مقالات مختارة

أنا الأخت المهدورة!

بقلم ليلى الاحسائي

أشعر كلما فتحت المصحف أنني مبهورة بجمال سورة القصص وتحنانِ بداياتِها وكشف الظروف المحيطة بمولد موسى إلى قرة عين والدته وأخته وامراءة فرعون به

وماتلى ذلك من تحولات ضخمة لرجل يهيأ لقيادة شعبه وإخراجهم من نير الطغيان الفرعوني

ويشدني على وجه الخصوص كيف ذهبت أخته على أثرِه باحثة عنه مع صغر سنها متعرضة للمخاطرغير آبِهة بكشف سرِّها وهويتها

فحياة أخيها هدف عاجل وماثل بين عينيها

يأسرني تلطف جارية لنساء القصر ورجاله:

هل أدلكم على من يكفله؟

هل أدلكم على أهل بيت يكلفونه لكم وهم له ناصحون

“فلم يخلق الله مثل أمك سوى أختك، اختك هي شريان نهر أمك العظيم وهي التي تراك طفلها وابنها صغرت أم كبرت فهي سندك في حياتك وذخرٌ لك بعد مماتك.”

ماسر اعجابي؟

السرد مثير وأخاذ ومدهش..

ولكن قدري في الحياة أن أعيش في صراع دائِم مع اخوتي وسوء ظنهم بالانثى وعدم تقبلهم لشخصيتها اطلاقاً

ما السبب؟

لعل تربية بعض الآباء التى لاتتوقف

عند الغلظة والشّدة فحسب

بل هي مشاعر سلبية عميقة نابعة من تبعات الشعور بالنقص الذاتي والشعور بنوع من العيب الأنثوي ولو كان في العقل الباطن ولايتم التعبير عنه بالالفاظ

عنصرية مقيتة، تجاه الجنس الذي تنتمي اليه أمك ..

الانجاز الأكبر لبعض الآباء تفريق اسرته وتشتيتها ليجعل من نفسه النموذج الأوحد بالعلو والمرجعية وقضاء الحاجات والكلمة العليا

كيف لطفولة بائسة ان تجعل من هو مصدر الأمان يعيش لينتقم من أقرب قريب! لحمة أولاده

والأعظم أن يتم تسويغ الخطأ التربوي بإسم الشريعة والعقيدة ومتطلبات العيش الرغيد

رب والدٍ يُعبُّر عن كراهيته للأنثى الغاوية بطريقة لايشعر بها ولكن اللبيب بالاشارة يفهم

وقد يجعل سوط الاتهام والشك مسلطاً على إناث عفيفات بريئات في كل موقف

ولعله يعتبر من الوجاهة والتصدر وقوة الشخصية أن يتحكم في تفصيلات حياتهن ويتدخل حتى باختيار أزواجهن

تركيبة تظن ان نتائجها لن تكون بحجم مدخلاتها السحيقة

قدرفتاةٍ إن مرِضتْ أو تعِبت أن لا تجد فيمن حولها دفء قلبٍ يشفيها

قدرها أن تعلن حاجتها وتبحث عمن يُمكِنه معونتها

قدرها أن تدق أبواب المستشارين والخبراء للبحث عن حل

وان تجتهد في اصلاح نفسها رغم أنها ترى موقفها الأسلم والأفضل

قدرها أنّها مهما وقفت معهم جحدوهاوإن استنجدت فيهم خذلوها! وإن تخلّت نفوْا الخيرية عنها

يارب اجعلنا نستشعر عظمة أروع علاقات الوجود

لِم كتب على الفراشة الوهاجة أن تقطع أجنحتها لتعيش في قهر وعجز؟

لم صارت الوردة الجميلة بلا لون ولا عطر ولا لمعان؟

هل الحل أن نحاول أن نعيش لانفسنا فقط لنعاود التحليق في سماواتِ العمر الجميل؟

هل أواعد نفسي واهمس: سأعمل لأجلي وأجلي فقط؟

يارب عونك

المصدر: الاسلام اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى