مقالاتمقالات مختارة

إسلام ضد الإسلام

إسلام ضد الإسلام

بقلم د. عماد كمال

حديثي موجه لشركاء الوطن من أعضاء التنظيمات والحركات الإسلامية عله يكون حديثا ينقل لهم بإخلاص شديد حقيقة المشهد الذي صنعوه ثم أنكروه.

من التسعينات وأنا أعيش وأعايش الحركة الإسلامية من داخلها ومن خارجها وخلاصة تجربتي أنا والعديد من الباحثين المهتمين بالتيارات الإسلامية أثمرت الوصول لحقيقة واحدة وهي أن الحركة الإسلامية أشبه بسفينة ضخمة انطلقت من مرساها ولكن لا تعرف ميناءها.

أشهد أن لديكم دوما عبقرية وروعة وحماس هائل في إبراز مشكلات المجتمع للسطح وفي نقد الواقع وفي حشد الملايين من الناس خلف فكرتكم، وفي السيطرة علي الأتباع وفي وتجنيدهم لك الفكرة ..

ولكن للأسف الشديد .. فأنه وعند الانتقال لمرحلة الفعل وإدارة التغيير: فسرعان ما تحدث الكوارث والانهيارات ويتفكك البناء وتنتشر الشظايا لتصيب مساحات هائلة من الوطن الذي أستبشر بكم خيرا ومن الجماهير التي وقفت خلفكم

لا فرق في اعتقادي بين تيار دعوي أو جهادي أو سلفي .. فدائما يحدث التخبط والتفكك في اللحظة التي يتم فيها ترجمة الشعارات وبداية توظيف هذا الحشد الهائل من الأعضاء لأجل إدارة التغيير..

كل ما أريده منك أخي المدين ألا تنظر فقط لجماعتك كإخواني أو سلفي فأنا أعلم مدى إفتتانك بتنظيمك وقياداتك وفكرتك. ولكن أريدك أن تخرج بخيالك قليلا خارج تنظيمك، ثم انظر من أعلى .. أنظر لمصر وتونس والعراق .. أنظر لسيناء وليبيا وسوريا ..

أنظر إلى داعش والقاعدة وحزب النور .. أنظر إلى نفاق وتلون أغلب ((العلماء)) .. أنظر إلى (هبل) أغلب الطرق الصوفية المحسوبة على الإسلام .. أنظر إلى نفاق وتلون إمام الحرم وشيخ الأزهر وهيئة كبار العلماء .. أنظر لتطبيل الدعاة في التلفزيون وتملقهم لنظم الحكم.

أنظر للمشهد بعيون المواطن العادي .. أنظر بدون تكبر وتجبر .. وانطق بالحق .. وأقم الشهادة لله.

هل لو كنت مواطن عادي ستثق في هؤلاء؟
هل ستصدقهم؟
هل ستتمنى أن يحكموا بلدك؟
هل ستطالب بأن يكون (إسلامهم) هو مصدر التشريع والحكم والأحكام؟

يا صديقي .. هناك مشكلة حقيقية وأزمة متفجرة داخل نفوس الناس الذين وثقوا في هذا التيار وفي مشروعه وفي شعاراته .. ثم شاهدوا قمة التخبط من بعضهم .. وقمة التلون والنفاق من بعضهم الآخر .. وقمة الدموية والقتل والحرق من بعضهم الثالث ..

الناس كفرت بالمشروع ((الإسلامي)) نفسه .. والبعض إمتد كفره للإسلام نفسه.. والجيل الجديد من أعضاء الجماعات يشعر أن ((الحلم الإسلامي)) هو مجرد وهم وأكذوبة كبرى.

لا تدفن راسك في الرمال .. وإذا كنت عجزت عن إدراك الحياة .. فعلى الأقل كن مستيقظا في لحظة الموت.

يا صديقي .. هناك حلم كبير يتبدد ومشروع هائل قد تم إغتياله بسبب الجهل والغباء والعنف والتكبر والعجز عن المراجعة والإصرار على التعالي على العالم والواقع والنظم والفنون والآداب والإصرار على ((التبشير)) ببديل إسلامي ثبت عمليا أنه وحسب فهمكم له لا يرتقي لمستوى نظم القبائل من ساكني الغابات.

للأسف.. الشباب الصغار من أعضاء تلك التيارات والجماعات الدينية يكتفون بالتفسير الصبياني المتعلق بأن سبب الفشل خارجي وناتج عن مؤامرات الآخرين .. وكأن الطبيعي أن الانتقال للفعل يكون مصحوبا دوما بحفل استقبال ينشد فيه الخصوم نشيد ((طلع البدر علينا)) ..

هذا تفسير سطحي ومقبول من هؤلاء الصغارسنا أو وزنا .. على اعتبار أن غاية مرادهم هو أن يعيشوا ((دور)) المجاهد أو السياسي ورجل الإصلاح ويمارسون نفس التطبيل الإعلامي ولكن لجماعاتهم وقياداتهم.

ولكن الأقدم والأكثر خبرة يعلمون أن المشكلة الاساسية تكمن في أن هذه التيارات الدينية تحمل من الشعارات أضعاف ما تحمل من الآليات والقدرات والإمكانات والكوادر القادرة والمدربة … ويعلمون أنها في حديثها عن تغيير البلد والعالم .. هي مجرد ظاهرة صوتية وفقاعة من الأحلام والشعارات الجوفاء وأعجز من إدارة قناة تليفزيونية أو التنسيق مع بقية الفصائل ((الإسلامية)) لإصدار مجرد بيان مشترك.

أنا ليس هدفي أن أدخل معك في مشادات أو أن أنتقدك أو ألومك على جمودك وغرورك الذي قتل حلم أمة بأكملها.. ولكن أحاول فقط أن أوقظ بداخلك بقايا إنسان متواضع وبقايا نفس لوامة قد تتحرك من مواتها فيعود العقل للعمل ويستيقظ الضمير .. وتحدث مراجعة حقيقية على أسس جديدة تعيد هذا التيار الكسير للواقع بدلا من الهجرة لدنيا الخيال.

ربما ..

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى