مقالاتمقالات مختارة

أسئلة الشباب المحيرة … والمجتمع المتكلس!

أسئلة الشباب المحيرة … والمجتمع المتكلس!

بقلم د. محمد العوضي

في إحدى زياراتي لدولة عربية، استضافني شباب محب للثقافة والقراءة، وقالوا: «لدينا أسئلة جريئة، تحتاج إلى إجابة، وسعة بال منك، وكنا ننتظرك بشوق».
وبعد حوارماتع، قلت لهم: «يا شباب، أسئلتكم معقولة، وطبيعية، وجميلة، ومتداولة، قديماً وحديثاً. وما في داعي تنتظروني، عندكم من المتخصصين والباحثين، والمفكرين والأكاديميين والعلماء، من يجيب عنها وبسهولة».
قالوا: «يا دكتور أنت تتكلم جد، أنت تمزح؟!… الموضوع ليس بهذه البساطة، نخاف أن نسألها»!
قلت: «بالعكس أسئلتكم عادية، ليش الخوف؟!».
قالوا: «عادية عندك دكتور، والله لو نسألها لبعض من عندنا؛ أهلنا أو مدرسينا أو مشايخنا، أو حتى ربعنا، يمكن قبل ما نكمل السؤال يكفروننا، أو يضللوننا، أو يحذرون منا، ويطردوننا!».
هذا اللقاء الذي مرت عليه سنوات، وغيره من الحوارات الشبابية المشابهة في بلدان عربية متعددة، والتي انتهت بالانطباع نفسه الذي خرجت به، وهو أن لدى أبنائنا وبناتنا رهبة من الإفصاح عن تساؤلاتهم، وربما شكوكهم غير النمطية، والجريئة، في ما يخص أصول الدين.
وتوقفت عند هذه الإشكالية محاولا فهمها وتساءلت: «هل فعلاً الناس يخافون أن يسألوا؟… ومن أين تولد هذا الخوف؟».
لعل العقل الجمعي عندنا يعزز ثقافة الخوف من هذه النوعية من الأسئلة!
فالخوف في مجتمعاتنا متوارث. الخوف من ردة الفعل! الخوف من تكرر تجارب مخيبة حصلت لرفاقهم في بيوتهم، أو مع محيطهم الاجتماعي. كما أن هناك خوفاً ليس بمعنى الجبن، وإنما لعدم الثقة والشك من القدرات الاستيعابية لمتلقي أسئلتهم، وعدم إدراك المسؤولين لأبعاد استفهاماتهم الكثيرة!
فيتم التعامل معهم بطريقة قاصرة!
وأحياناً، قد يكون خوف الشباب من الأسئلة نتيجة لفهم ديني سائد يكرس التسليم والإذعان وتحريم التساؤلات التي تخص ثوابت الدين وقواعده وتأثيم سائليها!
لكل هذا، ولأجل شبابنا، كان لا بد من فتح هذا الملف، ومن هنا قام مركز «رواسخ» في الكويت من أجل التعاطي مع أسئلة الأجيال المحيرة علمياً ومنهجياً.
وللحديث بقية.

(المصدر: مجلة الراي الالكترونية)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى