبغي للصين الاقتداء بدول أخرى، بما فيها الكثير من دول أميركا الجنوبية وإسكندنافيا، التي منحت السكان الأصليين -على الأقل- سيادة محدودة، كما كان الحزب عازما في ثمانينيات القرن الماضي. لكن الإجراءات الصينية لا تُشير إلى أن بكين تنوي احتواء الإيغور أو قبولهم، لأن ذلك سوف يتطلَّب تغييرات جوهرية في صميم شخصية الدولة الصينية الحديثة، وبدلا من ذلك، تبدو الصين ملتزمة بالمُضي قُدما في مرحلة أخيرة قاتمة وهي قتل الشعب الإيغوري وثقافته إلى الأبد.

——————————————————————————————-

 

(المصدر: الجزيرة “مترجم عن Foreign Affair“)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى