بقلم محمد القيق
تتوضح الصورة يوما بعد يوم في المشهد العربي والإسلامي؛ وتكشف القدس كذبة العروبة والقومية والإسلامية تلك الشعارات التي تشدق بها كثير من زعماء وقادة وأحزاب ودول؛ وكأن الديكور والسلم للصعود والبقاء في المسرح هو القدس والقضية الفلسطينية التي باتت سوق الاستثمار الدعائي والأمني.
وطلت الثورات العربية التي وعلى الفور كانت لها ثورات مضادة أطاحت بها وأبعدت رأي الشعب فيها بالمجازر والفوضى الخلاقة، فكانت الجريمة أن بقيت دمى أطلق عليها قادة وجاؤوا بحلة جديدة عفنة مضمونا تزين نفسها بالقدس والقضية الفلسطينية وإعادة الأمل في اليمن ونصرة الشعب المنكوب في سوريا؛ وأظهروا لنا أن “الإخوان المسلمون” هم الخطر المحدق على الأمة؛ فمنهم من أطلق على الانقلاب في مصر بأنه المعجزة والخلاص ومنهم من قال بأن نهج محمد عليه السلام يطبق من قبل غلمان الخليج الجدد والكثير الكثير.
واستمرت المسرحية التي يبدو أنهم أتقنوا جيدا فيها دور الحمل الوديع للشعوب والأسد المفترس ضد الأعداء؛ وما إن جاء “ترامب” سيدا عليهم لا يحب الأقنعة ولا الديكورات ووضع الأمور في نصابها؛ حتى قال لهم: “يا من جعلتكم قادة بسياطكم ومجازركم وغطيت على فسادكم وعربدتكم وانقلابكم على رأي الشعوب وصوت الحق في فلسطين ومصر وليبيا وتونس ولجمت معكم استكمال الثورات وساهمت بالحصار للمقاومة والصوت الشعبي القوي حتى أحصد ما لأجله نصبتكم أسيادا على شعوبكم عبيدا لي”.
فهنا المفارقة؛ يتجرأ الانقلاب الدموي في مصر أن يسفه عمق القضية الفلسطينية وهي القدس ويتآمر مع آخرين ليتم الجدل؛ هل هي رام الله أم أبو ديس، لتكون حلقات المسلسل القادمة بعد أن ينتهوا واهمين من ملف القدس ملف غزة وسيناء؛ فمن باع جزره وأرضه للدولار من السهل عليه أن يكمل مشوار الخيانة لشعبه الذي ذبح إرادته واعتقل رئيسه وحجب الحرية والأمن عنه.
بينما نرى أن الذي ما زال يقف إلى جانب القدس والمقاومة وفلسطين يدفع ثمنا كل يوم بحصار وإغلاق وموت ومحاولات انقلاب على شرعيته، هو ذاك الذي أراده الشعب ونزل للشوارع يموت من أجل أن يبقيه صوتا حقيقيا له، وهذا يقودنا إلى خطورة ما تقوم به قوى الشر في المنطقة من حجب الديمقراطية وإسكات الشعب؛ فمن يتغنى بهذه الوسيلة يحجبها عن العالم العربي والإسلامي بعدة أشكال فترى زعامات مهترئة تعطي نفسها الحق في الحديث عن القدس والتنازلات وهي أصلا جاءت بانقلاب أو انتخابات صورية أو توريث استعماري أو محاصصة رخيصة فلا توجد لهم شرعية في أوطانهم.
لذا وجب علينا أن نعطي كل واحد حجمه وأن نقول للسلطان الجائر كلمة حق أن ارحل واترك الشعب يقاوم، ومن ظن أنه من خلال هذه المؤامرة الإعلامية والسياسية بكل تفاصيلها سيركّع الشعوب فهو واهم وسيفشل ومن يريد أن يبرر تقصيره أو خيانته بأن كل العرب باعوا فعليه أن يتوقف عن هذه الوقاحة؛ لأنه لو كل العالم أعطى الاحتلال القدس بينما قال الفلسطيني “لا”؛ فلن يجرؤ أحد على تغيير الحقيقة.
(المصدر: موقع بصائر)