إنترسبت: التوحيدي.. شيخ يحبه اليمين الأميركي المتطرف
نشر موقع إنترسبت الأميركي مقالا مطولا تناول فيه كاتبه جوانب من أفكار ورؤى داعية شيعي إيراني يقيم في أستراليا ويصف نفسه بأنه “مصلح إسلامي”، لكنه درج على توجيه انتقادات لاذعة للمذهب السني حتى أنه أصبح “بطلا” في نظر اليمين المتطرف بالولايات المتحدة.
يقول روبرت ماكي في مقاله إن محمد التوحيدي -الذي يصف نفسه بـ”الإمام”- يعتبره كارهو الإسلام في الغرب بأنه أقرب ما يكون “هبة من السماء”.
ويتبنى التوحيدي -الذي نشأ وترعرع في أستراليا- مواقف اليمين المتطرف، إذ يرى أن المسلمين يشكلون “تهديدا وجوديا” للحضارة الغربية.
فلسطين يهودية وكشمير للهندوس
ومن أشد مواقف التوحيدي تطرفا أنه يعتبر فلسطين أرضا يهودية، وكشمير ملكا للهندوس، وأن الإسلام السياسي “داء”.
ويصفه عضو المجلس التشريعي السابق لولاية نيويورك دوف هيكيند بأنه “بطل”، وقال عنه وهو يقدمه إلى جمع من اليهود الأرثوذوكس في بروكلين بأنه -أي التوحيدي- “رجل خارق بعثه الله إلى هذا العالم”.
وسرعان ما رد التوحيدي الدين إلى هيكيند على تقريظه له زاعما أن المسلمين -ولا سيما الأغلبية السنية منهم على الأقل- مخطئون عندما يعتبرون القدس أرضا مقدسة عندهم، حسب تعبير كاتب المقال.
افتراءات على إلهان وطليب
وأضاف التوحيدي في تلك المناسبة أن “المسلمين الذين يقاتلون من أجل فلسطين في حيرة تامة من أمرهم، ففلسطين أرض يهودية”، واصفا الإسلام السياسي بأنه “داء”، ومتهما أول مسلمتين تدخلان الكونغرس الأميركي كعضوتين -وهما إلهان عمر ورشيدة طليب- بجلب أجندة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى قبة أعلى هيئة تشريعية في الولايات المتحدة.
وسُرَّ هيكيند -الذي يتزعم حملة لإقصاء إلهان عمر من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب بسبب تعليقاتها المناوئة لإسرائيل- أيما سرور بتصريحات التوحيدي التي ادعى فيها أن النائبتين المسلمتين عن الحزب الديمقراطي عميلتان سريتان لـ”حماس”.
من جانبه، وصف روبرت ماكي في المقال الذي نحن بصدده مزاعم محمد التوحيدي تلك بأنها “افتراء لا أساس له”، قبل أن يستدرك قائلا إن موقف الرجل أكسبه أنصارا من بين منتقدي النائبتين في الولايات المتحدة.
طومي روبنسون ضلل متابعي قناته على يوتيوب قائلا إن التوحيدي أحد الأئمة الكبار والباحث الذي لا يشق له غبار (غيتي) |
تضليل
ويشير ماكي إلى أن مؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية المناهضة للإسلام -ومقرها بريطانيا- طومي روبنسون ضلل متابعي قناته الخاصة على يوتيوب عندما قال العام الماضي إن التوحيدي “أحد الأئمة الكبار والباحث الذي لا يشق له غبار في القرآن وتاريخ الإسلام”.
وبحسب مقال موقع إنترسبت، فإن سطوع نجم التوحيدي في دوائر اليمين المتطرف بأميركا وبريطانيا جاء بعد عامين من فقده مصداقيته في أستراليا.
فقد كشف تقرير للإعلامي برونواين أدكوك بثته قناة “أي بي سي” الأسترالية أن التوحيدي داعية “متطرف” لا يملك مؤهلات أكاديمية وليس لديه سوى حفنة من الأتباع في العالم.
وتابع أدكوك أن التوحيدي لا يستمد وضعيته العامة من أي أعمال له وسط جاليته المسلمة، بل من استعداده لأداء دور المصلح المسلم على شاشات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، وفي اللقاءات التي تجريها معه شخصيات من اليمين المتطرف على مواقع يوتيوب على شبكة الإنترنت.
استهجان
وعندما ورد اسم التوحيدي لأول مرة في الصحف الشعبية الأسترالية على أنه “مرجع من مراجع الإسلام” استهجن المسلمون الآخرون في تلك الدولة وفي الولايات المتحدة ذلك واعتبروها مجرد “مزحة”.
على أن “الإسقاط الطائفي” الذي تنطوي عليه انتقادات التوحيدي اللاذعة لمعتقدات وممارسات المسلمين السنة لم تقلق أهل السنة وحدهم، بل أقضت مضاجع الطائفة الشيعية التي ينتمي إليها هو نفسه، وفقا لمقال إنترسبت.
ويقول كاتب المقال إن المكانة المرموقة التي نالها التوحيدي في دوائر الإعلام الاجتماعي لليمين المتطرف تكتسب أهمية، لأن السياسيين استخدموها حجة لتعزيز مواقفهم من العديد من القضايا.
ففي أستراليا استشهد السياسي المناهض للمهاجرين بولين هانسون بأقوال التوحيدي باعتباره “شاهدا من أهلها”، وفي الهند نالت تصريحاته استحسان القوميين الهندوس في أحد تجمعاتهم التي سخروا فيها من الباكستانيين المسلمين، وأكدوا فيها أن “كشمير أرض هندوسية”.
والتقطت مؤخرا صور للتوحيدي مع شخصيات مثل رئيس حكومة مقاطعة أونتاريو الكندية المتطرف دوغ فورد، وسفيرة أميركا السابقة في الأمم المتحدة نكي هيلي، ورضا بهلوي نجل شاه إيران السابق.
كذب وادعاء
وكشف صحفيون مؤخرا أن عمل التوحيدي في مجال الإعلام بأستراليا لم يتعد كونه كان رئيسا لجمعية إسلامية في مدينة أديلايد أنشأها هو نفسه، وأنه كذب بشأن مؤهلاته الدراسية وتلقيه دورات تدريبية في مدينة قم الإيرانية.
وما إن تكشفت تلك الحقائق حتى بات التوحيدي موضع سخرية في التلفزيون الأسترالي حدت مؤقتا من الزخم الذي حظي به في وسائل الإعلام الرئيسية.
ويسود اعتقاد وسط بعض المسلمين بأن التوحيدي لا يعدو أن يكون “محرضا طائفيا” في واقع الأمر يسعى إلى منح المعادين للإسلام مزيدا من الأدوات والحجج لمهاجمة أتباع مذهب الأغلبية السنية.
وعلى أي حال، فإن قراءة متأنية في تصريحات التوحيدي “التحريضية” بشأن الإسلام لا تضفي -بحسب مقال إنترسبت- مصداقية للنظرية القائلة إن رسالته معنية بالترويج للمذهب الشيعي وتشويه صورة مذهب الأغلبية السنية أكثر منها دعوة للإصلاح.
ويختم الكاتب بأن اليمينيين المتطرفين في الغرب يعتقدون أنهم يستغلون التوحيدي في تلطيخ سمعة المسلمين، في حين يستعين بهم هو في تأجيج التوتر الطائفي بين المذهبين الشيعي والسني.
(المصدر: الجزيرة)