مقالاتمقالات المنتدى

أوراق دستورية …. أزمة في الهوية الوطنية السورية

أوراق دستورية …. أزمة في الهوية الوطنية السورية

 بقلم د. طالب عبد الجبار الدغيم( خاص بالمنتدى)

 من أكثر المسائل التي طُرحت في الإطار الوطني السوري، وفي نقاشات المؤتمرات السياسية والجلسات الاجتماعية والحوارات الثقافية هي مسألة الهُوية، فما هو مفهوم الهُوية؟ وما هي السياقات التاريخية التي حولت الهُوية في سورية إلى أزمة اجتماعية وسياسية؟ وهل كانت الهوية فعلاً عاملاً من عوامل الإخفاق الدستوري السوري؟ وبالتالي: هل جرت محاولاتٌ لتجاوز الأزمة الهوياتية من خلال الدساتير السورية في الفترة بين 1920 ــــ 1963؟

 

1 ـــ في مفهوم الهُوية:

    هي وحدةٌ من المشاعر الداخلية التي تتمثل في التمايز، والانتماء؛ أي انتماءُ الفردِ إلى جماعةٍ دينيةٍ أو اثنية أو سياسية.

2 ــ أزمة الهُوية في السياق التاريخي الدستوري في سورية:

أ ــ الانتقال من العثمنة إلى الرابطة القومية العربية، وقد شكل الفكر القومي “العروبي” مدخلاً طبيعياً للفصل بين الرابطة العثمانية وتقاليدها “نظام الحاكمية المللية” والرابطة الغربية، ومرحلة نشوء الدولة القُطرية.

ب ـ مرحلة تشكيل أول مملكة عربية في سورية الطبيعية، حيث عقد المؤتمر السوري الأول سنة 1919. والذي أصدر أول وثيقةٍ دستورية جسدت هوية روحية تكاملية (Integration ). كان النص الدستوري الأول علماني؛ لأن المشرعون راعوا فيه أهمية الاندماج الاجتماعي القومي كرابطة هوياتية أعلى في سورية.

ج ـ مع دخول الفرنسيين سورية في 1920، أسسوا لبُنية متعددةِ الإدارات الذاتية (المناطقية والطائفية) في سورية. فمثلاً في انتخابات 1931 أعلن المندوب السامي الفرنسي مرسوماً بتوزيع المقاعد النيابية بالنسبة للدوائر الانتخابية، وللأقليات، وتبعاً له، فالبرلمان سيُشَكَل من سبعين عضواً بينهم 52 سنياً و14 من الأقليات.

د ــ برزت قوى راديكالية جديدة “يسارية” منذ الثلاثينيات، وحققت الانتصار على الهويات الطائفية بعد الاستقلال، فهي تبنت برامجَ عملٍ اجتماعي واقتصادي لتحقيق المطالب الأكثر إلحاحاً بين جميع الفئات الاجتماعية. كان أبرز واقعة دستورية هي دستور 1950، ونص على سورية جمهورية برلمانية عربية، إلا أن بعض مواد الدستور أثارت جدلاً حاداً، وبالأخص فيما يتعلق باعتبار دين الدولة الاسلام.

    

ساهمت معوقات ثلاثة في إدخال الهوية السورية في مأزق سوسيولوجي ـــ سياسي، وتعزيز المجتمع الأهلي على حساب المجتمع الوطني، وهي:

1ـــــ الخلافات الاجتماعية والفكرية بعد خروج العثمانيين من البلاد، وهو ما منع بلورة هوية واضحة للدولة الوليدة رغم كل محاولات الدستوريين الأوائل تجاوز الإشكالات الدستورية منذ 1920.

2 ــــ استغلال الاستعمار عوامل التوتر المجتمعي، وتواطئ مع المجتمعات الأهلية الممتنعة عن الاندماج في كيان وطني دستوري واحد.

3 ـــ صراعات النخب والقوى السياسية والطوائف الاجتماعية، واتجاهاتها المختلفة التي تحكمت في مسارات تشكل الدولة الوطنية في سورية خلال الفترة بين 1920 ــ 1963، وكان الصراع الهوياتي السوري يبرز في مراحل الأزمات، وفي مراحل الانتخابات والتصويت على الدساتير وخاصة دستور سورية 1928 و1959 و1963 وحتى وقتنا الحاضر.

إقرأ أيضا :سمحاويات …. تأملية

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى