
أيها الرماة.. لا تلقوا سلاحكم..!!
بقلم د. عمر عبدالله شلّح( خاص بالمنتدى)
( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ).. من المعارك المهمة في التاريخ الإسلامي، كانت معركة أحد.. والتي تحوّل مشهد النصر فيها، إلى هزيمة صعبة وقاسية، وربما هي الأصعب، في كل المعارك والحروب التي خاضها المسلمون الأوائل.. هذا النص من سورة آل عمران، يصف جزءً من المعركة، وخاصة في القسم الثاني منها، قسم الهزيمة التي حلّت محل النصر، والذي كان في القسم الأول من المعركة.. تعالوا نتخيل المشهد ولو قليلاً.. الرماة يغادرون الجبل، ولم يلتزموا بوصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم.. فنزلوا يجمعون الغنائم.. والنزول عن الجبل، يعنى وضع السيوف في أغمدتها، ولا قتال في تلك اللحظة.. ويعود المشركون بالكرّ على المسلمين.. وتبدأ مشاهد المعركة تتغير، خاصة تحت عنصر المفاجأة، والمباغتة الذي قام به زعيم المشركين في المعركة يومها، خالد بن الوليد قبل أن يسلم.. ونالت سيوف قريش بقسوة، من الصحابة الكرام.. وبدأت نتيجة المعركة تنحسم لصالح قريش.. ومع ضراوة القتال، وزيادة الخسائر في صفوف الصحابة، بدأ من بقي منهم بالهروب.. ” إذ تصعدون ولا تلوون على أحد “، يعنى الهروب بدون النظر للوراء، أو الاستماع لأي صوت ينادي على الهارب.. حتى وصل الأمر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ينادي عليهم بالقول ” من يبقى وله الجنة..!! “.. فكرة البقاء بجوار النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ميدان المعركة، جزاؤه الجنة.. وفي رواية أخرى في الحديث ” من يكرّ وله الجنة..”.. فما بالنا لو كان الأمر أبعد من فكرة البقاء والثبات، فأي جزاء سيكون للثابتين المقاتلين في الميدان..؟؟
موقف الرماة، يشبه إلى حد كبير كالذي يسلم سلاحه..وبعد تسليم السلاح، يباغته العدو، فيجهز عليه ويقتله.. وهذا ما يريدونه لأهل غزة.. لذلك نصرخ لأهل غزة، لا تلقوا السلاح أيها الرماة.. ولا تغادروا الجبل، ولكم الجنة..!!
بلا شك، أن الوضع في غزة، يفوق أضعاف مضاعفة لغزوة أحد، أو الأحزاب، أو تبوك.. ولكن الثبات هنا، هو عين النصر والفوز.. لأن البديل هو القضاء على غزة، مقاومة وشعباً، من أجل المضيّ في مشروعهم القبيح ” إسرائيل الكبرى “.. قد يصيبنا الغمّ تلو الغمّ.. ولكن هذا من تدبير الله لأهل غزة، كما كان تدبيره للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وصحابته الكرام.. ” لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ..”.. هذا هو تدبير الله..!!
هذا الكون له إله واحد.. وهو الله سبحانه.. ونحن نحسن الظن به.. وسُئل قديماً، كيف النجاة إذا اشتدت السهام..؟ قال: كونوا بجانب الرامي.. والله سيدبر الأمر لغزة، كما دبره لأهل أحد وما بعدها.. اللهم ثباتاً على الحق.. وغلبة في الميدان.. ونصرة على يهود.. صباحكم صباح الثبات على الجبل.. صباحكم صباح غزة.. تواصل قتالها بمعيّة الله.. فتنتصر بإذن الله.
إقرأ أيضا:الدكتور (خورشيد أحمد)، الداعية والمفكر وعالم الاقتصاد الإسلامي