مقالاتمقالات المنتدى

إلى أين يتجه الكيان الصهيوني بعد اضمحلال القوة الأمريكية؟

إلى أين يتجه الكيان الصهيوني بعد اضمحلال القوة الأمريكية؟

 

بقلم أ. عماد الدين عشماوي (خاص بالمنتدى)

 

أعطت الامبراطورية البريطانية التي غربت شمسها مع نهاية الحرب العالمية الثانية بنهاية النصف الأول من القرن العشرين، أعطت هذه الإمبراطورية لليهود الغربيين الذين استحالت عملية بقائهم في المجتمعات الغربية لأسباب كثيرة دولة مجانية في فلسطين تبعا لادعاءات باطلة تبنتها الامبراطورية تحقيقا لنبوءات توراتية آمن بها قياداتها ونخبها الفاعلة من جهة، ولمصالح استراتيجية متعلقة بتأمين نهب الثروات العربية وتصريف منتجات الامبراطورية في مجتمعاتنا من جهة ثانية، وتأمين طرق مواصلات قواتها وسفنها التجارية وتجارتها والوصول لمستعمراتها من جهة ثالثة.

وما إن بدأت الامبراطورية في الاضمحلال حتى توجهت الصهيونية العالمية المنظمة للكيان الاستعماري الصاعد بقوة في العالم الجديد في أمريكا الشمالية ليعضد الكيان الصهيوني وكان مؤتمر بلتيمور عام 1942 ذروة اعلان أمريكا وقوفها الواضح مع الكيان الصهيوني. ومن لحظتها وحتى اليوم يعيش الكيان الصهيوني على الدعم الرئيسي الأمريكي لبقائه واستمراره في احتلال فلسطين(لا ننسى الدعم الأوروربي والاتحاد السوفيتي وخلفه الروسي بالطبع كعوامل مساعدة)

لكن الله يعلمنا في كتابه العزيز أن الأيام دول بين خلقه، وأن ما يعمر ينكس في الخلق والتاريخ خير شاهد “قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الظالمين”، وقد رأينا بأم أعيننا في عصرنا امبراطوريات تهزم وتبيد فلا يعود لها ذكر، وقد كانت ملء السمع والبصر وملأ ظلمها الآفاق: امبراطورية النمسا ومن قبلها هولندا، والخلافة العثمانية، وبريطانيا العظمى، وفرنسا، وألمانيا النازية، ومن قبلها اليابان، والاتحاد السوفيتي، كل تلك الامبراطوريات صارت في خبر كان، وعلى الضفة الأخرى صعدت ولايات الشمال الأمريكي وتوحدت وصارت سيدة العالم بعد أن كانت مستعمرات فرنسية وانجليزية واسبانية وهولندية، وصعدت الصين بعد قرون هوان وذل وفقر وجوع وتخلف مريع، وها هي الهند والاتحاد الروسي يصعدان، في حين تبدو معالم الاضمحلال الأمريكي لكل ذي عينين، وهكذا حال الدنيا.

وها نحن اليوم نرى تقلبات السياسة العالمية، ونشاهد مجاهدات أمريكا ومحاولاتها البائسة لإيقاف تقدم الصين نحو قيادة الدنيا، ونرى الاتحاد الروسي وهو يحاول الاستيلاء على أوروبا ومناطحة أمريكا وإفشالها، وها هي الهند تعلن عودتها بقوة لصدارة الأمم بعد غياب قرون، فماذا سيفعل الكيان الصهيوني في يوم قريب تضمحل فيه القوة الأمريكية ولا تقوى على مده بأسباب الحياة، وتنشغل أوروبا التي شاخت وجفت مواردها في مشاكلها وربما بحروبها الداخلية لما تنوء به من مشاكل جمة في كافة المجالات: فإلى أي الجهات ستكون قبلة الصهاينة هل للصين أم الهند أم روسيا؟ ولماذا.؟ وكيف؟ وكيف ستتعامل أي من هذه القوى مجتمعة أو متفرقة مع هذا الكيان؟

سؤال لا ينشغل به من يدعون أنفسهم لقيادة الأمة مع أنه سؤال مصيري يتوقف عليه طبيعة العلاقات الدولية التي يجب على أي نظام سياسي يرنو لبعث الأمة من جديد ويحكمها أن يجيب عليه، لأن على أساسه ستبنى سياسته الخارجية وتحالفاته وشراكاته وعداواته وصداقاته، وعندما فتشت عن أي دراسة في هذا المجال تجيب على هذا السؤال لم أجد شيئا؟

فهل يمكن لأي مركز دراسات حقيقي للأمة ولأي حركة تتصدر لقيادة الأمة وبعثها من جديد أن تنتدب من بين رجالها وشبابها المختصين من يجيب لنا على هذا السؤال؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى