مقالاتمقالات مختارة

أكبر نصر حققه نور الدين زنكي في رمضان

بقلم د. علي محمد عودي الغامدي

نصر نور الدين محمود زنكي في معركة حارم في منتصف رمضان كسر التحالف الصليبي الرافضي، وحرم الصليبيين من احتلال مصر، ومزق القوات النصرانية الصليبية الرومية الأرمنية المشتركة، ووضع أساس الجبهة الإسلامية المتحدة، ومهد لإزالة الدولة العبيدية، وأسس لنصر حطين وفتح القدس.

•••

أكبر وأضخم نصر حققه نور الدين محمود زنكي في رمضان سنة 559 هجرية ضد الحلف الصليبي الرومي الأرمني فلولا هذا النصر الذي قدره الله تعالى على يد نور الدين لما قامت الجبهة الإسلامية المتحدة ولما تم القضاء على الدولة العبيدية ورفضها في مصر والشام.

وهذا النصر العظيم وقع في منتصف رمضان 559 في معركة حارم التي حدثت في وقت عصيب,ففي ذلك العام تدخل نور الدين في مصر بعد أن استخار الله شهرا .

فقد حدث النزاع بين شاور وضرغام داخل الدولة العبيدية على السلطة وهرب شاور بعد هزيمته الى نور الدين في الشام وطلب مساعدته لاسترداد السلطة !! .

ولكن نور الدين خاف أن تقع مصر بيد الصليبيين خصوصا وأنهم يسيطرون على فلسطين كلها ويفصلونه عنها وهم الأقرب إليها منه وإطماعهم في احتلالها مشهورة وقد وعد شاور نور الدين أن يعطيه ثلث خراج مصر إذا ساعده وان يمنح عساكره ممتلكات وأراض في مصر ولكن نور الدين تردد وظل يقدم رجلا ويؤخر أخرى.

وإزاء هذا اللبس لجأ نور الدين إلى ربه ومكث يقرأ القران ويستخير ربه شهرا كاملا كما تقول المصادر.

فعقد الله له العزم واتخذ القرار بالتدخل في مصر.

واختار نور الدين خيرة عساكره وأرسلها إلى مصر بقيادة قائده الكردي المحنك اسد الدين شيركوه الذي كان معه في تلك الحملة ابن أخيه الشاب صلاح الدين .

وصل جيش نور الدين إلى مصر وساعد شاور في القضاء على ضرغام .

ولما سيطر شاور على مصر تنكر لعهده لنور الدين وطلب من أسد الدين شيركوه مغادرة مصر , ورفض شيركوة الانسحاب وطالب شاور بتنفيذ وعده لنور الدين واستولى أسد الدين شيركوه على بلبيس شمال شرق القاهرة كي يضغط على شاور لتنفيذ وعوده .

وهنا لم يتورع شاور عن الخيانة فأرسل يستنجد بملك مملكة القدس الصليبي عموري الأول ضد جيش نور الدين فجاء عموري وحاصر شيركوه وجيشه في بلبيس.

واستشعر نور الدين الخطر على جيشه المحصور في بلبيس فبدأ يضغط على الصليبيين في الشام وارسل يستنجد بالحكام المسلمين في الموصل وحصن كيفا وغيرها.

وكان يحكم حصن كيفا في اعالي نهر دجلة فخر الدين قرأ أرسلان الارتقي الذي قال لما قرأ رسالة نور الدين قولا يعتبر شهادة بالتقوى والعبادة لنور الدين قال:-لقد تحشف نور الدين من كثرة الصوم والصلاة فأصبح يرمي بنفسه في المعارك دون خوف. واخبر أصحابه انه لن ينجد نور الدين وسيبقي في بلاده بعيدا.

وفي صبيحة اليوم التالي سمع أصحابه مناديه ينادي بالخروج للجهاد مع نور الدين فجاءوا إليه وقالوا: ما عدا مما بدا تركناك على حال بالأمس نرى الآن ضدها.

فقال ان نور الدين استعمل معي طريقا إن لم انجده خرجت البلاد من يدي فقد أرسل إلى العلماء والعباد يحثهم على الدعوة للجهاد فأصبحوا يدعون عليه وتلقى نور الدين النجدات من هذا الأمير ومن الموصل ومن ديار بكر وغيرها من مناطق الجزيرة الواقعة بين نهري دجلة والفرات .

أما الصليبيون فتحالفوا مع الروم والأرمن وشكلوا جيشا نصرانيا متحدا يزيد عن 30 ألف مقاتل وكان من أشهر قادة التحالف النصراني الأمراء بوهمند الثالث أمير انطاكية, وريموند الثالث أمير طرابلس, والدوك قسطنطين كولومان قائد الروم في جنوب جبال طوروس وجوسلين 3,وثوروس الارمني وغيرهم

وتمكن نور الدين بفضل الخطة الرائعة التي وضعها من تطويق الجيوش النصرانية عند حارم في منتصف رمضان سنة 559 هجرية وانزل بها هزيمة ساحقة ماحقة وكان عدد قتلى النصارى يزيد عن 10 ألاف قتيل ووقع من بقي حيا في اسر المسلمين بما فيهم أميري أنطاكية وطرابلس وقائد الروم وجوسلين الثالث .

ولم ينج إلا القليل من الفارين ومنهم الأمير ثوروس الارمني الذي فر إلى جبال قيليقة وغنم المسلمون بقيادة نور الدين كل ما كان مع العدو من أسلحة ومؤن واستغل نور الدين النصر على الفور وسار بقواته إلى الجولان واسترد عاصمتها بانياس في أواخر رمضان سنة559هجرية وتعتبر بانياس مفتاح القدس.

ولما سمع عموري ملك بيت المقدس بهزيمة قومه أمام نور الدين اتصل بشيركوه داخل بلبيس واتفق معه على فك الحصار عنه على أن ينسحب الجانبان عن مصر وعاد عموري إلى الشام لترميم ما أصاب الصليبيين من دمار وافتداء الأسرى الذين وقعوا في اسر نور الدين. أما مصر فسوف يفوز بها نور الدين بعد 4 سنوات.

ولم يطلق نور الدين الأمراء الصليبيين وحلفائهم إلا مقابل فدية ضخمة بلغت 600 ألف دينار ذهب. وكان نور الدين قد أبطل الضرائب التي تبلغ مليون درهم وكان ذلك الأبطال قبل معركة حارم بسنوات وذلك خوفا من الله وورعا. فعوضه بأضعاف تلك الضرائب الملغاة بهذا المبلغ الكبير الذي استغله على أحسن وجه فقد بنى به عشرات المدارس في بلاده لتعليم النشء العقيدة الصحيحة والقضاء على عقائد الرفض التي عمت بلاد الشام زمن العبيديين وعين المدرسين في تلك المدارس على المذاهب السنية الأربعة: الشافعية والحنبلية والحنفية والمالكية وهذا النصر الذي حققه نور الدين في رمضان هو أكبر انتصاراته.

(المصدر: مجلة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى