إسلاميو الجزائر.. ووكلاء فرنسا
بقلم محمد جربوعة
فرنسا ليست موجودة عندنا.. والموجودون أناس منا.. وهم الذين ينفذون كل مشاريع فرنسا.. وهؤلاء الوكلاء، لا تجد للإسلاميين مشكلة معهم.. بل تجدهم يصطفون معهم ويدافعون عنهم..
***
لاحظوا وجهات النظر المختلفة حول حادثة الاعتداء على (أبو جرة سلطاني).. لتدركوا أنّ الناس سرعان ما ينسون هذه القاعدة التي لا يجب نسيانها أبدا بعد اليوم.. وهي أنّ هناك عنصرية شئنا أم أبينا.. عنصرية ضد كل ما هو عربي وإسلامي، حتى ولو كان (فالصو)..
لا يهم أن أعلن التضامن مع بو جرة أو أن أدين تلك الهمجية.. كما فعل الكثيرون..
ما يهمني، هو أن أدرج هذه الحادثة في إطارها العام للصراع في الجزائر..
منذ سنوات طويلة، كثُرَ القتل في المدارس الأمريكية، وتساءل المسئولون والعلماء الاجتماعيون والمهتمون بهذه الظاهرة، قائلين: (هل وجود السلاح في يد الطلبة هو السبب؟)..وكانت النتيجة أنّ الأمر لا علاقة له بـ (وجود السلاح) بل بـ (غياب الله)..
ليس السلاح هو الذي يصنع الجريمة، فقابيل لم يكن له سلاح.. الذي يصنع الجريمة هو الحقد.. نية القتل القلبية..
والذي اعتدى على (أبو جرة) ما تجرأ على ذلك إلا لكمّ كبير من الحقد يحمله داخله، ليس لكل من كان يوما ضمن العصابة، بل لكل ما هو عربي أو إسلامي.. والدليل أن الكثير من المسئولين السابقين، شاركوا في المسيرات في فرنسا، ولم يعتد عليهم أحد..
المشكلة ليست مشكلة الحاقدين على العروبة والإسلام.. ممن لا يقر لهم قرار إلا بالطعن والانتقاص في الثوابت، في صفحاتهم وجرائدهم ورسومهم الكاريكاتيرية.. بل في الإسلاميين أنفسهم..
الإسلاميون، يمارسون نوعا من البساطة المقيتة، التي تجعلهم لا يدركون مقدار ما يحمله لهم الآخرون من الاحتقار والعداوة.. وإلا فما معنى أن يجلس الإسلاميون إلى أحزاب شاركت في التسعينيات في التأليب عليهم، في أسوأ محرقة؟
هل يعني ذلك أنّ الإسلاميين قد باعوا دماء كل الذين قتلوا ظلما من الجزائريين في أحياء بن طلحة وغيرها؟
الإسلاميون، لا وعي لهم بحقيقة الصراع.. لأنهم من ناحية يجهرون بأن عدوهم التاريخي هو (فرنسا)، لكنهم لا يعرفون من الذي تستعمله فرنسا في الجزائر لمعاداة العروبة والإسلام..
فرنسا ليست موجودة عندنا.. والموجودون أناس منا.. وهم الذين ينفذون كل مشاريع فرنسا.. وهؤلاء الوكلاء، لا تجد للإسلاميين مشكلة معهم.. بل تجدهم يصطفون معهم ويدافعون عنهم..
لهذا، يستبشر الكثير من الوطنيين اليوم بهذا الوعي الجديد، الذي لا يكتفي برفع شعار معاداة فرنسا، بل يكشف ويحاصر من تستعملهم فرنسا كأدوات في الجزائر..
أبو جرة دفع ثمن بساطته وعدم وعيه.. وسيدفع مثل ذلك أو أكثر، كل إسلامي نسيَ في لحظة (حراك) أنّ وكلاء فرنسا هم الوجه الجزائري لفرنسا..
الإسلاميون سقطوا في الامتحان في هذا الحراك، لأنهم اصطفوا مع (وكلاء فرنسا).. ليكونوا جزءا من أدواتها..
ورغم اصطفافهم هذا، فلن تسمح لهم فرنسا ولا وكلاؤها بالوصول إلى السلطة… وسيفعلون بهم ما فعله السيسي في مرسي وجماعته.. وما فعله الأرسيدي وغيره في الجبهة الإسلامية..
مَن يَأْمن الثعبان.. لا يجب أن يلوم إلا نفسه..
فهل كان أبو جرة يظن أن (وسطيته) ستشفع له؟
أبو جرة سلطاني يعرف جيدا من اعتدى عليه.. ولعله الآن يفهم جيدا لمَ اعتدوا عليه.. مع التأكيد على أنهم لم يعتدوا عليه لأنه كان يوما وزيرا أو جزءا من النظام.. لا..
(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)