مقالاتمقالات المنتدى

أخلاق حذر منها القرآن الكريم (منشأها وطرق علاجها)

أخلاق حذر منها القرآن الكريم (منشأها وطرق علاجها)

 

بقلم د. علي محمد الصلابي (خاص بالمنتدى)

 

يرى بعض العلماء: أنَّ الأخلاق الذميمة بناؤها على أربعة أركان: الجهل، والظلم، والشهوة، والغضب. ومن هذه الأخلاق تنشأ جميع الأخلاق السيئة. ويوضِّح ابن القيم ـ رحمه الله ـ ذلك فيقول:

(ومنشأ جميع الأخلاق السافلة، وبناؤها على أربعة أركان: الجهل، والظلم، والشهوة، والغضب).

فالجهل يريه الحسن في صورة القبيح، والقبيح في صورة الحسن، والكمال نقصاً، والنقص كمالاً.

والظلم يحمله على وضع الشيء في غير موضعه، فيغضب في موضع الرضا، ويرضى في موضع الغضب، ويعجل في موضع الأناة، ويبخل في موضع البذل، ويبذل في موضع البخل، ويحجم في موضع الإقدام، ويقدم في موضع الإحجام، ويلين في موضع الشدة، ويشتدُّ في موضع اللين، ويتواضع في موضع العزة، ويتكبر في موضع التواضع.

والشهوة تحمله على الحرص، والشح، والبخل، وعدم العفة، والنهمة، والجشع، والذل، والدناءات كلها.

والغضب يحمله على الكبر، والحقد، والحسد، والعدوان، والسفه.

ويتركب من بين كل خلقين من هذه الأخلاق أخلاق مذمومة، وملاك هذه الأربعة أصلان: إفراط النفس في الضعف، وإفراطها في القوة، فيتولد من إفراطها في الضعف: المهانة، والبخل، والخسة، واللؤم، والذل، والحرص، والشح، وسفاسف الأمور والأخلاق، ويتولد من إفراطها في القوة: الظلم، والغضب، والحدة، والفحش، والطيش.

فالأخلاق الذميمة: يولِّد بعضها بعضاً، كما أنَّ الأخلاق الحميدة يولد بعضها بعضاً (تهذيب مدارج السالكين (2/ 659). وهذا كلام نفيس، وفهم بليغ، يدل على فهم صاحبه لكتاب الله وسنة نبيه (ص).

ومن الأخلاق السيئة التي نهى القرآن عنها:

1 ـ الظلم:

إنَّ المسلم الذي رضي بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبيّاً ورسولاً لا يرضى لنفسه أن يكون ظالماً، ولا يقبل الظلم من أحد.

قال تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ *مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ *وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ *وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ *}[إبراهيم: 42 ـ 45].

وقال تعالى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ}[الشورى: 42].

وقال تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ *}[الشعراء: 227].

وجاءت الأحاديث النبوية في الترهيب من الظلم بأنواعه الثلاثة:

عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال، قال رسول الله (ص): «ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر».

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي (ص) قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه في مال، أو عرض؛ فليأته فليتحلَّلْهُ منها، فإنه ليس ثَـمَّ دينار، ولا درهم من قبل أن يؤخذ من حسناته، فإن لم تكن له حسنات؛ أخذت من سيئات صاحبه فطرحت عليه».

وعن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ عن النبي (ص) قال: «إن الله ليملي للظالم، فإذا أخذه؛ لم يفلته»، ثم تلا: {وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [هود: 102].

وذكر العلماء: أنَّ أنواع الظلم ثلاثة، هي:

1 ـ ظلم العبد لربه، وذلك يكون بالكفر به تعالى. قال سبحانه: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ *}[البقرة: 254].

ويكون بالشرك في عبادته تعالى بأن يصرف بعض عباداته إلى غيره. قال سبحانه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ *}[لقمان: 13].

2 ـ ظلم العبد لغيره من عباد الله، ومخلوقاته، وذلك بأذيتهم في أعراضهم، أو أبدانهم، أو أموالهم بغير حق.

قال (ص): «كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه».

3 ـ ظلم العبد نفسه، وذلك بتدسيتها وتلويثها باثار أنواع الذنوب، والجرائم، والسيئات من معاصي الله ورسوله. قال تعالى: {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ *}[البقرة: 57].

فمرتكب الكبيرة من الإثم، والفواحش هو ظالم لنفسه؛ إذ عرضها لما يؤثر فيها من الخبث، والظلمة، فتصبح به أهلاً للعنة الله، والبعد منه.

ومن وسطيَّة القرآن ترهيب الناس من ارتكاب الظلم بأنواعه، وبيان عاقبة الظَّلَمَةِ ومصيرهم الحتمي في الدنيا والاخرة بضرب أمثلة للشعوب، والأمم، والأفراد الذين انغمسوا في مستنقع الظلم الاسن، وكيف كان مالهم، ومرجعهم، وحث القرآن الكريم عباده المؤمنين على ترك الظلم بأنواعه، والابتعاد عنه، والرجوع، والتوبة، والإنابة إلى الله تعالى، بل حذر القرآن الكريم عباده المتقين من الدخول على الظلمة، ومخالطتهم، والركون إليهم.

قال تعالى: {وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ } فيصيبكم لفحها: { وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} أي: ما لكم من مانع يمنعكم من عذاب الله: {ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ *} [هود: 113] تمنعون من عذابه.

2 ـ ذم خلق الكبرياء:

ومن وسطيَّة القرآن ذمُّ الأخلاق السيئة، وحثُّ الناس على تركها، وتخويفهم من فعلها، ومن أمثلة الأخلاق التي حذر القرآن من فعلها الكبرياء، وجعلها رذيلة من الرذائل الاجتماعية لكونها تغرس الفرقة، والعداوة بين الأفراد، فتقضي على التعاون والمحبة بينهم.

والكبرياء لا تصرفنا عن محبة بعضنا البعض فقط، بل وتجعل إصلاح بعضنا لبعض أمراً عسيراً، وذلك بتعامي المتكبر عن نقائصه وعيوبه، وتقدير نفسه فوق قدرها، وصم أذنيه عن سماع كل حديث فيه نقد بناء لشخصه، ويفرح لكل حديث فيه مدح، وتملق من مادحيه ؛ لأن من أعجبته نفسه أبى أن يسمع النصيحة من غيره، فيكون ذلك حائلاً بينه وبين الاستفادة من علم العلماء، واقتباس الفضيلة من الفضلاء، فينزل إلى هوة من الجهل والضلال.

لهذا كان من سنة الله أن صرف قلوب المتكبرين عن سماع ما أنزله على رسله من البينات والهدى؛ لأن هؤلاء المتكبرين كتب الله عليهم الضلالة التي تؤدي بهم إلى غضبه، وذلك من جراء كبريائهم. قال تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَ يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً}[الأعراف: 146].

والقرآن يخبرنا: أن المستكبرين كانوا أشد الناس عصياناً لدعوة الرسل ؛ لهذا حكى الله عن قوم نبيه صالح، عليه السلام، فقال تعالى: {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ *}[الأعراف: 75  ـ 76].

وهؤلاء قوم عاد استكبروا عن سماع هداية الله، فكان جزاؤهم العذاب الأليم في الدنيا، والاخرة، قال تعالى: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ *فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لاَ يُنْصَرُونَ *}[فصلت: 15 ـ 16].

لهذا توعَّد الله المتكبرين بالعذاب الأليم في الاخرة، فقال سبحانه: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ*} [الزمر: 60] أي: أليست النار كافية لهم سجناً ، وموئلاً بسبب تكبرهم؟!

ولنتساءل بماذا يفتخر المتكبر؟ هل بملاحته، وقوته؟ إنَّ الجمال يزول، وأقل مرض يضعفه، وكل يوم يفعل الزمان فعله بجسده إلى أن يصبح بعد سنِّ الشباب موضع الضعف، والهرم، وإن تباهى بماله، وغناه، فليعلمن:

أنّ الموت لا يفرق بين الغني والفقير، وأنَّ الإنسان سيترك كل ما يملك إلى غيره ؛ لهذا جاءت وصايا القرآن تنهى عن الاختيال.

قال تعالى: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً *} [الإسراء: 37] أي: لا تمشِ متبختراً كمشي الجبارين، فإنك لن تخرق الأرض بمشيك، وشدة وطئك، ومهما شمخت بأنفك؛ فلن تبلغ الجبال ارتفاعاً.

ويقول تعالى في النهي عن التكبر: {وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ *}[لقمان:18].

أي: لا تعرض عنهم بوجهك إذا كلمتهم أو كلموك احتقاراً لهم، واستكباراً. والأحاديث في ذم خلق الكبر كثيرة، فعن النبي (ص) قال: «ألا أخبركم بأهل الجنة؟! كلُّ ضعيف متضاعف، لو أقسم على الله لأبره. ألا أخبركم بأهل النار؟! كلُّ عتلِّ جوَّاظ مستكبر».

وأشد الكبر الذي فيه من يتكبر على العباد بعلمه، ويتعاظم في نفسه بفضيلته، فإنَّ هذا لم ينفعه علمه، ومن طلب العلم للفخر، والرياسة، وبطر المسلمين؛ فهذا من أكبر الكبر، ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرَّةٍ من كبر.

3 ـ ذم خلق العجب والغرور:

ومن وسطيَّة القرآن في باب الأخلاق ذمُّ خُلُق العجب والغرور، والنهي عنهما، ولذلك تجد المسلم الصادق المخلص يَحْذَر على نفسه وإخوانه من العجب والغرور، ويجتهد أّلا يكونا وصفاً له في حالة من الحالات؛ إذ هما من أكبر العوائق عن الكمال، ومن أعظم المهالك في الحال والمال، فكم من نعمة انقلبت بهما نقمة، وكم من عز صيراه ذلاً، وكم من قوة أحالاها ضعفاً، فكفى بهما داءً عضالاً، وكفى بهما على صاحبهما وبالاً، فلذا حذرهما المسلم وخافهما، ولهذا جاء القرآن الكريم بتحريمهما، بالتحذير، والتنفير منهما. قال الله تعالى: {وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ *}[الحديد:14].

وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ *}[الانفطار:6].

وقال تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا}[التوبة: 25].

والأمثلة في ذلك كثيرة منها:

1 ـ أعجب إبليس ـ لعنه الله ـ بحاله، واغترَّ بنفسه وأصله، فقال: خلقتني من نار وخلقته من طين؟ فطرده الله من رحمته، ومن أنس حضرة قدسه.

2 ـ أعجبت عاد بقوتها، واغترَّت بسلطانها، وقالوا: من أشد منا قوة؟ فأذاقهم الله عذاب الخزي في الحياة الدنيا وفي الاخرة.

3 ـ أعجب أصحاب رسول الله (ص) في حنين بكثرتهم، وقالوا: لن نغلب اليوم من قلة، فأصيبوا بهزيمة مريرة؛ حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ثم ولوا مدبرين. (منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري، 244)

ومظاهر الغرور والعجب كثيرة ومتنوعة منها:

1 ـ العلم: قد يعجب المرء بعلمه، ويغترُّ بكثرة معارفه، فيحمله ذلك على عدم الاستزادة، وعلى ترك الاستفادة، أو يحمله على احتقار غيره من أهل العلم، واستصغار سواه، وكفى بذلك هلاكاً له.

2 ـ في المال: قد يعجب المرء بوفرة ماله، ويغترُّ بكثرة عرضه، فيبذِّر، ويسرف، ويتعالى على الخلق، ويغمط الحق، فيهلك.

3 ـ في القوة: قد يعجب المرء بقوته، ويغتر بعزة سلطانه، فيعتدي، ويظلم، ويقامر، ويخاطر، فيكون في ذلك هلاكه، ووباله.

4 ـ في الشرف: قد يعجب المرء بشرفه، ويغتر بنسبه وأصله، فيقعد عن اكتساب المعالي، ويضعف عن طلب الكمالات، فيبطأئ به عمله، ولم يسرع به نسبه، فيحقر، ويصغر، ويذل، ويهون.

5 ـ في العبادة: قد يعجب المرء بعمله، ويغترُّ بكثرة طاعته، فيحمله ذلك على الإدلال على ربه، والامتنان على منعمه، فيحبط عمله، ويهلك بعجبه، ويشقى باغتراره.

وعلاج هذا الداء في ذكر الله تعالى، وعلْم العبد بأنَّ ما أعطاه الله اليوم من علم، أو مال، أو قوة، أو عزة، أو شرف قد يسلبه غداً لو شاء ذلك، وأنَّ طاعة العبد للرب مهما كثرت لا تساوي بعض ما أنعم الله

على عبده، وأنَّ الله تعالى لا يُدَلُّ عليه بشيء ؛ إذ هو مصدر كلِّ فضل، وواهب كلِّ خير. (منهاج المسلم (245)

قال تعالى: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}[لقمان:20].

وبهذا نكتفي بضرب الأمثلة في الأخلاق السيئة، وبيان: أن الله نهى عنها في كتابه، وأمر الناس بالابتعاد عنها. وما بينته باختصار موجز على سبيل المثال لا على سبيل الحصر.

إنَّ وسطيَّة القرآن في باب الأخلاق تتضح في ذمِّه، وتحقيره، وتنفيره من الأخلاق السيئة، وسلط على هذه الأخلاق السيئة قوى النفس، والاعتقاد، وأطلق عليها أيضاً قوى الأمة والسلطة لمطاردة الأخلاق السيئة، ومنعها بالحكمة والموعظة الحسنة، وبقوة السلطان الذي خوَّله الله صلاحيات في ذلك للقضاء على كل خلق ذميم، من خيانة، وغدر، واستبداد، وظلم، وكذب، وشهادة زور، وإسراف، وفحش، وكبر وغرور، وفخر، ورياء، وبطر، وهمز، ولمز، وبخل… إلخ. (المنهاج القرآني في التشريع (417)

إن المرء ليعجب من وسطيَّة القرآن في باب الأخلاق: كيف ضمَّ القرآن كل هذه الأخلاق من حسنها، وقبيحها، وكيف رغب في حسنها، ورهَّب في قبيحها على وجه من التفصيل وكأنَّ غرضه الوحيد هو هذا الباب من كثرة ما أبرزها، وصرَّف فيها القول، وضرب فيها الأمثال.

_________________________________________________________

المصدر:

علي محمد الصلابي، الوسطية في القرآن الكريم، ص 441- 444.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى