مقالاتمقالات مختارة

استشهاد الفاروق عمر رضي الله عنه ومشروع كسر الدولة

استشهاد الفاروق عمر رضي الله عنه ومشروع كسر الدولة

بقلم ربيع الحافظ

سيدنا عمر رضي الله عنه هو مؤسس حقوق الانسان ومؤسس نظام الرعاية الاجتماعية ومؤسس حقوق الأقليات ومؤسس النظام الاداري، بعبارة أخرى هو واضع أسس المجتمع المدني للبشرية ومؤسس الدولة في الحضارة الإسلامية.

استشهاد عمر رضي الله عنه في 26 ذي الحجة بعد خلافة دامت 10 اعوام و6 أشهر جعل من خلافته خطة عشرية (بالمصطلح المعاصر) لترسيخ دعائم مؤسسات دولة كانت لا تزال غضة وهي مدة قصيرة جدا.

الدولة التي أسسها عمر رضي الله عنه لم تسقط باستشهاده لكنها دخلت مرحلة كانت ولّادة لمنظومات ملل ونحل على مستوى الافراد والجماعات تخصصت بزعزعة الدولة وزرع الفتن والتآمر واشغالها عن الاستقرار وصولا الى كسرها والولوج الى داخلها والتمكن من مجتمعها.

عمر رضي الله عنه كان يدرك ان كسر هيكل الدولة يفتح بابا للفوضى لا يغلق أبدا وأن (تفكيك الدولة) هو بالتحديد هدف هذه المنظومات وأن الفتن (الاضطرابات) هي آليتها، لذلك فهو صرف مفهوم الفتنة إلى اهتزاز الدولة، ونظريته في الحكم هي أن حضارتنا تقاد من الأعلى (بالدولة) وتهدم من الأسفل (بالفتن).

عن شقيق قال: سمعت حذيفة يقول: بينا نحن جلوس عند عمر إذ قال: أيكم يحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفّرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال: ليس عن هذا أسألك، ولكن التي تموج كموج البحر. قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها بابا مغلقا قال عمر: أيكسر الباب أم يفتح؟ قال: لا بل يكسر قال عمر: إذا لا يغلق أبدا قلت: أجل. قلنا لحذيفة: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم كما يعلم أن دون غد ليلة، وذلك أني حدثته حديثا ليس بالأغاليط. فهبنا (خشينا) أن نسأله من الباب؟ فأمرنا مسروقا فسأله فقال من الباب؟ قال عمر.

البخاري (7096) ومسلم (144).

استشهاد عمر كسَر الباب وهز الدولة لكن المجتمع المسلم تدارك الموقف على عجل وأوجد مؤسسات استراتيجية جديدة حمت مفاصل الدولة التشريعية والعقدية والفقهية والأمنية واللغوية التي استهدفها مشروع تفكيك الدولة ومكنه من ذلك ثقافته (عقيدته) السليمة.

ما يحدث في بلداننا، مع الفارق، هو كسر الباب والفوضى المفتوحة التي تليه والتي نفذت لأول مرة في عهد عمر رضي الله عنه بخنجر أبو لؤلؤة المجوسي.

“انهيار الدولة” هو المرادف المعاصر “لكسر الباب” بكل أسبابه وتداعياته، والمجتمعات التي كسر بابها وغزتها المليشيات الشيعية والإيرانية مشروعها هو استعادة الدولة وهي مهمة قادرة عليها شرط غربلة ثقافتها (الوطنية الضيقة) وإيجاد مؤسسات استراتيجية جديدة تتعامل بها مع مشروع هدم الدولة وهذا هو درس الدولة المستفاد من حياة عمر رضي الله عنه ومن استشهاده.

(المصدر: المنهل)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى